الإجابة الأولى التي تخطر لك أنه يمثل جماعة الإخوان المسلمين. فهم يدينون بالولاء للمشروع الأردوغاني أكثر من الدولة السورية
عندما يجلس رئيس ما يسمى الحكومة السورية المؤقتة عبدالرحمن مصطفى، في اجتماع سوري وخلفه العلم التركي. وعندما يتكلم هذا "المسؤول" قبل بضعة أشهر فقط بالتركية، وهو يتحدث باسم الثورة السورية وعنها. يتبادر إلى الذهن سؤال بديهي حول من يمثل هذا الشخص في المعارضة؟
يصعب الحديث عن فروقات جوهرية بين نظامي دمشق وأنقرة. ولكن قائمة المتشابهات طويلة وواضحة أمام أولئك الذين عاشوا في كنف النظامين. من هنا يسهل نسج سلسلة مقارنات بين "الزعيمين"، خصوصا فيما يتعلق برد الأسد على الثورة ورد أردوغان على محاولة الانقلاب الفاشلة عليه
الإجابة الأولى التي تخطر لك أنه يمثل جماعة الإخوان المسلمين. فهم يدينون بالولاء للمشروع الأردوغاني أكثر من الدولة السورية، والدليل مباركتهم للعدوان التركي على الأراضي السورية. يمكن لهم تبرير هذه المباركة بحجج عدة ولكن تركيا أولا وأخيرا دولة احتلال مثل إيران وإسرائيل.
وبغض النظر عن الدور السلبي الذي لعبه ويلعبه الإخوان في مسار الثورة السورية، فإن كثيرا من شخصيات المعارضة وكتلها في تركيا يعيشون حالة من الولاء لأنقرة ورجب طيب أردوغان، لا تقل أبدا عن ولاء الإخوان للسلطان العثماني. بعضهم بدافع المصلحة الآنية وبعضهم طمعا في مستقبل سياسي ما.
قد يكون عبد الرحمن مصطفى ليس إخوانيا في الانتماء السياسي، ولكنه إخواني في حالة الولاء الأعمى لتركيا ورئيسها بغض النظر عن الثمن والنتيجة. مثل هؤلاء ليس فقط يدينون بالطاعة العمياء للزعيم التركي، وإنما يتماهون معه ويتحولون إلى نسخ حية منه. وكل نسخة تعكس وجها من الوجوه الأردوغانية.
تماهي المعارضة السورية التركية مع أردوغان يشبه تماهي رموز النظام مع الأسد. هذا واحد من وجوه الفشل الكبير التي منيت بها المعارضة السياسية، في مقابل الخسارات الميدانية التي راكمتها فصائل المعارضة المسلحة، بسبب خيانة الأتراك في معظم المعارك والمواقع.
في السياق أيضا، لا بد من القول إن خسائر المعارضة المسلحة بسبب الولاء لتركيا، لم تتوقف عند ضياع الأمكنة التي كانت تسيطر عليها في محافظات عدة. لقد شملت أيضاً السقطات الأخلاقية التي وقعت بها "المعارضة" في محاربتها للكرد السوريين ضمن عمليات الجيش التركي شرق وغرب نهر الفرات.
تبرر تلك الفصائل أفعالها هذه بالثأر لسكان مناطق شمال سوريا من التطهير العرقي الذي مارسه الكرد بحق العرب هناك. وما ذلك إلا وجه آخر من وجوه التماهي مع نظامي الأسد وأردوغان على السواء. فالنظامان يقومان على الخوف ويحترفان خلق الأعداء وينتهجان الثأر سياسة وسلوكاً في القول والفعل.
المشكلة في المعارضة السورية التركية، بشقيها العسكري والسياسي، أنها أخذت نظامي الأسد وأردوغان نموذجا في التقييم والحكم والتفكير. لذلك لم تقدم بديلاً عن نظام الأسد سياسياً أو ميدانياً. وإنما طورته إلى نسخة تركية لا تقل سوءاً عن النسخة السورية، بل تزيد عليها بشاعة وانتهازية ووصولية.
يصعب الحديث عن فروقات جوهرية بين نظامي دمشق وأنقرة. ولكن قائمة المتشابهات طويلة وواضحة أمام أولئك الذين عاشوا في كنف النظامين. من هنا يسهل نسج سلسلة مقارنات بين "الزعيمين"، خصوصا فيما يتعلق برد الأسد على الثورة ورد أردوغان على محاولة الانقلاب الفاشلة عليه.
التماهي الذي تمارسه المعارضة مع نظامي الأسد وأردوغان، أصاب كثيرين جداً من الثوار السوريين بخيبة أمل. ولا نبالغ بالقول إن من يتبع المعارضة السورية - التركية اليوم هو إما صاحب مصلحة خاصة، أو غريقا يتمسك بقشة يحلم بأن تتحول إلى حبل متين بفعل معجزة إلهية يبتهل من أجلها ليل نهار.
ولا يقتصر التماهي مع نظام الأسد على منصة المعارضة السورية - التركية. وإنما هو داء أصيب به كثيرون في منصات المعارضة الأخرى أيضاً. يحتاج السوريون لرثاء أنفسهم في رئيسهم ومعارضتهم على السواء. فكلاهما فرض عليهم، وبينما يأتمر "الرئيس" بأوامر دول، تأتمر المعارضة بأوامر دول أخرى.
رغم هذه الحقيقة التي تدلل عليها أمثلة كثيرة، لا يزال بين "قادة" المعارضة من يظن نفسه مؤثراً، وقادراً على تغيير مجريات الأحداث والصمود في وجه الدول التي لا تريد إزاحة الأسد عن السلطة. صمودهم الوهمي هذا يشبه الوهم الذي يعيشه "الرئيس" بنصر مؤزر على الثورة والمؤامرة الكونية لها.
يعرف "الأبطال" من النظام والمعارضة أنهم لم ينتصروا إلا على أخيلتهم. ويعرفون أيضاً أنه قد كتب عليهم الخوف في كل ثانية، لأنهم يعيشون في مسارات كتبتها لهم الدول الكبرى التي تدير الأزمة السورية. ومن لا يمتلك قراره يمكن ببساطة التخلي عنه عندما ينتهي الدور الموكل إليه في هذا المسار أو ذاك.
لقد أفسد أشباه الأسد وأردوغان ثورة السوريين، ولكن كما يقول أبو العتاهية: اصبر لكل مصيبة وتجلد.. واعلم بأن المرء غير مخلد.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة