إنه جرس إنذار يجب أن يقض مضجع "الحمدين"؛ أن تقوم إسرائيل بكشف خفايا تلك العلاقة الحميمة
لافت للنظر تسارع وتيرة «الفضائح القطرية»، وكان صندوق البندوره قد فتح فجأة وأخرج الحاوي منه جميع الشرور المختبئة منذ عام 1996 إلى اليوم، فهناك تضافر «دولي» اليوم لكشف الدور القطري في التآمر، ليس على العالم العربي فحسب، بل في جميع أنحاء المعمورة، ولو كنت مكان المسؤولين القطريين لشعرت بالقلق من تسريبات حلفائي أكثر من تسريبات خصومي، فالدائرة تضيق عليهم والحبل يلتف بسبب تلك التسريبات التي بدأت تنتشر كالنار في الهشيم!
المكالمة الهاتفية التي أذاعتها البحرين وعرضتها معظم القنوات العربية والأجنبية التي جرت بين حمد بن جاسم رئيس وزراء قطر السابق مع المدعو علي سلمان رئيس جمعية «الوفاق» المنحلة، بينت الدور القطري المتآمر على البحرين أثناء محاولة الانقلاب على الدستور التي قادتها تلك الجمعية. أوضحت المكالمة كيف كان حمد بن جاسم يقدم كل أنواع الدعم والوساطة بين جانب أميركي داعم لتلك الجمعية إبان العهد الأوبامي، فكان الثلاثي (قطر وجمعية الوفاق وجانب من الإدارة الأمريكية السابقة) يضغطون بشدة لعدم دخول قوات «درع الجزيرة» للبحرين.
كما نشرت البحرين كذلك أدلة أخرى تبيّن الدعم المالي الذي كانت قطر تقدمه للمجموعات الإرهابية في البحرين في صورة شيكات وتحويلات مالية، أما عن دور قناة «الجزيرة» فقد بينتها المكالمة المسربة بين مستشار أمير قطر السابق (العطية) وأحد أعضاء «الوفاق» الذي قدم كل أنواع الدعم الإعلامي للإرهابيين بالتحريض والتشجيع الذي عرضه مستشار الأمير، كي «تسيل الدماء»، كما قال له عضو «الوفاق»، وأبدى العطية استعداد قناة «الجزيرة» لنقل تلك الصورة!
ومثلما نشرت البحرين الأدلة التي تفضح دور الحمدين، فضحت كذلك وثائق «ويكيليكس» مؤخراً الدور الذي قامت به قطر لتقويض أمن مصر الذي أسفر عن مقتل عشرات الجنود المصريين والمدنيين ورجال الأمن فيها، فما نشرته صحيفة «الجارديان» البريطانية ونقلته جميع وسائل الإعلام عن الوثيقتين وحملت الأولى رقم 432 بتاريخ 1 يوليو (تموز) 2009، وصفاً للقاء الذي استغرق 50 دقيقة بين الشيخ حمد بن جاسم وقناة «الجزيرة» مع السفير الأمريكي، والذي أسهب فيه بن جاسم عن السياسة الخارجية القطرية في عدد من الموضوعات بما فيها المصالحة الفلسطينية و«عملية السلام» ولم يدّخر جهداً في شن هجوم شرس على مصر وسياساتها بشكل مباشر وغير مباشر في لحظات أخرى، وقام السفير الأمريكي بتحليل اللقاء، وأشار في مجمل تحليله إلى كون «الجزيرة» أداة في يد القطريين يستخدمونها كيفما يشاءون لخدمة مصالحهم.
وكذلك ما جاء في الوثيقة الثانية التي حملت رقم 677 بتاريخ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2009 التي حملت تقييماً شاملاً أعدته الأقسام المختلفة بالسفارة الأمريكية كل في اختصاصه حول قطر، وتطرق التقييم إلى دور قناة «الجزيرة» في منظومة السياسة القطرية وتحليل توجهات الشبكة منذ تولي الرئيس أوباما مقاليد السلطة في واشنطن، وأشارت الوثيقة إلى أن تغطية «الجزيرة» أصبحت أكثر إيجابية تجاه الولايات المتحدة، وفي الوقت نفسه يؤكد التقييم بقاء «الجزيرة» أداة للسياسة الخارجية القطرية لم يكن تسريباً عبثياً بريئاً، كان ورقة يملكها صاحبها وأخرجها في الوقت الذي أرادوا فيه إخراج اللاعب الغبي الذي أفسد الطبخة بجشعه.
ما يجب أن يقلق «الحمدين» ليس انكشاف دورهما في التآمر على إسقاط الأنظمة العربية، ما يجب أن يقلقهما هو السماح لانكشاف خبايا العلاقة الإسرائيلية-القطرية، إنه جرس إنذار يجب أن يقض مضجع الحمدين أن تقوم إسرائيل بكشف خفايا تلك العلاقة الحميمة، وكان هناك من يريد أن ينهيها بفضحها!!
فإسرائيل بدأت بالكشف عن تلك الخبايا على يد سامي ريفيل أول إسرائيلي مدير للمكتب التجاري في الدوحة في كتابه «قطر - إسرائيل - ملف العلاقات السرية» الذي بين أن العلاقات بدأت في الحال بعد تولي حمد بن خليفة الحكم من بعد الانقلاب على أبيه، فالانقلاب حدث في يونيو (حزيران) 1995 ووقعت قطر وإسرائيل اتفاقية الغاز في أكتوبر (تشرين الأول) من العام نفسه بعد ثلاثة أشهر فقط، وبعدها بعدة أشهر فتحت إسرائيل مكتبها التجاري في الدوحة في 1996 متزامناً مع افتتاح قناة الجزيرة في نوفمبر 1996، ليتضح الدور الذي تبرع به حمد بن خليفة لخدمة إسرائيل.
وما كشفته «الديلي تلجراف» لا يقل خطورة عما كشفته «الجارديان» حول ضلوع قطر في تهريب ثلاثة إرهابيين مطلوبين للولايات المتحدة وما قاله جوليان أسانج، مؤسس موقع «ويكيليكس» من أن لديه 7 وثائق عن قطر نشر منها 5 وثائق، وحجب وثيقتين بعد تفاوض قطر مع إدارة الموقع التي طلبت مبالغ ضخمة حتى لا يتم النشر لما تحويه من معلومات خطيرة عن لقاءات مع مسؤولين «إسرائيليين» وأمريكيين، وأن هذه اللقاءات كلها للتحريض ضد مصر وشعبها.
حتى باكستان أظهرت وثائق تدين حمد بن جاسم في محاكمة نواز شريف، وأخرى تشير إلى المال القطري في حملة ساركوزي للانتخابات الرئاسية الفرنسية... من بقي؟
سلسلة الفضائح تتدفق، ما يدفع إعلام «الحمدين» للجنون لعدم قدرته على صدها، إنما يبدو أن الورقة احترقت واتضح كل شيء.
نقلا عن "الشرق الأوسط"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة