مدينة الربع ساعة.. هكذا سيكون شكل الحياة بعد كورونا
يتفق المتخصصون في تنظيم الأعمال على أن جائحة كورونا غيرت الطريقة التي ستستخدم بها المؤسسات مساحات العمل الخاصة بها في المستقبل.
وستركز الشركات في المستقبل على التحقق من كيفية حفاظ الموظفين على التزامهم وإنتاجيتهم باستخدام نموذج عمل مختلط في المنزل أو في مساحات عمل مشتركة، ومن حين لآخر في مقر الشركة.
وتذهب بعض المنظمات، مثل IWG، وهي واحدة من أكبر مشغلي مساحات العمل المجهزة والمشتركة أو مراكز "العمل المشترك" coworking، إلى أبعد من ذلك وتتوقع أن يدور مستقبل العمل حول مفهوم "15 دقيقة للانتقال إلى العمل"، مع توافر جميع الخدمات على مسافة قصيرة من المنزل.
ووفقا لمسح أجرته شركةwww.iwgplc.com لـ 501 من مديري الشركات المدرجة في مؤشرFTSE 250 التي يضم 250 شركة من بين أكبر الشركات في المملكة المتحدة، فإن عدد الشركات التي تراهن على نموذج العمل المختلط أكبر بثلاث مرات مما كان عليه قبل الجائحة.
وقال ثلث الذين شملهم الاستطلاع إن قوتهم العاملة بأكملها تعمل عن بعد واثنان من كل خمسة أصبحوا الآن أكثر انفتاحا على تبني طريقة العمل المرنة هذه، لتسهيل رعاية الأطفال أو ممارسة الرياضة خلال ساعات النهار، وفقا لـ IWG.
تغيير النموذج العمالي
ولوحظ أن الشركات الكبيرة تعيد تقييم مساحات مكاتبها، وتتطلع إلى تقليص حجمها والتخطيط للانتقال أو الاستثمار في المكاتب المشتركة، وأن العديد من الشركات قد تبنت هيكلا أكثر لا مركزية بمعنى إقامة مكاتب في وسط وضواحي المدن.
وتفكر حوالي نصف شركات FTSE 250 التي شملها الاستطلاع في نقل مقارها الرئيسية إلى تلك المناطق التي يقيم فيها موظفوها عادة، في اتجاه يتم تنفيذه في العالم، وفقا لهذه الشركة التي يقع مقرها الرئيسي في زوج، سويسرا.
ووجد الاستطلاع أن مكان العمل الأقرب إلى المنزل يمثل أولوية طويلة الأجل للموظفين، الذين يرغبون في تقليل ساعات التنقل وزيادة وقت الأسرة، كما عاشوا في عام 2020 عند الإغلاق العام بسبب فيروس كورونا.
في الواقع، يقول ثلاثة من كل أربعة موظفين إن موقعا أقرب إلى المنزل هو مطلب أساسي عند البحث عن وظيفة مقبلة، وفقا لهذه الشركة.
"مدينة الـ15 دقيقة" هي نموذج حضري يحصل فيه سكان هذه المناطق على الخدمات وكل ما يحتاجون إليه، حيث يكون العمل وأماكن الرعاية الصحية والمحلات التجارية والترفيه وغيرها قريبة من مساكنهم وفي محيط يبلغ متوسط زمن التنقل فيه ربع ساعة.
وتتجه مدينة برايتون البريطانية نحو هذا النموذج وسيتمكن سكانها من الوصول إلى معظم احتياجاتهم الأساسية للعيش والاستهلاك والعمل والقيام بالأعمال والحياة الاجتماعية والعائلية والترفيه عبر رحلات قصيرة، مع إعطاء الأولوية للتنقل سيرا على الأقدام أو بالدراجة.
فخلال ربع ساعة سيتمكن المواطن من الوصول إلى الأماكن التي يحتاجها في حياته اليومية مثل العمل والمراكز التعليمية والصحية والحدائق ومحطات القطارات والحانات والمطاعم والمقاهي والصيدليات والمسارح والشوارع التجارية.
المزيد من الرفاهية
دافع المخططون الحضريون عن هذا المفهوم لسنوات، وكانت بريطانيا والولايات المتحدة على رأس هذا التغيير كما باتت العديد من البلدان تتابع عن كثب هذا الاتجاه الحضري.
والآن بات هذا المفهوم على وشك أن يصبح حقيقة واقعة في مناطق كثيرة من العالم، بحسب شركة IWG، التي أطلقت مشروعا مشتركا مع استوديو الهندسة المعمارية B&H، لبحث تطبيق هذا النموذج في برايتون وواشنطن العاصمة (الولايات المتحدة).
ووفقا لمؤسس IWG ورئيسها التنفيذي مارك ديكسون "فقد أدرك الموظفون قيمة الساعات الضائعة في الانتقال إلى مكتب لا يحتاجون إلى التواجد فيه، بينما رأت الشركات أن النموذج الهجين يحقق، بالإضافة إلى موظفين أكثر رضاء والتزاما، توفيرا كبيرا في النفقات".
ويؤكد دوج ديمرز، المدير العام في B&H أن مفهوم الانتقال إلى العمل في 15 دقيقة بدأ ينتشر في جميع أنحاء العالم".
و"يمكن تلخيص المزايا الرئيسية التي يتمتع بها الشخص عند العيش والعمل في مدينة من هذا النوع في النحو التالي: إنفاق وتلوث أقل، والمزيد من الحياة الاجتماعية والعائلية، والإنتاجية والرفاهية، وتحسين نوعية الحياة"، بحسب فيليب خيمينيث، المدير المحلي لـ IWG في إسبانيا.
ويتوقع أن ينقذ هذا المفهوم الموظفين من تنقلاتهم الطويلة إلى مكان العمل، والصعوبات في إيجاد توازن بين الحياة الشخصية والعمل، والتكاليف الباهظة والوقت الضائع المرتبط بالتنقل، والإرهاق الناجم عن الانتقال إلى العمل، وفي بعض الحالات، عدم وجود مواقف للسيارات أو وسائل النقل العام بالقرب من المكتب.
ويخلص إلى أن "مدينة الـ15 دقيقة تجعل من الممكن للمواطنين الحصول على جميع خدماتهم الرئيسية على مسافة قصيرة من منازلهم، ومن بين هذه الخدمات.. مكاتب".
aXA6IDMuMTQ5LjIzNS4xNzEg جزيرة ام اند امز