بالوثائق.. مؤلف "أوراق قطر" يفضح أنشطة "الحمدين" المشبوهة بأوروبا
وثائق الكتاب كشفت عن تمويل مؤسسة قطر الخيرية لمدارس إسلامية بفرنسا بـ4.2 مليون يورو عام 2014 عبر دعم مباشر من الدوحة لنشر الفكر المتطرف
قبل يومين خرج إلى النور كتاب لصحفيين أوروبيين اثنين، قدما خلاله كشف حساب لقطر وأنشطتها المشبوهة في أوروبا، واليوم أزاح المؤلفان الستار عن الكيفية التي حصلا بها على الوثائق المتضمنة بكتابهما.
وتكشف وثائق الكتاب عن تمويل مؤسسة قطر الخيرية لمدارس ومراكز إسلامية في فرنسا، بنحو 4.2 مليون يورو عام 2014، عبر دعم مباشر من تميم بن حمد، لتحويلها إلى بؤر لنشر الفكر المتطرف، حسب ما أكده جورج مالبرنو أحد مؤلفي كتاب "أوراق قطر".
وعن دار النشر (ميشيل لافون)، قدم الصحفيان جورج مالبرنو وكريستيان شينو، المتخصصان في شؤون الشرق الأوسط، كتاباً للعالم حمل اسم "أوراق قطر"، تبنى فضح تمويل سلطات الدوحة إحدى المؤسسات الخيرية والتي صارت بؤرة للفكر المتطرف.
أنشطة قطر الخيرية المشبوهة
وخلال مقابلة مع صحيفة "لوفوا دو نور" الفرنسية، قال مالبرنو إنه توصل إلى عدد من الوثائق الداخلية لمؤسسة قطر الخيرية، بفضل أحد المبلغين عن المخالفات داخلها، والذي يعد العمود الفقري للكتاب".
مالبرنو أوضح كذلك العلاقة بين أنشطة تلك المؤسسة المشبوهة والنظام القطري، قائلاً "آل ثان يسيطرون على النفوذ والسلطة في تلك الإمارة التي لا يتعدى سكانها 200 ألف، بلا منازع أو معارض، ومؤسسة قطر الخيرية التي تحمل رقم 1 تدار من مكتب أمير قطر تميم بن حمد مباشرة".
وأشار الصحفي الاستقصائي بصحيفة "لوفيجارو" الفرنسية إلى أن قطر ليست دولة ديمقراطية، ولا يمكن أن يتم أي شيء فيها دون السيطرة المباشرة من قبل "تميم".
وأكد أنه من المفترض أن رأس مال هذه المؤسسة من الزكاة والصدقات، لكن التمويل الرئيسي يأتي من الخزانة القطرية ومساهمات آل ثانٍ، وهي مجرد ستار حيث يتم توزيع هذه الأموال بطرق خلفية ملتوية على مشروعات تهدف لتوسيع نفوذ تنظيم "الحمدين" خارج البلاد وتغذي التطرف في أوروبا.
ومولت "قطر الخيرية" 26% من بناء المركز الإسلامي في "فيلنوف داسك"، المعروف بصلته بتنظيم إخوان فرنسا، بأموال بلغت قيمتها مليون و200 ألف يورو عام 2016، بهدف أن تكون الكلمة الأخيرة للقطريين، في ظل غياب المسؤولين المحليين ورؤساء البلدية عن مراقبة مصدر التمويل الأجنبي لبناء المركز الذي يروج للفكر المتطرف.
"ابن رشد الثانوية" في ليل
في "أوراق قطر" تكشف سطور الكتاب أن المساعدات التي قدمتها قطر لمدرسة "أفيرويس" أو "ابن رشد الإسلامية الثانوية" في مدينة ليل وصلت إلى 3 ملايين يورو، إضافة إلى 1.2 مليون يورو لمركز إسلامي في "فيلنوف داسك"، بنحو يمثل الاستثمار القطري الثاني للمؤسسة في فرنسا.
الكتاب نقل كذلك شهادة الإخواني المنشق "أوميرو مارون-جي بييرا" الذي كان يرتاد المدرسة بانتظام، قوله: "إن أيديولوجية التنظيم الإرهابي تسيطر على المدرسة، وتحديداً بعد أن بدأت مؤسسة قطر الخيرية تمويل المدرسة".
وأوضح الإخواني المنشق أن بيئة الطلاب أصبحت مسمومة بمبادئ فكر الإمام إميان عبدالله بن منصور ابن القيادي البارز بتنزيم، الذي يلقي خطب الجمعة في المدرسة.
مالبرنو تحدث أيضاً عن أن الدوحة اختارت هذه المنطقة تحديداً لضخ استثمارات فيها لكون منطقة الشمال الشرقي بفرنسا ومدينة (بوردو) هما مهد المنظمات التابعة لتنظيم الإخوان الإرهابي في أوروبا، مثل اتحاد المنظمات الإسلامية سابقاً، واتحاد مسلمي فرنسا.
ووفقاً للكاتب الفرنسي، فإن هناك تقاربا في الأيديولوجية بين تنظيم الإخوان الإرهابي وقطر بصفتها الراعي الأول للتنظيم، ووجود التماس في الرؤية المشتركة للإسلام السياسي، لذا اختارت الدوحة الاستثمار في تلك المدرسة بتقديم الدعم الذي تحتاجه مقابل إملاء شروط القطريين على إدارتها فيما يتعلق بسياستها الداخلية، لجعلها مركزاً لإعداد نخبة الغد لجعل الشباب المسلم في مكانة عليا بالمجتمع".
ففي عام 2014، ضخت مؤسسة قطر الخيرية قرابة 3 ملايين يورو إلى المدرسة لتوسعتها، وحصل مؤلف الكتاب على شهادة المدير السابق للإدارة التعليمية لمنطقة شمال فرنسا، والمستشار التعليمي الحالي لمدرسة (ابن رشد) ميشيل سوسان بذلك.
هنا يقول "سوسان" إن "القطريين كانوا يريدون شراء المؤسسة التعليمية مثلما اشتروا نادي باريس سان جيرمان، ليعيدوا تأجيرها مرة أخرى للقائمين عليها، بهدف تغيير إدارتها وإسنادها لمنظمة تابعة للإخوان، لكن الإدارة عارضت المقترح وأوقفت التمويل".
مؤسسة تعليمية للفتيات
وحصل الكاتبان على وثيقة داخلية بالمؤسسة تكشف مآرب القطريين من تلك الخطوة جاء فيها "إن مدرسة ابن رشد مؤسسة تعليمية تستطيع فيه الفتيات الحفاظ على النقاب، ويمكن للطلاب عموما أن يصلوا يوم الجمعة، ومن ثم الحفاظ على هويتهم الإسلامية، وهو هدف آخر من أهداف قطر الخيرية.
من جانبه، قال محمد لوزيزي، (فرنسي-مغربي) منشق عن فرع تنظيم الإخوان الإرهابي في فرنسا، في تغريدة: إن كتاب "أوراق قطر" درة الصحافة الاستقصائية! فهو كتاب دقيق وموثق للغاية، يكشف الدليل على تورط قطر في تمويل جماعة الإخوان لغزو القارة العجوز، عبر طارق رمضان حفيد مؤسس الإخوان، والمدرسة الثانوية أفرونييه والمساجد، مؤكداً أن هذه الوقائع عايشها بالفعل.
"قطر الخيرية" وطارق رمضان
وقال مالبرنو إن الأموال الموجهة للاستثمارات في المؤسسات الإسلامية في فرنسا كانت تحول عبر الحسابات البنكية الخاصة لطارق رمضان مباشرة.
وعقب صدور الكتاب، كشفت صحيفة "ليبراسيون" الفرنسية مذكرة صادرة عن وكالة مخابرات "تراكفان" لمراقبة الأموال التابعة لوزارة الاقتصاد الفرنسية والمخابرات الفرنسية، تفيد بأن طارق رمضان حوّل أموالا من قطر إلى أوروبا عبر حسابات بنكية شخصية وصلت لـ590 ألف يورو في يوليو/تموز 2017، لشراء شقتين في باريس، كما كان يتلقى 35 ألف يورو شهرياً كراتب مستشار لمؤسسة قطر الخيرية".
وسجلت تراكفان إجمالي المعاملات البنكية لطارق رمضان 729 ألفاً و910 يورو كإيداع، و778 ألفاً و269 يورو كسحب، كما أن فرق الراتب الذي كان يتلقاه من مؤسسة قطر الخيرية وبين الإيرادات الأخرى من دار النشر (60 ألف يورو) والمنظمات الدولية الدينية (19 ألف يورو) يصل إلى 6 آلاف يورو.