بدماء وجثث العمال.. قطر تفتتح أول ملاعب مونديال 2022
تنظيم الحمدين يفتتح رسميا استاد الوكرة بعد 5 سنوات منذ بدء عملية التشييد فقد خلالها العمال أرواحهم فيما تعرض آخرون للعديد من الانتهاكات
بدماء وجثث مئات العمال الذين فقدوا حياتهم خلال بناء استاد الوكرة تفتتح قطر، مساء اليوم الخميس، أول استاد يشيد بالكامل لاستضافة مباريات بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022.
- دراسة تكشف عن حجم الأزمة الإنسانية بتحضيرات مونديال 2022 في قطر
- استطلاع "تايمز".. 93% يؤيدون سحب مونديال 2022 من قطر بعد فضيحة الرشوة
ويفتتح تنظيم الحمدين رسميا الاستاد بعد 5 سنوات منذ بدء عملية التشييد، باستضافة نهائي بطولة "كأس الأمير" المحلية بين فريقي السد والدحيل.
وكانت قطر بدأت أعمال بناء استاد الوكرة عام 2014، ومنذ ذلك الحين دفع مئات العمال من مختلف أنحاء العالم أرواحهم في سبيل تحقيق حلم "تنظيم الحمدين" في استضافة مونديال 2022 مهما كان الثمن، دون مراعاة للظروف والقيم الإنسانية التي يجب أن يعمل فيها العمال حفاظا على أرواحهم.
وخلال مدة بناء الاستاد وثقت العديد من التقارير الحقوقية الدولية انتهاكات تنظيم "الحمدين" بحق العمالة الأجنبية بشكل عام، وعمال المونديال بشكل خاص، أحدثها تقريران صدرا خلال الأسبوع الجاري.
أكبر عدد من الضحايا
بينما تحتفل قطر مساء اليوم بافتتاح الاستاد تعيش مئات الآسر حول العالم مآسي كبيرة بعد أن فقدوا عائلهم الوحيد، الذي سقط ضحية خلال عملية البناء.
وهؤلاء الضحايا يمثلون العديد من الدول الأجنبية منها نيبال والهند والفلبين وغيرها، وكانوا يعملون في ظروف غير إنسانية لتحقيق حلم "تنظيم الحمدين" في استضافة مونديال 2022.
وكانوا يعملون دائما في ظل درجات حرارة شديدة الارتفاع، ووسط ظروف عمل لا يتم فيها الالتزام بأي معايير سلامة أو أمان، وأجورهم نحو 6 دولارات يومياً.
وكشفت دراسة مقارنة نشرها موقع "ذا سبورتس راش" الهندي، المتخصص في الشؤون الرياضية في مارس/آذار الماضي، عن أن الأرواح التي أزهقت في قطر استعدادا لكأس العالم وصل عددها إلى 1200 شخص، غير أن هناك حديثا عن أعداد أكبر من الرقم المذكور.
وأوضحت الدراسة أن أولمبياد سوتشي الشتوية التي سجلت نحو 60 حالة وفاة، كانت هي الأعلى بين البطولات الأخرى، غير أن الأرواح التي أزهقت في قطر استعدادا لكأس العالم أكثر بـ26 ضعفا، وهو ما يعني أن ضحايا «مونديال قطر» الأكبر على مر التاريخ.
وعن حجم تلك الانتهاكات، قال هانز كريستيان جابريلسن، زعيم الاتحاد النرويجي لنقابات العمال، في بيان "إذا كنا سنقف دقيقة صمت لكل وفاة تقديرية لعامل مهاجر في أعمال إنشاءات كأس العالم في قطر، فإن أول 44 مباراة من البطولة ستلعب في صمت".
تقارير دولية تكشف الانتهاكات
ويأتي افتتاح استاد الكرة بعد يومين من كشف تقرير "مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان" عن بعض ممارسات النظام القطري المشينة في مجال حقوق الإنسان، والسجل الأسود لنظام "الحمدين" في مجال حقوق الإنسان عامة.
والتقرير ناقشته أعمال الدورة الـ33 للمفوضية، التي تستمر خلال الفترة من 7 إلى 17 مايو/أيار الحالي بجنيف.
وأشار التقرير الأممي إلى تردي أوضاع العمالة الوافدة، ووفاة ألفي عامل نتيجة إنشاءات بطولة كأس العالم 2022، وهو رقم يزيد عن الرقم الذي أشارت إليه الدراسة المقارنة التي نشرها موقع "ذا سبورتس راش" الهندي، عن وفاة 1200 شخص، وهو ما يشير إلى حجم المأساة التي يعاني منها عمال المونديال.
ويواجه العمال الوافدون المشاركون في أعمال بناء ملاعب كأس العالم 2022 انتهاكات لا تنقطع تمثل صفحة شديدة السواد في سجل قطر الحقوقي، في ظل عدم اتخاذ إجراءات فعلية تحفظ لهم حقوقهم.
وتواصل السلطات القطرية تجاهل المطالب العالمية والقوانين الدولية فيما يخص تعاملها مع العمالة الأجنبية على أراضيها، التي تشكو أوضاعا معيشية وخدمية وصحية قاسية، لا سيما آلاف منها تستغلهم الدوحة في بناء منشآتها الرياضية استعدادا لمونديال كرة القدم 2022.
وبالتزامن مع التقرير الأممي، صدر تقرير حقوقي مصري بشأن انتهاكات حقوق الإنسان في الدوحة تحت عنوان "قطر -إمارة اللاقانون".
وقال بيان صادر عن ملتقى الحوار للتنمية وحقوق الإنسان في مصر، حصلت "العين الإخبارية" على نسخة منه، إن الملتقى أرسل (الثلاثاء الماضي) للمجلس الدولي لحقوق الإنسان تقريرا عن انتهاكات حقوق الإنسان في الدوحة بعنوان " قطر -إمارة اللاقانون".
تقرير المنظمة الحقوقية المصرية يكشف النقاب عما وصفه بـ"الانتهاكات الجسيمة والمسكوت عنها ضد حقوق الإنسان القطري".
وبيّن التقرير بأن العمالة الأجنبية المشاركة في بناء مباني واستادات كأس العالم 2022 تتعرض لانتهاكات جسيمة وسوء في المعاملة، وصلت إلى حد الموت وعدم دفع الرواتب والتعويضات، وفقا لوصف التقرير.
وكشف أن "ملاعب الموت القطرية يعمل بها عمال من نيبال والهند والفلبين لهم في ذمّة شركة "مركوري مينا" الهندسية التي تشغلهم في قطر رواتب متأخرة قدرها 1700 يورو لكل منهم، مضيفا أن هذا المبلغ يمثل بالنسبة إلى بعض هؤلاء العمال راتب 10 أشهر.
ورصد التقرير أنه خلال عام 2013 تحدثت السلطات الصحية عن 520 حالة وفاة لعمال، منهم 385 أو 74%، لقوا حتفهم لأسباب لم يتم شرحها، ولم يجب مسؤولو الصحة العامة القطريين على طلبات الحصول على معلومات عن العدد الإجمالي لوفيات العمال المهاجرين وأسبابها منذ عام 2012.
وفي السنوات الماضية، أحجم المسؤولون عن قطاع الصحة في قطر عن الاستجابة لطلبات الحصول على معلومات تخص أسباب وفاة مئات المهاجرين العاملين في قطاع البناء وربما أكثر، وتكتفي السلطات الصحية في الدوحة بذكر أسباب غامضة للكثير من حالات الوفاة، وهو ما حدث مع آلاف العمال من الهند وبنجلاديش ونيبال.
وفي شهر فبراير/شباط الماضي، أصدرت منظمة العفو الدولية تقريرا بعنوان "الواقع عن كثب: أوضاع حقوق العمال الأجانب قبل أقل من 4 سنوات من بدء بطولة كأس العالم لعام 2022 في قطر"، فند أكاذيب الدوحة بشأن إنهائها الانتهاكات العمالية، ليضاف ذلك إلى سجلها الأسود في حقوق الإنسان.
وحذرت المنظمة الدولية من أن قطر "تخاطر بمخالفة الوعود التي قطعتها على نفسها من أجل التصدي لعملية الاستغلال العمالي واسع النطاق لآلاف العمال الأجانب"، وذلك قبل أقل من 4 سنوات على انطلاق بطولة كأس العالم 2022.
ووصف التقرير ظروف العمال الأجانب العاملين في قطر بأنها لا تزال "صعبة وقاسية"، داعية إلى "وضع حد للانتهاك والبؤس اللذين يلحقان بعدد كبير من العمال الأجانب كل يوم".
احتجاجات عمالية.. الوجه الآخر
وقبل أسابيع من الاحتفالات التي تقيمها الدوحة اليوم، كشفت احتجاجات العمال الأجانب في عدد من الشركات الإنشائية العاملة بالمنشآت الرياضية لكأس العالم في قطر عن سوء ظروفهم المعيشية، وحجم الانتهاكات الحقوقية التي يرتكبها التنظيم والفشل الاقتصادي الذي يعاني منه.
وأضرب العمال عن العمل وحطموا الحافلات بمواقع سكنهم؛ احتجاجاً على تعنت ملاك الشركات من القطريين المدعومين من حكومة "تنظيم الحمدين" في صرف مستحقاتهم لأكثر من ٣ شهور، بالإضافة للمعاملة غير الآدمية التي يلقاها هؤلاء العمال ونظام السخرة والرق والاتجار بالبشر المتفشية في قطر.
واشتكى العمال في خطابات عديدة من ضعف الرواتب الزهيدة وعدم دفعها بانتظام، وسوء الطعام المقدم لهم، فضلاً عن مصادرة جوازات سفرهم.
وكانت مجموعة من المنظمات الحقوقية مثل منظمة العفو الدولية ومنظمة هيومن رايتس ووتش، أصدرت تقارير قالت فيها إن عشرات العاملين الأجانب في ورش بناء بشركات منشآت كأس العالم 2022 التي ستستضيفها قطر، لم يتلقوا رواتبهم منذ أشهر.
وعلى إثر تلك الاحتجاجات رفعت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا وأوروبا خطاباً عاجلاً إلى مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان، تطالب بإرسال لجنة تقصي الحقائق إلى قطر، لفتح تحقيق بشأن الأوضاع المزرية للعمال هناك، خاصة في الشركات العاملة في بناء المنشآت الرياضية لكأس العالم في قطر، وعدم تنفيذ والتزام الحكومة القطرية بوعودها واحترامها حقوق العمال.
واليوم تحتفل الدوحة على جثث العمال ودماء الضحايا بافتتاح أول ملاعب المونديال، فيما لا يزال ذوو الضحايا ينتظرون من ينتصر لهم من تنظيم "الحمدين"، وسط تحذيرات متنامية بارتفاع أعداد الضحايا مع استمرار العمل في إنشاء ملاعب مونديال 2022.
aXA6IDMuMTQ0LjE3LjE4MSA= جزيرة ام اند امز