قطر والملف السوداني.. صفعات تعمق محنة الدوحة
التخبط الدبلوماسي وضعف خبرات القيادة القطرية جعل الدوحة تستقبل ذكرى المقاطعة لهذا العام وهي تفقد السودان
"التخبط والتوهان" كانتا السمتين الأبرز في تعاطي قطر مع الملف السوداني، عقب إنهاء حكم جماعة الإخوان الإرهابية، وكانت النتيجة الحتمية لذلك وفق مراقبين صفعات عمقت محنة الدوحة في الذكرى الثالثة لمقاطعتها من قبل الرباعي العربي الداعي لمكافحة الإرهاب.
وفي الخامس من يونيو/حزيران العام 2017، قررت "السعودية والإمارات، والبحرين، ومصر" قطع علاقاتها الدبلوماسية مع قطر لتماديها في دعم ورعاية الإرهاب وتهديد أمن واستقرار المنطقة.
ويرى مراقبون أن التخبط الدبلوماسي وضعف خبرات القيادة القطرية جعل الدوحة تستقبل ذكرى المقاطعة لهذا العام، وهي تفقد السودان، كأهم مراكز نفوذها بالمنطقة خلال عهد حكم نظام الإخوان الإرهابي.
التوهان القطري
وأحصى مهتمون عددا من المواقف تعكس التوهان القطري في السودان، في مقدمتها إرسال وزير خارجيتها محمد بن عبد الرحمن آل ثاني لزيارة الخرطوم بعد أيام قليلة من عزل البشير دون إخطار القيادة الانتقالية في ذلك الحين، مما دفع الأخيرة إلى منع طائرة الوزير من الهبوط في أكبر صفعة تلقتها دبلوماسية الدوحة.
إلى جانب محاولة الدوحة المكشوفة لإختراق ملف السلام السوداني عن طريق الاستفراد برئيس حركة العدل والمساواة جبريل إبراهيم عبر سفارتها في أديس أبابا التي كانت تحتضن مفاوضات السلام وقتها، المؤامرة التي أجهضتها الوساطة الأفريقية مسددة بذلك صفعة دبلوماسية لقطر.
ويضاف للتخبط القطري، التناول المتقلب لقناة الجزيرة لمجريات الأحداث في السودان والذي استشف منه الشارع والقيادة في البلاد وقوف الدوحة العلني في صف جماعة الإخوان الإرهابية، مما كان له الأثر على التفاعل الدبلوماسي الفاتر لحكومة الثورة مع الدوحة.
ويرى المحلل السياسي الدكتور عباس التجاني، أن قطر تفاجأت بالتغيير الذي حدث في السودان إذ لم تكن تتوقعه، لذلك لم تكن لديها استراتيجية بديلة للتعامل مع السلطة الجديدة، مما جعلها تتخبط في تحركاتها ومواقفها تجاه الخرطوم.
وقال التجاني في حديثه لـ"العين الإخبارية" إن المقاطعة التي تعرضت لها قطر من دول كبرى ذات ثقل سياسي واقتصادي في العالم، كان لها مردود على تغيير المزاج الدبلوماسي للسطلة الانتقالية في السودان التي جاءت بموجب ثورة شعبية اندلعت في الأساس ضد الإرهاب وأيدلوجية الإخوان، تلك المواقف التي تتطابق مع أهداف الرباعي العربي.
وأضاف: "تغطية قناة الجزيرة للحراك السوداني والصورة الذهنية التي تشكلت عنها كوسيط موجه لخدمة الإخوان، كان واحد من أسباب فقدان قطر للأرضية السياسية في السودان، لأنه من المستحيل أن تتعامل سلطة الثورة مع جهة ترغب في إعادة تنظيم أسقطته ذات الانتفاضة".
وتمثل واقعة وزير الخارجية القطري أبرز تجليات تخبط الدوحة بالنسبة لعباس التجاني، إذ يرى بأنها تفتقد لأبسط أسس العمل الدبلوماسي لأن تقوم دولة بإرسال وفد إلى أخرى دون إخطار قيادتها السياسية.
وقال: "من الواضح أن قطر أرادت التعامل مع السلطة الجديد بذات المنهج الذي عملت به مع نظام البشير حيث كانت تبعث مسؤوليها للخرطوم دون إخطار ومع ذلك تتهافت حكومة الإخوان لاستقبالهم، ولكن الثورة الشعبية جاءت برجال يضعون حفظ السيادة الوطنية في سلم أولوياتهم.
مؤامرة خبيثة
مؤامرة الدوحة التي أرجعها لها السودان بصفعة دبلوماسية قاسية، كشف تفاصيلها نائب رئيس مجلس السيادة الفريق أول محمد حمدان "حميدتي" لأول مرة خلال لقاء تلفزيون نهاية الشهر الماضي، وذلك بعد مضي أكثر من عام على حياكتها.
وقال "حميدتي" يومها "تفاجأنا في أبريل قبل الماضي، بأن وزير خارجية قطر في الجو في طريقه للسودان، وتساءلنا عن تصرف الدوحة التي توفد وزير خارجيتها دون إخطارنا، فاتخذنا قرارا فوريا بعدم استقباله ومنع طائرته من الهبوط".
واعتبر أن ما فعلته قطر كان تحديا للسودان، يتضمن مؤامرة خبيثة، قصدت بها الفتنة وشيطنة المجلس العسكري الانتقالي في ذلك الحين.
ويرى المحلل السياسي حسن فاروق أن الصفعات التي تعرضت لها قطر تأتي في سياق الضربة الموجعة التي تلقاها نظام الإخوان الإرهابي في السودان، وإسقاط حكمه عبر ثورة ديسمبر المجيدة.
وقال فاروق خلال تصريحات لـ"للعين الإخبارية" إنه لا يمكن أن تسقط ثورة نظام الإخوان وتقوم حكومتها بالتعاطي إيجابا مع داعمي هذا التنظيم في خارج الحدود، فمعركة السودانيين كانت ولا تزال ضد الأيدلوجية الإخوانية.
aXA6IDE4LjIyMC4yNDIuMTYwIA== جزيرة ام اند امز