مراوغات قطر في الاستجابة للمطالب العربية، لم تمنع اقتصادها من التهاوي التدريجي،
قبل نحو عام من الآن كانت بوادر الفصل الأول في أزمة قطر قد نشأت، ناتجة عن سياسة الدوحة الخارجية المخالفة دوماً للنسق العربي والخليجي، بل والداعمة أيضاً للإرهاب وإيران.
بدأت الأزمة بالتصريحات اللامسؤولة التي نشرتها الوكالة الرسمية القطرية للأنباء نقلاً عن أميرها تميم بن حمد، خلال أحد الاستعراضات العسكرية، والتي كانت كافية لكشف المستور عن دعم الدوحة للإرهاب وتحالفها مع إيران للإضرار بمصالح جيرانها.
مقاطعة قطر وعزلتها حولتها من دولة متمددة خارج حدودها تحاول اللعب على كل الحبال إلى دولة منكمشة على ذاتها مشغولة بمشاكلها وأزماتها الداخلية التي تفجرت بعد مقاطعة الدول الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب للدوحة.
ولعل هذه المرة لم تنجح أساليب قطر المراوغة من الإفلات من العقاب على سلوكياتها غير المنضبطة، وإنما فوجئت بموقف خليجي عربي صارم منها وضع حد لممارسات ومغامرات 20 سنة سابقة.
ورغم إسراع قطر لنفي تلك التصريحات والادعاء بأن موقع وكالتها الرسمي قد تعرض للقرصنة، إلا أن تلك التصريحات كانت كفيلة بتفجير أزمات الماضي الناتجة عن سياسات قطر المخربة.
وفي الخامس من يونيو الماضي، وبعد تروٍ دام سنوات طويلة، قررت كل من السعودية والإمارات والبحرين ومصر، قطع جميع العلاقات الدبلوماسية والسياسية والاقتصادية مع قطر، ليس هذا فحسب بل وإغلاق الحدود المشتركة لقطر مع الدول الأربع.
كان القرار كالصاعقة على رأس النظام القطري، وتنظيم «الحمدين» الحاكم في الدوحة، إذ كان مؤشراً لأفول نجم الدوحة العابر لحدودها عبر دعم المليشيات الإرهابية والتغول الإيراني في المنطقة.
واستجابة لوساطة كريمة من أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح، قدمت الدول الأربع مقترحات لحل الأزمة تضمنت 13 بنداً أهمها ابتعاد الدوحة عن محور إيران والتوقف نهائياً عن دعم الجماعات المسلحة والإرهابية ولا سيما جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية.
لكن مراوغات قطر في الاستجابة للمطالب العربية، لم تمنع اقتصادها من التهاوي التدريجي، أهمها تراجع الاحتياطيات النقدية لديها، وزيادة تكلفة منشآت كأس العالم لأكثر من 200 مليار دولار، بالإضافة لترنح بورصة قطر.
إلى جانب ذلك أجبرت المقاطعة العربية، قطر على الهرولة في سبيل مكافحة الإرهاب من نفسها، وذلك للمرة الأولى، وكنتيجة غير مباشرة للأزمة، وقّعت الدوحة مع الولايات المتحدة الأمريكية اتفاقية مشتركة لمكافحة تمويل الإرهاب، وهو تحقيق كبير للأهداف التي وضعتها دول المقاطعة، صوب أعينها، حيث باتت الأعين الدولية تترصد للدوحة في كل شاردة وواردة في دعمها للإرهاب.
وأصبح تأثير الغياب القطري عن الساحة الخارجية وانشغالها بتوفير احتياجات مواطنيها أمراً ملحوظاً في تراجع قوة الجماعات الإرهابية في سوريا وليبيا والعراق.
بيد أنه في اليمن وبرغم محاولاتها لتقديم الدعم السياسي والعسكري لمليشيات الحوثي الانقلابية بصورة سرية، إلا أن خروج قطر من التحالف الداعم للشرعية، هناك، منح باقي القوات العسكرية بالتحالف القدرة على التحرك، مع الحفاظ على الأسرار العسكرية دون أن يتم إفشاؤها للحوثيين كما كان يحدث سابقاً وهو ما فسر لاحقاً في زيادة معدلات الانتصارات العسكرية التي تحققها قوات الشرعية على الانقلابيين.
مجمل القول، إن مقاطعة قطر وعزلتها حولتها من دولة متمددة خارج حدودها تحاول اللعب على كل الحبال إلى دولة منكمشة على ذاتها مشغولة بمشاكلها وأزماتها الداخلية التي تفجرت بعد مقاطعة الدول الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب للدوحة.
بعد مرور عام على المقاطعة العربية يبدو أن الأزمة مع قطر ستأخذ مسارات مختلفة تماماً عما كانت عند بدايتها، والتي كبدت الدويلة الصغيرة خسائر فادحة. ومن المؤكد أن هذه الخسائر الفادحة التي طالت المشروعات الاقتصادية، وبخاصة المرتبطة بكأس العالم 2022، كانت أولى نتائج العزلة، والارتماء في أحضان تركيا وإيران التي تسعى إلى الإضرار بالنظام العربي بأكمله، وهو ما يعرقل إنهاء الأزمة في القريب العاجل.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة