مساعدات قطرية للبنان.. يد تسلح وأخرى تتستر
نظام الحمدين دائماً ما يتشدق بدعم الدول في العلن ويعمل على تدميرها في الخفاء
في محاولة لحفظ ماء الوجه وتحفيف حدة الغضب العارم لدى اللبنانيين من تمويلات الدوحة للمليشيات الإرهابية في بلادهم، أعلنت قطر عن مساعدات إلى بيروت إلا أنها قوبلت برفض شعبي واسع.
نظام الحمدين وأتباعه يحاولون تغطية شمس الحقيقة بغربال أكاذيبهم، غافلين عن وضوح البصمات التي تؤكد تورط ذلك النظام المتلون في صناعة الإرهاب.
نظام دائماً ما يتشدق بدعم الدول في العلن ويعمل على تدميرها في الخفاء، نظام يستخدم أموال الشعب القطري في تشكيل شريان الإرهاب عبر أياديه السوداء التي عاثت في المنطقة عبثاً وفساداً وخراباً ودماراً.
وتحاول الدوحة عبر المساعدات التغطية على جرائم دعمها لمليشيا حزب الله المتهم الأول في الانفجار الذي جاء قبل 3 أيام من صدور حكم المحكمة الدولية الخاصة بقضية اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري الذي كان مقررا إعلانه غدا الجمعة قبل تأجيله على خلفية التفجير.
وكان من المقرر إصدار الحكم في محاكمة الرجال الأربعة التابعين لحزب الله في تفجير بيروت عام 2005، والذي أودى بحياة الحريري قبل تأجيله إلى 18 من الشهر الجاري.
وشهد لبنان الثلاثاء 4 أغسطس/آب الجاري انفجارا هائلا ناجما عن اشتعال 2750 طنا من مادة نترات الأمونيوم (يعادل 1800 طن من مادة "TNT" شديدة الانفجار) في مرفأ بيروت، ما أسفر عن مقتل 135 شخصا وإصابة أربعة آلاف آخرين، وإلحاق الضرر بنصف العاصمة وتشريد أكثر من 300 ألف شخص.
انفجار "الثلاثاء الأسود" أطلق عليه "هيروشيما بيروت"، نظرا لفداحته وشكل سحابة الفطر التي خلفها والدمار الذي لحق به، ما شبهه كثيرون بأنه يضاهي تفجير قنبلة نووية، ما دفع دول العالم إلى الإسراع في تقديم يد العون والمساعدة للبنان والإعراب عن تضامنها معه في هذه الفاجعة التي هزت أرجاء العاصمة.
ورغم فرضية أن الانفجار كان "عرضيا" فإن ذلك لم يبرئ حزب الله اللبناني أو يخلِ مسؤوليته عن الحادث، في ظل الحديث عن أنشطته المشبوهة في مرفأ بيروت وحوادثه السابقة المرتبطة بنفس المادة المتسببة في الفاجعة، وكذلك لغز عدم اتخاذ الإجراءات اللازمة حيال هذه الكمية الهائلة من نترات الأمونيوم الموجودة منذ 2013 رغم مطالبات عدة بإعادة تصديرها والتخلص منها.
شو إعلامي
وكما يقول المثل المصري "يقتل القتيل ويسير في جنازته"، سعت قطر للشو الإعلامي ومزاعم العمل الإنساني، بالإعلان عن مساعدات إلى لبنان التي يتهمها شعبها بأنها الممول الرئيسي للإرهاب في بلادهم.
وبين الحين والآخر، تعلن الدوحة عن بعض المساعدات في محاولة منها لتخفيف وطأة الضغوط الدولية عليها والاتهامات المتلاحقة بدعم التطرف والتنظيمات الإرهابية في مختلف دول العالم.
رفض شعبي
وفي مقطع مصور لاقى تجاوبا كبيرا على منصات التواصل الاجتماعي، رفض شاب لبناني أي مساعدات من دول قطر وتركيا وإيران، موضحا أنها لا تذهب إلى الشعب اللبناني وإنما وترسل إلى ضرر الشعوب، على النقيض من معونات بقية الدول العربية التى وصلت بالفعل إلى بيروت.
وقال الشاب، خلال الفيديو، : "في ظل تلك الأحداث، علمت أن أول من عرض المساعدة هم القطريون والإيرانيون والأتراك طبعا بصورة شكلية، على جانب آخر فإن المستشفيات الميدانية السعودية والمساعدات الإماراتية وصلت إلى الشعب دون صخب".
مساعدات مشبوهة
وأضاف:"الشاهد في الموضوع أن من يعتقد في المساعدات القطرية، فليتذكر الصومال وكيف توصل الشاحنات بها أسلحة لصالح جماعة بوكو حرام، قطر ما تودى مساعدات إلى وجه الله، ولكن ترسلها لضرر الشعوب لكى تمول أي إرهاب فيها".
وتابع: "أنا بلسان كل لبنانى شريف بقولكم شكرا ما بدناش (لا نريد) مساعدتكم، أي مساعدة منكم بتكون مسمومة، يكفينا دول الرباعى العربى السعودية ومصر والإمارات والبحرين".
تمويل حزب الله
لا تزال فصول تمويل قطر لحزب الله الإرهابي اللبناني تتكشف مع مرور الأيام، فبعد أن كان المتورطين الرئيسيين في القصة غير معروفين، ظهرت أسماؤهم ومناصبهم، لتتضح جوانب القضية أكثر وأكثر، وسط مطالبات أوروبية بعقاب قطر.
وفي تصريحات صحفية لموقع "فوكس نيوز" الأمريكي، قال العميل السابق لعدد من أجهزة الاستخبارات الغربية، جايسون جي، إن عضوا بالعائلة الحاكمة في قطر هو من سمح بمنح أسلحة إلى حزب الله الذي تصنفه الولايات المتحدة منظمة إرهابية.
ويملك جايسون ملف وثائق يثبت تمويل قطر لحزب الله، حصل عليه إبان عمله في الدوحة كعميل سري لأحد أجهزة الاستخبارات الغربية.
ويتضمن الملف معلومات عن صفقة سلاح اشترتها شركة قطرية من أوروبا الشرقية، لصالح حزب الله.
ويوثق الملف أيضا الدور الذي لعبه عضو العائلة الحاكمة في قطر، في مخطط تمويل حزب الله منذ عام 2017، وفق فوكس نيوز.
و"جايسون جي" هو عميل استخبارات سابق، يملك في الوقت الحالي شركة مقاولات في ألمانيا، وسبق له العمل في العديد من أجهزة الاستخبارات العالمية، وخدم في جهاز استخباراتي غربي قوي لمدة 16 عاما.
كما أنه خدم في الفترة بين 2016 و2017 كعميل سري لأحد أجهزة الاستخبارات الغربية، في قطر، حيث تولى جمع المعلومات عن نشاط الدوحة في تمويل التنظيمات الإرهابية.
وكانت صحيفة دي تسايت الألمانية، أول من كشف فضيحة تمويل قطر لحزب الله، وذكرت أن الملف الذي بحوزة جايسون يضم معلومات عن تبرعات بمبالغ طائلة جمعتها مؤسسة قطرية، بمعرفة مسؤولين كبار في الحكومة القطرية، وذهبت إلى حزب الله في لبنان.
في المقابل، أوضح موقع فوكس نيوز نقلا عن الملف نفسه، أن جمعيتين قطريتين تعملان تحت غطاء الأعمال الخيرية، هما جمعية الشيخ عيد بن محمد الثاني الخيرية ومؤسسة التعليم فوق الجميع، منحا أموالا لحزب الله تحت غطاء "الطعام والدواء".
وكانت صحيفة دي تسايت ذكرت أن شركة علاقات عامة ألمانية خاضت منذ نهاية 2017، جهود وساطة بين جايسون وقطر، التقى خلالها العميل الاستخباراتي مع دبلوماسي قطري كبير في 6 اجتماعات في بروكسل، من أجل تسوية الأمر، وإعادة ملف الوثائق إلى الدوحة.
لكن "فوكس نيوز" كشف هوية الدبلوماسي القطري، وهو عبد الرحمن بن محمد سليمان الخليفي، سفير قطر في بلجيكا.
ولفت الموقع الأمريكي إلى أن "الخليفي حاول شراء صمت جايسون مقابل 750 ألف يورو".
ورفض جايسون التوقيع على اتفاقية الصمت قبل أسابيع. وكانت الاتفاقية تلزم جايسون بعدم الحديث عن الملف وما فيه من معلومات، وتنص على غرامة ضخمة في حال مخالفته الاتفاق.
وفي هذا الإطار، قال جايسون لـ"فوكس نيوز": "هدفي هو أن توقف قطر تمويل المتطرفين"، مضيفا "على قطر ابعاد التفاح السيء إذا أرادت أن تصبح عضوا في المجتمع الدولي".
وتتشابه تصريحات جايسون لـ"فوكس نيوز" مع تصريحات سابقة لـ"دي تسايت"، قال فيها إنه "القطريين تعهدوا لي (في الاجتماعات مع الخليفي) في البداية بطرد ممولي حزب الله من أوساط السياسة والسلطة، لكنهم لم يفعلوا ذلك، لذلك لم أوقع اتفاق معهم".
وتعليقا على هذه القضية، قال موقع "فوكس نيوز"، إن "تمويل قطر لواحدة من التنظيمات الإرهابية، يثير شكوكا حول شراكة الإمارة والولايات المتحدة في ملف مكافحة الإرهاب"، مضيفا: "عدد من السياسيين الأوروبيين البارزين يطالبون بإجراءات عقابية ضد قطر".
ونقل الموقع الأمريكي عن ناتالي جوليه، وهي سيناتور فرنسي قادت لجنة تحقيق في ملف الشبكات الإرهابية في أوروبا، قولها: "لابد أن يكون لدينا سياسة أوروبية فيما يتعلق بقطر، وأن نكون حريصين فيما يتعلق بتمويلها للإرهاب".
وأضافت: "بلجيكا (مقر اجتماعات الدبلوماسي القطري وجايسون) يجب أن تطالب الاتحاد الأوروبي بفتح تحقيق وتجميد جميع الحسابات المصرفية القطرية".
وأوضحت: "علينا وضع سياسة واضحة لمنع أي تمويل للإرهاب خاصة من دول مثل قطر وتركيا" التي تدعم الإخوان وأيدلوجيتها الخطيرة.
فيما قال إيان بيزلي جونيور، عضو البرلمان البريطاني لـ"فوكس نيوز": "سلوك النظام القطري فاضح، ويجب على الحكومات في بلجيكا والمملكة المتحدة اتخاذ موقف حاسم".
وتابع: "هذه الاتهامات خطيرة، خاصة وأن سفير (قطر لدى بلجيكا) والناتو متورط فيها، ويجب التحقيق فيها واتخاذ إجراءات مناسبة".
وأضاف: "حزب الله جماعة إرهابية محظورة في بريطانيا والعمل معها لا يمكن التسامح معه"، متابعا: "سأتصل غدا بوزير خارجية المملكة المتحدة، وأطالبه بالتحقيق في هذه الاتهامات".
أما إفرايم زوروف، وهو مسؤول في منظمة سيمون وايزنثال الحقوقية الأمريكية، فقال: "دور قطر في تمويل حزب الله يتطلب اتخاذ إجراءات فورية ضد المتورطين وطرد السفير القطري فورا".
aXA6IDE4LjIyMC45Ny4xNjEg جزيرة ام اند امز