عامان على المقاطعة.. "الحمدين" يقود قطر للهاوية
تنظيم الحمدين يعيش في عزلة عربية وخليجية ودولية على مدار عامين تمثل أبرز تجلياتها في غياب أمير قطر عن 5 قمم استضافتها السعودية.
منذ إعلان الدول الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب (السعودية والإمارات ومصر والبحرين)، في 5 يونيو/حزيران 2017، قطع العلاقات الدبلوماسية وخطوط النقل مع قطر بسبب إصرارها على دعم التنظيمات الإرهابية في المنطقة والعالم، وتنظيم الحمدين يعيش في عزلة عربية وخليجية ودولية على مدار عامين.
وتمثلت أبرز تجليات تلك العزلة في غياب أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني عن 5 قمم استضافتها السعودية على مدار عامي الأزمة، حيث غاب عن القمة العربية الـ29 في مدينة الظهران السعودية قبل نحو عام، والقمة الخليجية في الرياض ديسمبر/كانون الأول الماضي.
كما غاب عن القمتين العربية والخليجية الطارئتين في مكة 30 مايو / أيار الماضي، ثم عن القمة الإسلامية العادية الـ14 التي عقدت في مكة يوم الجمعة الماضي.
أيضا تجلت تلك العزلة في القمم التي حضرها تميم، وظهرها فيها معزولا، لذا هرب منها بعد حضوره لدقائق بها، كما حدث في القمة العربية الثلاثين في تونس نهاية مارس/آذار الماضي والتي غادرها بعد دقائق من انطلاقها، كما حدث في القمة العربية التنموية في بيروت يناير الماضي، إذ حضرها تميم لدقائق بأوامر إيرانية دعما لحزب الله الإرهابي.
ويرى خبراء أن تفويت قطر فرصة المشاركة في القمم الخمس التي استضافتها السعودية على أهميتها، وخصوصا قمم مكة الثلاث التي عقدت قبل أيام في وقت تواجه فيه المنطقة تهديدات وتحديات خطيرة أمنية وسياسية من قبل حليفتها إيران، يشير بشكل واضح إلى ضياع البوصلة السياسية لنظام الحمدين، وفقدانه لسيادته، وانحيازه لحلفائه ( تركيا وإيران) ضد أمن واستقرار المنطقة.
ودللوا على ذلك بقيام قطر بالتحفظ علي البيانين الختاميين للقمتين الخليجية والعربية الطارئتين، اللتين عقدتا في مكة مساء الخميس 30 مايو/أيار الماضي، رغم عدم إبدائها أي معارضة آنذاك، وذلك بعد 3 أيام من إقرارهما، في سابقة مخزية في الأعراف الدبلوماسية.
الحمدين وإيران
غياب تميم عن قمم مكة ثم تحفظه على بياني القمة العربية والخليجية الطارئتين، وسبق ذلك مغادرته قمة تونس مارس/آذار الماضي احتجاجا على توجيه انتقادات لإيران وتركيا، فضلاً عن حضوره القمة العربية التنموية في بيروت بأوامر من إيران، كل ذلك فضح ولاءه وتحالفه مع النظام الإيراني، وانشقاقه عن الصف العربي والخليجي.
وكعادتها في تبديل المواقف وتزييف الحقائق، وإدمان الأكاذيب، أرجع محمد بن عبدالرحمن وزير خارجية نظام "الحمدين" تحفظ قطر على بياني القمتين بأنها كانت تدرس تلك البيانات، زاعمة أنهما أعدا دون استشارة الدول المشاركة.
كما اعترفت صراحة وبوضوح بانتهاجها سياسة مناهضة للسياسة العربية والخليجية، مشيرة إلى أن تحفظها أيضا يعود إلى أن البيانين تضمنا بنودا لا تتفق مع السياسة الخارجية لدولة قطر، في إشارة إلى إدانتهما الجرائم الإيرانية وتدخلها في شؤون المنطقة.
وبالرجوع إلى البيانين، فإن تبرير وزير خارجية الحمدين "مخجل"، ينطلق من سياسة مخزية ينتهجها نظام الدوحة، فالبيانان يدينان جرائم إيران ويؤكدان "السعي إلى استعادة الاستقرار الأمني بالمنطقة، وأن السبيل الحقيقي والوحيد لذلك إنما يتمثل في احترام جميع الدول في المنطقة لمبادئ حسن الجوار والامتناع عن استخدام القوة أو التلويح بها والتدخل في الشؤون الداخلية للدول وانتهاك سياداتها".
واحتضنت مكة القمتين الخليجية والعربية الطارئتين، مساء الخميس، لبحث التداعيات الخطيرة للهجوم الذي قامت به المليشيا الحوثية الإرهابية المدعومة من إيران على محطتي ضخ نفط بالسعودية، في 14 مايو/أيار الماضي، وما قامت به من اعتداء على 4 سفن تجارية بالقرب من المياه الإقليمية لدولة الإمارات العربية المتحدة قبلها بيومين.
كما أشار الوزير القطري إلى تحفظ بلاده على بند بيان القمة الخليجية الذي يتحدث عن وحدة مجلس التعاون الخليجي، متسائلا كيف يصح الحديث عن وحدة خليجية بينما تقاطع 3 دول خليجية دولة خليجية أخرى.
ولعل هذا البند الذي تتحفظ عليه قطر في البيان الختامي يؤكد فيه قادة دول الخليج المشاركون في القمة "على قوة وتماسك ومنعة مجلس التعاون، ووحدة الصف بين أعضائه، لمواجهة هذه التهديدات، لما يربط بينها من علاقات خاصة وسمات مشتركة أساسها العقيدة الإسلامية والثقافة العربية، والمصير المشترك ووحدة الهدف التي تجمع بين شعوبها، ورغبتها في تحقيق مزيد من التنسيق والتكامل والترابط بينها في جميع الميادين من خلال المسيرة الخيرة لمجلس التعاون".
هنا يطرح سؤال نفسه: هل من عاقل يعترض على هذا البند سوى من يعمل على شق الصف الخليجي وينحاز لحلفائه في محور الشر ضد مصالح شعوب دول الخليج بما فيها الشعب القطري نفسه؟
وخلال القمة العربية الأخيرة في تونس نهاية مارس/آذار الماضي، عندما غادر الجلسة الافتتاحية بعد دقائق من انطلاقها احتجاجا على توجيه انتقادات من قبل أمين عام الجامعة العربية أحمد أبوالغيط لإيران وتركيا، الأمر الذي جعله عرضة لانتقادات واسعة.
عزلة سياسية
وغاب أمير قطر عن قمم مكة لتفادي إحراجه وعزلته، كما حدث في القمة العربية في تونس قبل شهرين، حيث تم تجاهله من معظم القادة العرب، ولم يتم استقباله بحفاوة، الأمر الذي كشف عن حجم العزلة التي يعانيها والمكانة التي وضع بلاده فيها بسياساته.
وبات معروفا أن تميم يخشى لقاء القادة العرب نتيجة تصرفات وسياسات نظامه الداعمة للإرهاب والمزعزعة للأمن والاستقرار في المنطقة، وهو ما تأكد بهروبه من قمة تونس وغيابه عن قمم مكة.
كما أن التخبط الذي ظهر في تصرفات أمير قطر إزاء قمم مكة، وتحفظه على بيانات القمتين، أضحى نهجا متواصلا ومستمرا، تكرر أيضا في كل القمم السابقة، التي تراوحت مشاركاته فيها ما بين الغياب والهروب والمواقف المخزية.
وغادر تميم بن حمد، مقر انعقاد القمة العربية بالعاصمة التونسية، في نهاية مارس/آذار الماضي، بعد أقل من ساعة على انطلاق أعمال جلستها الافتتاحية.
وشوهد تميم وهو ينسحب من الجلسة الافتتاحية أثناء كلمة الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبوالغيط؛ احتجاجا على توجيه انتقادات لحلفائه الأتراك والإيرانيين.
وتُعَد قطر حليفا وثيقا لكل من تركيا وإيران وداعما رئيسيا لمشروعهما التوسعي بالمنطقة العربية، وتحتفظ تركيا بقاعدة عسكرية تتمتع بصلاحيات استعمارية في العاصمة القطرية الدوحة.
كما سبق أن اعتذر أمير قطر عن عدم حضور "القمة العربية التنموية.. الاقتصادية والاجتماعية" في بيروت 20 يناير/كانون الثاني الماضي، ثم عاد وعدّل رأيه وقرر المشاركة، وعندما وصل إلى بيروت غادرها بعد دقائق من انطلاقها.
تلك التصرفات أرجعها المراقبون، آنذاك، إلى عدد من الأسباب، أولها أن تلك المشاركة جاءت بأوامر إيرانية دعما لحزب الله الإرهابي المسيطر على القرار السياسي في لبنان بقوة.
وشجع أمير قطر على الحضور تأكده من غياب قادة الدول العربية عن قمة بيروت، حيث لم يشارك فيها سواه، إضافة إلى رئيسي لبنان ميشال عون وموريتانيا محمد ولد عبدالعزيز الذي ستترأس بلاده القمة المقبلة.
وكان أمير قطر قد غاب عن القمة العربية التي أقيمت في مدينة الظهران السعودية، 15 أبريل/نيسان 2018، ثم غاب أيضا عن القمة الخليجية الـ39 في الرياض 9 ديسمبر/كانون الأول الماضي.
الإمارات تفضح الحمدين
هذا الضياع والارتباك ظهر بشكل واضح في سياسة قطر الخارجية والداخلية، عبر الارتماء في أحضان إيران، واستهداف الدول الداعية لمكافحة الإرهاب بالأكاذيب.
وعلى مدار عامين، لم يوفر محمد عبدالرحمن آل ثاني وزير خارجية تميم مناسبة إلا وزعم فيها أن الدول المقاطعة لبلاده تستهدف التدخل في شؤونها عبر المطالب الـ13، متجاهلا أن معظم تلك المطالب سبق أن تعهدت الدوحة بالالتزام بها عبر توقيعها في اتفاق الرياض 2013، وكذلك الاتفاق التكميلي في 2014، وأن كل تلك المطالب تصب في صالح استقرار أمن دول الخليج والمنطقة وعلى رأسها قطر، وحمايتها من عبث نظام "الحمدين".
ولم تتوفر للدوحة فرصة لتقديم شكاوى ضد الدول المقاطعة لها في المنظمات الحقوقية الدولية، إلا وقامت بها، لكن الدول المقاطعة وعلى رأسها الإمارات كانت لها بالمرصاد لكشف أكاذيبها.
وأمام محكمة العدل الدولية، على مدار 3 أيام خلال شهر مايو / أيار الماضي، لقنت الإمارات قطر دروساً قاسية عبر فضح جرائمها، بالأدلة والبراهين، مطالبة بإصدار سلسلة من التدابير المؤقتة، من أجل حماية حقوق الإمارات من الأساليب التي تتبعها قطر بالتلاعب بالإجراءات القانونية في المنظمات الدولية، في ظل استمرار دعمها للإرهاب، وشن هجمات إعلامية مزيفة ضدها، وتقديم شكاوى كيدية في المحافل الدولية.
ونجح الفريق القانوني للإمارات في تفنيد جميع الحجج وأدلة الإثبات الملفقة التي قدمها الجانب القطري فى جلسة محكمة العدل الدولية في لاهاي، للنظر في طلب دولة الامارات العربية المتحدة في اتخاذ إجراءات وقتية لحماية حقوق الدولة في القضية المرفوعة ضد قطر، وذلك تأكيداً من فريق الإمارات للمحكمة على صحة وعدالة طلب الدولة المقدم لإصدار تدابير ضد قطر نتيجة ممارساتها الكيدية ضد دولة الإمارات.
وبيّن الفريق القانوني للدولة أمام محكمة العدل الدولية في مرافعاته بشكل مستفيض عدم صحة الأدلة القطرية المقدمة المستندة إلى بيانات ملفقة لأشخاص عدة حول الخط الساخن الذي أعلنت عنه الدولة في يونيو/حزيران 2017 لاستقبال طلبات القطريين لدخول الدولة؛ حيث تبين من تلك البيانات المقدمة التي استخدمتها اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في قطر في تقريرها الصادر في يناير/كانون الثاني 2019، على أن معظم هؤلاء الأشخاص لم يستخدموا أساساً الخط الساخن أو سبق لهم تقديم طلب الدخول، وهذا ما اعتادت عليه قطر في تلفيق الأدلة، إذ لها سوابق عندما قدمت أمام المحكمة في قضيتها مع مملكة البحرين وثائق ملفقة ومزورة، وهذا يبين اعتياد الدوحة على التلفيق حتى أمام أعلى جهة قضائية دولية.
وفي ختام جلسة محكمة العدل الدولية بلاهاي، أوضحت الدكتورة حصة عبدالله العتيبة، سفير الدولة لدى المملكة الهولندية وممثل الإمارات أمام المحكمة، في كلمتها الختامية، أن المرافعات التي قدمها الفريق القانوني للدولة أظهرت قوة موقف الدولة في تقديم الطلب للمحكمة والتزامها باتفاقية مناهضة التمييز العنصري.
ونبهت إلى أن قطر أساءت استخدام اتفاقية القضاء على التمييز العنصري وبدأت في إجراءين متوازيين مسيئين ضد الإمارات، بالإضافة إلى ذلك، وكما أكدت الأدلة التي قدمها الفريق القانوني للدولة في المرافعات، فإن المؤسسات الإعلامية القطرية مستمرة في نشر الاتهامات الكاذبة ضد الإمارات فيما يتعلق بالمسائل محل النزاع أمام المحكمة، وعملت قطر على تقديم أدلة مزيفة تشير فيها إلى أن الإمارات طردت المواطنين القطريين وتمنعهم من العودة إلى أراضيها.
كما اعترفت قطر أمام المحكمة بأنها أغلقت الموقع الإلكتروني المخصص للتقدم بطلبات الدخول للدولة، مقدمة حججاً مفبركة بأن الموقع غير آمن، وهي في الحقيقة تمنع المواطنين القطريين من السفر إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، لتقويض جهود الدولة لمساعدة المواطنين القطريين، لإظهار أن الإمارات غير ملتزمة بقرار المحكمة.
وأكدت أن الإجراءات التي تقدمت بها الإمارات تطلب من المحكمة أن تسحب قطر شكواها المقدمة إلى لجنة القضاء على التمييز العنصري عملاً بالمادة 11 من الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري في 8 مارس/آذار 2018 واتخاذ جميع التدابير لإنهاء النظر بها في اللجنة.
وأن تكف قطر عن عرقلة دولة الإمارات العربية المتحدة لمساعدة المواطنين القطريين، بما في ذلك عن طريق حجب الموقع الإلكتروني الذي يمكن للمواطنين القطريين التقدم بطلب للحصول على تصريح إلى دولة الإمارات.
كما طلبت الإجراءات التي تقدمت بها الإمارات من المحكمة أن توقف قطر على الفور هيئاتها الوطنية ومؤسساتها الإعلامية المملوكة لها من تفاقم النزاع وتمديده وجعل حله أصعب، من خلال نشر اتهامات كاذبة عن دولة الإمارات والقضايا محل النزاع أمام المحكمة، وكذلك الامتناع عن اتخاذ أي إجراء قد يؤدي إلى تفاقم النزاع أو تمديده أمام المحكمة أو زيادة صعوبة حله.
وأكدت الحجج المعروضة على المحكمة أن الخلاف الحقيقي بين الطرفين يتعلق بممارسات حكومة قطر الطويلة لدعم التطرّف والإرهاب.
aXA6IDMuMTI4LjIwMC4xNjUg جزيرة ام اند امز