الجارديان: مركز تسوق للمهاجرين.. "أبارتهايد" قطري ضد العمال الوافدين
نظام الفصل العنصري القطري بدأ بوضع لوائح صارمة تحظر على العمال المهاجرين العيش في أجزاء معينة من البلاد تشمل مناطق كثيرة من الدوحة.
شيدت قطر مركز تسوق من أجل خدمة 2 مليون عامل مهاجر في البلاد، اعتبره منتقدون أحد سبل الدوحة لفصلهم وعزلهم عن بقية المجتمع في إطار سياسة التمييز والعنصرية (أبارتهايد) التي تنتهجها ضد العمال الوافدين.
وفي تقرير نشرته صحيفة "الجارديان" البريطانية، الثلاثاء، قالت إنه للوهلة الأولى، يبدو مركز "آسيان تاون" (المدينة الآسيوية) مثل أي مجمع آخر للتسوق والترفيه في قطر؛ غير أنه لا توجد به متاجر راقية ولا نساء.. ولا حتى قطريون".
وأوضحت أن مركز "آسيان تاون" يقع في قلب أكبر معسكر للعمال، عند أطراف العاصمة الدوحة، وفي كل يوم، يتجمع آلاف الشباب من عنابر العمال التي تمتد في قلب الصحراء لأميال حوله، للاستمتاع بأطباق الكاري أو أفلام بوليوود أو مجرد ملاذ من الحرارة الشديدة.
وقال دان بيرسمان، وهو سبّاك (35 عاما) من الفلبين: "عندما جئت إلى هنا في عام 2008، لم يكن هناك شيء سوى عمال التشييد على جميع الجوانب، بعد العمل اعتدنا أن نجلس في المعسكرات دون أن نعرف ماذا نفعل".
وذكرت الصحيفة، أن مركز التسوق المملوك للحكومة، يجذب 950 ألف زائر شهريا، غالبيتهم من العمال المهاجرين، حيث يأتي 95% من السكان العاملين بدولة قطر من خارج البلاد، ومعظمهم من جنوب آسيا.
ويزعم مدير التسويق في "آسيان تاون"، أحمد رفعت، أن "هذا هو أرخص مكان للتسوق في قطر"، لكن في المقابل، يرى آخرون أن هذه التطورات ليست محاولة حقيقية لتحسين معاملة العمال المهاجرين -التي أثارت إدانات دولية، ولكنها جزء من استراتيجية متعمدة لعزلهم.
وفي هذ الصدد، قالت شابينا خاتري، المحررة السابقة في موقع "دوحة نيوز": "آسيان تاون منشأة شعبية تحتوي على كثير من خيارات الترفيه والتسوق"، غير أنها استدركت قائلة: "لكن مثل هذه التطورات تقترب أيضاً من فصل العمال الوافدين عن بقية المجتمع".
ونوهت الصحيفة بأن اللوائح الصارمة لتنظيم السكن العائلي، تحظر بالفعل على العمال المهاجرين العيش في مناطق معينة من البلاد، تشمل أجزاء كثيرة من الدوحة.
وذكرت أنه قبل عقد، كان معظم العمال المهاجرين يعيشون في العاصمة وحولها، ولكن مع ارتفاع أعدادهم من 1.1 مليون في عام 2008 إلى 1.97 مليون في عام 2018، تم ترحيلهم إلى معسكرات عمالة ضخمة، غالباً في مواقع نائية، لإفساح المجال للتطورات الجديدة في المدينة.
ووفقا للصحيفة، فإن بعض مراكز التسوق والحدائق والأماكن العامة محظورة على العمال المهاجرين، وخاصة في عطلات نهاية الأسبوع والأعياد.
غير أن التأكيد على نظام "للعائلات فقط"، ليس إلا تمييزا مقننا، وفقا لفاني ساراسواثي، محرر في موقع حقوق المهاجرين، الذي عاش في قطر لمدة 17 عاما.
وقال ساراسواثي: "تُتخذ إجراءات متعمدة لإثناء المهاجرين الذين يجلبون عائلاتهم معهم، ومن ثم تبرير أنظمة الأحياء وتقسيم المناطق تحت ذريعة الأمن"، مضيفا أنه "يتم إبعاد المهاجرين الآسيويين (...) لا يستطيع المرء تجاهل النزعة العنصرية".
ويقول العديد من العمال إن زيارة "المدينة الآسيوية" هي الشكل الوحيد المقبول للترفيه الذي يمكنهم اتباعه، ويرجع ذلك جزئياً إلى مراقبة الشرطة الصارمة لتحركاتهم.
وقال يوسف علي (31 عاما) من باكستان: "نلتزم في الغالب بالبقاء في المدينة الآسيوية. نحن لا نذهب إلى مراكز التسوق الأخرى أو إلى الجانب الآخر من المدينة. تحاول الشرطة دائما التحقق من أوراق الهوية الخاصة بنا. لماذا يتعين علينا أن نذهب إلى مكان آخر ونثير مشكلة غير ضرورية".
وبينما تمثل المدينة الآسيوية الوجه المحترم لحياة المهاجرين في قطر، فإن الغالبية العظمى من العمال لا تزال تقيم في معسكرات العمل الكئيبة في المنطقة الصناعية القريبة.
ووفقا لإحصاء عام 2015، يعيش أكثر من 364 آلاف عامل وسط هذه المساحة الشاسعة من المستودعات والمصانع وعنابر العاملين.
وأضافت الصحيفة أنه "من الصعب أن تصدق أنك لا تزال في واحدة من أغنى دول العالم، حيث تقودك الطرق السريعة الناعمة إلى الشوارع المليئة بالحفر والمركبات المهجورة المغطاة بالغبار، في بقع من الأراضي القاحلة يلعب الرجال الكريكيت، ويقصون شعرهم".
وفي مجموعة من المجمعات السكنية، تقطعت السبل بمئات الرجال لأشهر دون أجور، بعد أن تخلى أصحاب العمل عنهم.
ويقول العمال إن الكهرباء توقفت لمدة شهرين وأنهم لا يملكون ما يكفي من الماء للطهي، ناهيك عن التنظيف والغسيل.
وعن هذا قال أحد العمال الهنود: "لا تبالي الشركة (التي يعمل بها ورفض الإفصاح عن اسمها) مهما حدث لنا. بالنسبة لهم، نحن مثل الديدان والحشرات".
واختتمت الصحيفة بالإشارة إلى أنه بالنسبة لمعظم هؤلاء العمال، بمن فيهم أولئك المحظوظون بما يكفي للعيش في المناطق الأحدث، يبقى المركز التجاري فعليًا خيار الترفيه الوحيد القابل للتطبيق، في جو من ساعات العمل الطويلة والاستبعاد المتعمد.