لو أنفق النظام السياسي في دولة قطر ربع المبالغ ومثلها في عدد الإعلاميين؛ لكان حال دولة قطر وشعبها اليوم مختلفا.
يُمكن القول إنه لو أنفق النظام السياسي في دولة قطر منذ عام 1995، ربع المبالغ ومثلها في عدد الإعلاميين الذين يورطونه، دائماً، في أزمات مع دول أخرى في العالم، لكان حال دولة قطر وشعبها اليوم مختلفاً، ولما تسبب هذا النظام في عزلها وتهميشها عن محيطها الإقليمي دبلوماسياً واستراتيجياً، وللأسف أن ما ينطبق على الإعلام المرئي لا يختلف عن الإعلام المكتوب، باعتبار أن جرأة إعلامييها تجاوزت أبسط قواعد المهنية الإعلامية، وهي المصداقية في نقل الخبر، بغض النظر عن طريقة عرضها وتوظيفها إعلامياً.
النظام السياسي في قطر بات يمثّل منفذا إعلاميا لإعلاميين مؤدلجين وأصحاب أجندات افتقدوها في بلدانهم الأصلية؛ لشن حملات ضد الدول الخليجية وبلدانهم، وللأسف يقومون بذلك بحقد مكبوت يسيء لعلاقات الدوحة مع الشعوب الأخرى.
هذا الرأي يعبّر عن متابعة ورصد ما يقوم به المسيطّرون على "مفاصل الإعلام القطري" الحقيقيون، وليس من نراهم في الشاشات وعلى صدر الصحف، وهم ليسوا من أبنائها، سواء في قناة الجزيرة أم غيرها من وسائل الإعلام التي يموّلها النظام القطري في الخارج، والذي يحاول في هذه اللحظة الخروج من انحساره بأن يظهر أمام الرأي العام أنه لا يزال قوياً، ولكن تفضحه "المصداقية" الإعلامية والمهنية في تناول الأحداث.
بات أغلب الناس يدركون أن أي ضجة إعلامية كبيرة تفتعلها الآلة الإعلامية القطرية، وهي كثيرة، أنها ضجة مزيّفة، وهي في أغلب الأحيان ليست سوى نوع من "إثارة دخان" على القضايا الحقيقية التي يواجهها النظام، وللمعلومة فإن هذه الصفة إن تكررت في توجه إعلام معين فإنها تؤكد أنها سمة "الإعلام المؤدلج" أو الإعلام العقائدي، الذي لا ينظر إلى الأحداث ولا ينقلها بحيادية أو موضوعية، وربما هذا يفسّر لنا الحملات الإعلامية ضد الدول المكافحة للإرهاب، وأعني فيه إعلام الإخوان المسلمين، الذي يعادي كل من يختلف معه في التوجه.
الملاحظة الجديرة بالتسجيل هنا، أن النظام السياسي في قطر بات يمثل منفذاً إعلامياً لإعلاميين مؤدلجين وأصحاب أجندات افتقدوها في بلدانهم الأصلية؛ لشن حملات ضد الدول الخليجية وبلدانهم، وللأسف أنهم يقومون بذلك بحقد مكبوت يسيء لعلاقات الدوحة مع الشعوب الأخرى، والمشكلة الأخرى أن حدة هذا الخطاب زادت عن حدها ليس في حجم الكذب والتدليس، وإنما أيضاً من حيث التجرؤ على الإساءة حتى على دولة قطر والشعب القطري نفسه، كما كشفته الصورة الكاريكاتورية التي نشرتها قناة الجزيرة "وكر المؤدلجين" في بداية هذا الأسبوع.
مأزق نظام الحمدين في تأسيس إعلام هادف يخدم الدولة والشعب القطري كبير، إذ كان يتصور أن الأمر ينتهي بخروجهم من السلطة أو نهاية عهدهم، لأن ما يفعله هذا الإعلام الذي يبذل جهداً في أن يقنع الرأي العام أن موقف هذا النظام هو الحقيقة، ولكنه في الواقع هو يشوِّه ويلقّن دروساً يومية في هذا الاتجاه ما يعني أنه "يستثمر خطأ" في أهم سلاح مستقبلي.
الإعلام الذي يمتهن تشويه المواقف الصادقة للدول الإقليمية في كل مرة يراكم في ذهن جماهيره التي تتابعه حقائق ومسلمات لا أساس لها، وهي مهما طالت ستنفضح يوماً، والخطر أن قناة الجزيرة انفضحت أكثر من مرة بأنها الوسيلة الأكثر "كذباً"، وهذا هو المقلق على المدى البعيد.
إعلاميو الجزيرة الذين يشوّهون فكر الرأي العام ربما يراهنون على ضعف ذاكرة الإنسان العربي، لكن الأرشيف سيحفظ لهم ولنظام الحمدين ما يسجلونه، وإذا ما قُدِّر يوماً وفُتِح الملف سوف يندهش القطريون قبل غيرهم، ويكتشفون أن "الإعلاميين الكبار" الذين يدرِّسون الشباب القطري فن الإعلام ما هم سوى متعاونين مع العديد من الجماعات والدول بهدف الوقيعة بين قطر وجيرانها.
تشويه الإعلام القطري للحقائق هو قليل من كثير فيما يخص تأزيم العلاقات مع العالم العربي، بعدما تحول هذا الإعلام إلى قناة لخدمة أجندة لا علاقة لها بالمنطقة، وبعد أن صار مقدمو البرامج الطابور الخامس على المنطقة، وبعدما أساؤوا للدول الخليجية وللمهنة أيضاً، ما نتج عن تراجع مكانة الدولة القطرية وسياستها بفعلهم، فصار الأداء الإعلامي والدبلوماسي عبارة عن بذاءة في التعبير والتحرك.
الطبيعي في كل دول العالم أن الأداء الإعلامي هو نتيجة للأداء السياسي، وبالتالي فإن الخدمة التي تقدمها هذه الوسيلة لصالح الدولة، ولكن يبدو أن في حالة قطر العكس هو الحاصل، على اعتبار أن كل خلافات قطر مع باقي الدول سببها قناة الجزيرة وإعلامها المؤدلج.
لذا يكون من الأفضل على نظام "الحمدين" مراجعة سياسة قناة الجزيرة وإعلامهم بشكل كامل، وإلا عليهم ألا ينسوا أن الرأي العام القطري والعربي لن يغفر لهم، فتاريخ المذيع أحمد سعيد مازال موجوداً، كما أن تاريخ "غوبلز" وزير الدعاية السياسية في نظام هتلر يذكره التاريخ لكن في الجانب السيء!!
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة