المعلومات المتعلقة بنشاطات قطر بغرب أفريقيا بدأت تطفو على السطح بعد أن تأكدت الصحافة الفرنسية من ضآلة حظوظ الرئيس نيكولاس ساركوزي
أفاد شهود عيان في مالي مطلع سنة 2013 بأنهم لاحظوا ثلاث عربات رباعية الدفع تحمل على متنها شيوخ عشائر الزنتان الليبية والذين كان من بينهم الشيخ بشيش عبيدي، ويَرجِع سبب الزيارة لكون قطر شرعت في التمهيد لتوقيع اتفاقيات سرية مع حركة أنصار الدين، ولأجل إتمام الاتفاق كانت الدوحة استعانت بقبيلتين ليبيتين مقربتين منها، وقد اقتضى الأمر التنقل من ليبيا إلى شمال مالي، حيث التقوا بعض زعماء حركة أنصار الدين، هذا يؤكد علاقة قطر بحركة أنصار الدين الموالية لتنظيم القاعدة بالمغرب الإسلامي سنة 2013.
اتضح جلياً خلال سنتي 2011 و2012 اهتمام قطر بدول غرب الساحل الأفريقي، وفي شهر يناير من عام 2012 اجتمع رئيس موريتانيا محمد ولد عبدالعزيز بأمير قطر، وهدد هذا الأخير بإشعال فتيل ثورة شعبية في موريتانيا باستعمال قناة الجزيرة في التحريض، تماماً مثلما فعل في تونس أو مصر
اتضح جلياً خلال سنتي 2011 و2012 اهتمام قطر بدول غرب الساحل الأفريقي، وفي شهر يناير من عام 2012 اجتمع رئيس موريتانيا محمد ولد عبدالعزيز بأمير قطر، وهدد هذا الأخير بإشعال فتيل ثورة شعبية في موريتانيا باستعمال قناة الجزيرة في التحريض، تماماً مثلما فعل في تونس أو مصر، وكانت قطر تهدف من وراء كل ذلك إلى جعل موريتانيا تتعهد بالسماح لها بإتمام مشروع للتنقيب عن النفط، وهو ما يعد المصلحة القطرية الأهم فيها، خاصة في منطقة "حوض تاودني" وفي مالي.
وعلى الرغم من تقديمه بعض "النصائح" فقط للرئيس الموريتاني، غير أن قطر واصلت ضغوطها في الشارع بموريتانيا، من خلال تحريكها الحزب الإخواني "تواصل"، وأتت تلك الاستراتيجية أُكلها بعد أن خرج آلاف الشبان الموريتانيين إلى شوارع العاصمة نواكشوط مُطالبين برحيل الرئيس.
كل هذه المعلومات المتعلقة بنشاطات قطر بغرب أفريقيا بدأت تطفو على السطح بعد أن تأكدت الصحافة الفرنسية من ضآلة حظوظ الرئيس نيكولاس ساركوزي، الذي انتهت ولايته في مايو 2012، في الفوز بالانتخابات، وحينها بدأت بعض الصحف الفرنسية بالإشارة لقطر كممولٍ للإسلاميين.
وماذا عن بوركينا فاسو؟
خلال تمرد الطوارق الماليين بقيادة الحركة الوطنية لتحرير أزواد سنوات 2012 و2013 كانت العاصمة واغادوغو مقراً لرصد تقدُّم الحركات الإسلامية تجاه جنوب مالي، وهو تقدُّم تتزعمه القاعدة بالمغرب الإسلامي وجماعات موالية لها كحركة التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا، أنصار الدين، أنصار الشريعة الليبية أو جماعتي بوكوحرام وأنصارو النيجيريتين.
وكان إياد أغ غالي، زعيم حركة أنصار الدين والقائد الحالي لجماعة نصرة الإسلام والمسلمين الموالية لتنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي، يتردد خلال حقبة احتلال الجماعات الجهادية شمال مالي على الجناح الفاخر بالشقة 11 بفندق "لايكو" بواغادوغو، وفي هذا الفندق الراقي كان يتلقى عبر الرسائل النصية آخر تطورات الحرب في شمال مالي، وبه كان يجتمع أيضاً بالموريتاني مصطفى ولد الشافعي، رجل ثقة الرئيس السابق كمباوري والوسيط في عمليات تحرير الرهائن المختطفين من طرف تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي، كما كان غالي يلتقي أيضاً العديد من الشخصيات المرموقة من قيادات عسكرية رفيعة وسياسيين ورجال أعمال، كشقيق رئيس بوركينا فاسو حينها فرنسوا كمباوري.
وما سبب وجود غالي وكمباوري وقطر في لعبة الشطرنج هذه؟
كانت هناك علاقة طيبة على الدوام تربط رئيس بوركينا فاسو السابق بليز كمباوري بإياد أغ غالي، فقد كان غالي بالنسبة لكمباوري بمثابة اللوبي في قطر، وبعد اندلاع الاشتباكات بين الحركة الوطنية لتحرير أزواد وأنصار الدين طلبت الدوحة من كمباوري أن يمنح اللجوء للعقيد محمد أغ الناجم قائد الجناح العسكري للحركة الوطنية لتحرير أزواد، وكان الطلب القطري يهدف إلى إخلاء الساحة أمام الإسلاميين من أجل احتلال المناطق التي كانت تسيطر عليها الحركة الوطنية لتحرير أزواد.
لماذا على كمباوري الإصغاء لقطر؟
السبب بسيط، فحكومة بوركينا فاسو طلبت من أمير قطر منحها الأموال اللازمة لبناء مطار واغادوغو الدولي الثاني، وبعد اشتعال أتون الحرب في شمال مالي قرر "المانحون" القطريون قطع تمويلهم بالكامل ما لم يُساعد كمباوري الحركة الوطنية لتحرير أزواد على الفرار كي يحل الإسلاميون مكانها.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة