الطورانية حلم يراود جميع الدول المنحدرة من أصل جذور تركية، وصولا إلى السلطنة العثمانية ومن ثم تركيا الكمالية والأردوغانية
الطورانية حلم يراود جميع الدول المنحدرة من أصل جذور تركية، وصولاً إلى السلطنة العثمانية ومن ثم تركيا الكمالية والأردوغانية، ويتمثل الحلم الطوراني بتحقيق إمبراطورية تركية عظمى تمتد من القسطنطينية حتى أبواب روسيا والصين، وبلاد فارس والدول العربية، ويكون لديها ثلاثة منافذ بحرية، وهي قزوين والبحر الأسود والمتوسط.
الرئيس التركي الراحل تورغوت أوزال رفع شعاراً من بحر الإدرياتيك إلى سور الصين، وهو هنا يشير إلى الحدود الجغرافية التي تمتد فوقها الأقوام التركية التي يجمعها العرق والتاريخ واللغة، وهذه النزعة القومية التركية تسمى بالطورانية نسبة إلى إقليم طوران في وسط آسيا؛ حيث يجعلونه منبع الشعوب التركية التي انتقلت غرباً في هجرات متتالية واستقرت في الأناضول، ولها جذورها التاريخية بالإضافة إلى امتداداتها ومظاهرها المتعددة في الوقت الحاضر.
ارتهن النظام القطري للمشروع التركي الطوراني من خلال العديد من الاتفاقيات العسكرية والاقتصادية، وجاءت الاتفاقية العسكرية السرية بين قطر وتركيا اختراقاً للسيادة القطرية، وبموجبها تمكنت أنقرة من نشر آلاف الجنود الأتراك على الأراضي القطرية
وتتجه سياسة تركيا نحو ترسيخ هذه النزعة عبر استقطاب الشعوب التركية بعد تفكك الاتحاد السوفيتي، وفي مدينة تركستان قامت تركيا بتأسيس جامعة تركية قازاقية تمولها أنقرة، وتنظم فيها المؤتمرات الدورية التي تكرس الوعي لهذه النزعة، ولم يذهب أردوغان إلى أستانة إلا لتعزيز التحالف والتعاون العلمي والأكاديمي واللغوي ونشر الفكر الإخواني في كازاخستان عبر الاتفاقيات التعليمية والثقافية، فالتقارب التركي لكازاخستان لم يكن سوى ذريعة لتغلغل حزب العدالة والتنمية داخل الدولة التي تتميز بتنوع قومي وعرقي وديني كبير، فكازاخستان تضم نحو ثلاثة آلاف منظمة دينية، الأمر الذي ساعد تركيا على نشر النموذج الديني الخاص بها.
وتأسيساً على ذلك دخلت الدوحة في معتركات داخلية وخارجية، إقليمية ودولية، وعلى الملأ يتبين فشل كل ذرائعها المطروحة عبر سياساتها المرفوضة والمتهورة، فوضعت نفسها ووجودها تحت وصايات مختلفة أمريكية وتركية وإيرانية؛ لأنها غير قادرة على تحصين نفسها مهما تحصن وتذرع نظامها، فلن يصل إطلاقاً إلى شاطئ السلامة والأمان، ومهما تدثّر بعباءات البراءة والتهويل أمام الهيئات الدولية ومنصات وعدسات وكالات الأنباء والتلفزة.
وارتهن النظام القطري للمشروع التركي الطوراني من خلال العديد من الاتفاقيات العسكرية والاقتصادية، وجاءت الاتفاقية العسكرية السرية بين قطر وتركيا اختراقاً للسيادة القطرية، وبموجبها تمكنت أنقرة من نشر آلاف الجنود الأتراك على الأراضي القطرية؛ حيث تبين أن أحد بنود هذه الاتفاقية التركية لا يجيز ملاحقة أي جندي تركي على الأراضي القطرية في حال ارتكابه أي انتهاكات قانونية، ولا تجيز أن يتم اللجوء إلى أي طرف ثالث لفض المنازعات أو الخلافات حتى، ولا يمكن أن يخضعوا للقضاء القطري، وتنص المادة الخامسة من الاتفاقية في فقرتها الثانية على أن تركيا هي صاحبة الاختصاص القضائي فيما يتعلق بمواطنيها، ومنحت الاتفاقية الحماية للجنود الأتراك من أية مساءلة في حال انتهاك هذه القرارات المتفق عليها.
وأردوغان يُعد أحد القيادات الإخوانية المنفتحة في تلك المرحلة، والمتحالف استراتيجياً مع الولايات المتحدة التي رأت بوصوله إلى الحكم قوة إقليمية مشتركة بينها وبين الإخوان، وتكون بالتالي قادرة على الدعم والتبني السياسي لأي تغيير في المنطقة، ومن ثم فإن الحكومة التركية تعمل على إعادة دور السلطنة العثمانية وبفكر طوراني، وبث الروح القومية التركية ومحاولة اتباع سياسة التتريك في الأماكن التي تقيم فيها علاقات ثنائية، أو التي تسيطر عليها كما في جزيرة سواكن في البحر الأحمر، وفي سوريا باتباع سياسة عنصرية قاسية أثارت العناصر غير التركية، وأدت إلى إجبار المعلمين والطلبة على استخدام اللغة التركية عنوة، وفرض برامج تعليمية في الشمال السوري.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة