لا يحتاج المواطن العربي لحملة دعائية ليقتنع أن المال القطري عاث فساداً في أغلب الدول العربية
"ثمة دول تبيح لنفسها، ليس فقط الاعتداء على دولة جارة لإملاء سياستها الخارجية والإعلامية، بل تعتقد أيضاً أن حيازتها للمال تؤهلها للضغط على دول أخرى وابتزازها لتشارك معها في عدوانها، وهي التي يفترض أن تُحاسب دولياً على ما قامت به" .. هذا ما شهد به أمير قطر الشيخ تميم على نفسه من منبر الأمم المتحدة وأمام العالم أجمع.. نطق لسانه الحق معتقداً أنه يصف الآخرين وهو في حقيقة الأمر يصف حال دولته المرير.
لا يحتاج المواطن العربي لحملة دعائية ليقتنع أن المال القطري عاث فساداً في أغلب الدول العربية؛ فدول مثل مصر وليبيا وسوريا واليمن والعراق وتونس شاهدة على ذلك، ولكن قد يحتاج البعض إلى التنبيه بأن إراقة الدم وإشاعة الفوضى هي الميدان الوحيد الذي حازت قطر فيه قصب السبق.
مؤشرات واضحة تقول إن مليارات قطر ستذهب أدراج الرياح، حيث إن سمعة الإمارات عصيّة على التشويه، فالدولة التي لم يسمع منها العالم إلا مصطلحات السلم والأمن ومكافحة التطرف، والتسامح والاستقرار والتنمية لن يكون بمقدور المال القطري تشويه سمعتها.
أخفقت قطر في جميع ملفات السلم في الوطن العربي؛ حين سعت لتحقيق اتفاق بين السودانيين لحل أزمة دارفور؛ و حين حاولت المصالحة بين قبائل في الجنوب الليبي؛ وحين حاولت عقد مصالحة فلسطينية؛ وفشلت محاولتها مع الفرقاء اللبنانيين....والقائمة تطول.
مردّ تراكمات الفشل هذه أن قطر ركّزت في المساعي جميعها على المال ولا شيء غير المال؛ وكأن قطر تريد شراء نجاح بأي ثمن ربما لأن الشيخ حمد كان يطمح لنيل جائزة نوبل للسلام .
بالمقابل نجح المال القطري في تشريد ملايين المواطنين البسطاء في دول ما سمي بالربيع العربي؛ كما نجح في إلصاق تهمة الإرهاب بالإسلام والمسلمين، وغرس مفهوم الإسلامفوبيا في المجتمعات الغربية، ونجح أيضاً في صناعة الإرهاب من خلال دعمه للجماعات الإرهابية.
كما نجح في جعل فريق كبير من علماء الأمة إرهابيين لأغراض سياسية؛ واستعطاف بعض الشباب لمشروع تنظيم الإخوان التخريبي في المنطقة، باختصار نجح المال القطري في صناعة الإرهاب وفشل في صناعة السلم.
قبل عامين أبلغني أحد رجالات عبد الحكيم بالحاج، حليف قطر الرئيسي في ليبيا، أنه يرغب في الحديث معي في أمر مهم، لكنه يحبذ أن لا يكون الحديث عبر الهاتف، بعد تأمين وسيلة تواصل يثق فيها؛ بدأ صاحبي حديثه بالوضع في بنغازي وفرض سيطرتهم، وتفنيد الأخبار التي تصلنا من وسائل الإعلام المناهضة لهم؛ ثم طلب مني ـ إن كانت لي علاقات مع المسؤولين في الإمارات ـ مساعدتهم في فتح خطوط معها؛ وذلك بهدف التوصل لحل مع المشير خليفة حفتر .
فاجأني السؤال كثيراً .. كيف لحليف قطر الذي صرفت عليه مليارات الدولارات أن يتخلى عنها؟ بادرته بالسؤال كيف تريدون فتح خط مع الإمارات وأنتم وحليفكم القطري تعتبرونها عدواً لكم ولليبيا؟ صمتَ لبرهة ثم ردّ بما يشي بالتشكيك في الحليف القطري، عرفت حينها أن شرايين المال التي تربطهم مع قطر بدأت تنضب، خصوصاً أنها لم تكن علاقة في الله، فما كان لله دام واتصل، هكذا حال حلفاء قطر جميعاً معها .
بعد الأزمة القطرية الأخيرة، وبدل أن تتجه قطر للشقيقة الكبرى السعودية لحل الأزمة؛ حاولت حشد الرأي العام الدولي لصالحها و استعطفته بخطاب مغلوط تلعب فيه دور الضحية، بأداء تعوزه الموهبة لكن جميع العوامل تدل على فشلها في هذه المهمة، ما حدا بها للتوجه لسياسة المكابرة والتعنت أمام الجميع، ورمي مطالب الأشقاء عرض الحائط والاستقواء بنظام الولي الفقيه وتركيا؛ وذلك بالموازاة مع بث خطاب إعلامي مغلوط يعتمد الكذب على جميع الأصعدة؛ لتشويه صورة الدول المقاطعة أمام المواطن العربي .
آخر صيحات استراتيجيات التعنت القطري، واستغلال المال لتشويه الآخر، كانت محاولة تشويه سمعة دولة الإمارات العربية المتحدة، وذلك بإطلاق موقع إلكتروني باللغة الإنجليزية مع إمكانية الترجمة للغات جميع العالم، يدعو لمقاطعة دولة الإمارات، كما جنّدت قطر آلاف الأشخاص ومراكز الدراسات لهذه المهمة التي يبدو أنها ستكلّف قطر مليارات الدولارات.
مؤشرات واضحة تقول إن مليارات قطر ستذهب أدراج الرياح، حيث إن سمعة الإمارات عصيّة على التشويه؛ فالدولة التي لم يسمع منها العالم إلا مصطلحات السلم والأمن ومكافحة التطرف، والتسامح والاستقرار والتنمية لن يكون بمقدور المال القطري تشويه سمعتها، ولا أدلّ على ذلك من منح دولة الإمارات ثقة العالم باستضافة المؤتمر الدولي للفضاء ومعرض اكسبو عام ٢٠٢٠.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة