القرضاوي يقلل بطريقة ملتوية، من أهمية الحج الركن الخامس من أركان الإسلام، عندما منعت راعيته قطر مواطنيها من أداء مناسك الحج هذا العام.
السياسة.. عالم من المؤامرات والخداع المغلف بالوعود الكاذبة، ووفق مفهوم «الغاية تبرر الوسيلة» يتعمد المنخرطون في هذا العالم حياكة خطاباتهم وتغيير مواقفهم بما يتفق مع أهدافهم ويحقق لهم الفوز بالتأييد والعدد الأكبر من الأصوات.
وفي عالمنا الإسلامي ابتلينا بوجود تيارات سياسية وجماعات إرهابية تتستر خلف عباءة الدين؛ للوصول إلى السلطة، وفي ذلك استغلال لمشاعر الناس وتعلقهم الفطري بدينهم وعقيدتهم.
تبقى جماعة الإخوان النموذج الأبرز لهذا الاستغلال فمنذ نشأتها على يد حسن البنا العام 1928م حرصت الجماعة على إخفاء أجندتها السياسية تحت ما ترفعه من شعارات إسلامية دغدغت مشاعر المصريين والعرب لسنوات.
كحال المشاهير من الفنانين ونجمات الغناء قبل وبعد عمليات التجميل، وثّق التاريخ لنا كيف استغل القرضاوي الدين والفتاوى في نصرة مواقفه السياسية وخدمة مموليه، فهو الذي شجع على الثورة على نظام مبارك، ثم ما لبث أن أفتى بوجوب السمع والطاعة لرئيس الإخوان محمد مرسي وتحريم الخروج عليه.
وتحت سطوة أوهام التمكين وحب المناصب انخرط عدد من طلاب العلم الشرعي في هذا المعترك، ما أدى إلى ظهور «الإسلام السياسي» وما رافقه من مصطلحات كـ«الإسلام هو الحل» الذي تبنته الجماعة وعدد من الحركات والأحزاب الإسلامية.
من رموز هذا الفكر «يوسف القرضاوي» الذي انتقل إلى قطر بداية الستينيات ليشكل فيها نواة التنظيم ويتغلغل في مؤسساتها التعليمية كما فعل الإخوان في الكثير من دول الخليج، إلا أنّ المساحة التي منحت للقرضاوي في الدوحة كانت أكبر بكثير ما أهّله لأن يصبح المرجعية الدينية الأبرز هناك وهذا ما قاده فيما بعد إلى داخل مؤسسة الحكم بعد أن دعم انقلاب حمد على والده العام 95م.
عندها استغل القرضاوي الأميرَ المهووس بالسلطة فوثق صلاته بالتنظيم الدولي، وجعل من قطر مصدر التمويل الأبرز لكل مخططاتهم التوسعية والتخريبية في المنطقة.
ورغم تمسكه بعباءة الدين وعمامة الواعظ الفقيه إلا أن تلك المرحلة مثلت التحول الكامل في مسيرته نحو التخلي عن رسالة العالم المعتدل في سبيل المزيد من النفوذ داخل جماعة الإخوان التي تماهت مع المصالح القطرية ومواقف الدوحة السياسية فيما بعد.
هذا ما حدث في تونس وفي ليبيا وفي سوريا وقبلها في مصر، كما يحدث الآن علناً مع الدول الخليجية التي أعلنت مقاطعتها للدوحة.
وكحال المشاهير من الفنانين ونجمات الغناء قبل وبعد عمليات التجميل، وثق التاريخ لنا كيف استغل القرضاوي الدين والفتاوى في نصرة مواقفه السياسية وخدمة مموليه، فهو الذي شجع على الثورة على نظام مبارك، ثم ما لبث أن أفتى بوجوب السمع والطاعة لرئيس الإخوان محمد مرسي وتحريم الخروج عليه قبل أن يعود إلى ما كان يدعو له من ثورة وخراب، عندما تولى عبدالفتاح السيسي الحكم في مصر.
كيف يختلف القرضاوي عن غيره من شيوخ الفتنة الذين أفتوا بجواز العمليات الانتحارية وبقتل المسلمين وتدمير بلدانهم تحت راية الجهاد كما فعلت القاعدة وداعش والنصرة؟!
والآن.. يقلل القرضاوي بطريقة ملتوية وممجوجة من أهمية الحج الركن الخامس من أركان الإسلام، عندما منعت راعيته قطر مواطنيها من أداء مناسك الحج هذا العام.
المسألة ليست جدلاً فقهياً بشأن ما أفتى به عبر تغريدة سيحاسب عليها يوم القيامة، بل تكشف سنوات من الاستغلال وتفصيل الفتاوى لخدمة أجندة سياسية أثبتت فشلها في مواجهة الاعتدال الذي تمثله المملكة.. مهبط الوحي.. وقبلة المسلمين.. وهذا هو الخلاف الحقيقي مع القرضاوي وكل من يستغل الدين للوصول إلى السلطة وأطماع النفوذ.
نقلا عن "الرياض"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة