طوابير الذل في لبنان.. حكاية بلد دمره الفساد
بئر الذل والسوق السوداء يلاحقان اللبنانيين، فمن الطوابير أمام محطات المحروقات وشركات الغاز والأفران إلى طوابير الذل أمام الأمن العام
ومن السوق السوداء للبنزين، الدولار والغاز إلى سوق سوداء لإخراجات القيد الفردي... واقع جديد فرض على الشعب اللبناني، يكلفه الكثير من الوقت والمال.
والسؤال الذي يطرحه الجميع متى الخلاص من كل هذا العذاب؟
حتى الذين اتخذوا قرار الهجرة من لبنان عليهم تحمل معاناة الانتظار أمام مراكز الأمن العام وداخلها للحصول على دور من أجل تقديم طلب الحصول على جواز سفر أو تجديده، صور عدة تداولها رواد مواقع التواصل الاجتماعي، لطوابير ليلية أمام مركز الأمن العام في العدلية تنتظر الفرج.
أما سبب الزحام فبرجع لأسباب عدّة، منها تجديد المغتربين الذين قصدوا لبنان جوازات سفرهم والشائعات المتداولة عن أن تكلفة جوازات السفر سترتفع، وتوجه العدد الأكبر إلى مركز العدليّة للحصول على جواز السفر في نفس اليوم.
لكن السبب الأساسي يبقى في تحديد عدد معين لاستقبالهم في مراكز الأمن العام وهو ما دفع المديرية إلى إصدار قرار جاء فيه أن أنها "ستقوم باستقبال طلبات جوازات السفر في دائرة العلاقات العامة، وفي المراكز الإقليمية كافة، بشكل اعتيادي خلال الدوام الرسمي، من دون الحاجة للاستحصال على رقم مسبق قبل الدخول اعتباراً من تاريخ 13/08/2021.
تعطل الطلبات
قرار المديرية العامة للأمن العام وان خفف الضغط على مركز العدلية الا أن الضغط ارتفع في باقي المراكز منها مركز المتن، حيث أشار شربل الذي يعمل صحفيا في إحدى الصحف اللبنانية لـ"العين الإخبارية": "انتظرت يوم الجمعة الماضي لساعات دون التمكن من تقديم طلب للحصول على جواز سفر".
أضاف: "قدمت إلى المركز عند الساعة التاسعة صباحاً، لم أكن أعلم أن الناس تصطف بالطوابير، انتظرت حتى الساعة الواحدة بعد الظهر، حتى أطلعني عنصر من الأمن العام أنه يستحيل أن أتمكن من تقديم طلب في ظل كل هذا العدد، ما دفعني إلى المغادرة بعد كل الوقت الذي أضعته في ظل ارتفاع درجة الحرارة والرطوبة، لأعود يوم الإثنين عند الساعة الثامنة صباحاً، حيث تمكنت من الانتهاء من هذه المهمة الشاقة عند الساعة الثانية بعد الظهر".
وقال غاضبا: "لأجل ما رأيته من طوابير الذل قررت مغادرة لبنان، وإذ بي اصدم أنه عليّ الانتظار بطابور لأحصل على جواز سفري وإذا تحققت امنيتي بمغادرة بلدني لا يزال ينتظرني طابور آخر في المطار".
لم تكن مراكز الأمن العام في بيروت تقبل أكثر من مئتي طلب، وهو ما دفع الناس إلى التهافت عند الساعة الرابعة فجراً للحصول على دور لهم، منهم هناء التي تعمل في شركة اتصالات، حيث شرحت لـ"العين الإخبارية" أنها قصدت مركز السوديكو عند الساعة الرابعة فجراً كانت من أوائل الواصلين واضافت "4 ساعات ونحن ننتظر خارجاً، إلى أن فتح المركز وتمكنت من إنجاز المعاملة بسرعة، حرمت النوم في تلك الليلة من أجل الحصول على ابسط حقوقي".
الأمر لا يقتصر على طابور الانتظار في مراكز الأمن العام، فللحصول على إخراج قيد فردي أمر شبه مستحيل بعدما نفدت إخراجات القيد من دوائر النفوس، بسبب عجز الدولة عن طرح مناقصات لتلزمها نتيجة شحّ الدولار، ليظهر سوق سوداء جديد، أصبح يلجأ إليه المواطن لتأمين استخراج قيد بالسعر الذي يضعه العاملون في هذا السوق، وإن كان الأمن العام أصدر قراراً وافق فيه على تصديق إخراجات القيد التي يعود تاريخها إلى العام 2017 وما بعد، إلا أن الحاجة إلى إخراج القيد لا يقتصر على جواز السفر، فالمدارس على الأبواب والتلاميذ بحاجة لها، كذلك فيما يتعلق بدخول المستشفى.
توقف المعاملات
وفي هذا السياق نفذ المواطن سليمان عبود اعتصاما وإضرابا عن الطعام أمام دائرة النفوس في سرايا صور، احتجاجا على عدم حصوله على إخراج قيد لابنه، ليسجله في المدرسة، بحسب ما ذكرت "الوكالة الوطنية للإعلام" وقال عبود الذي يفترش الأرض منذ ثلاثة أيام أمام السرايا: "إن دائرة النفوس تزعم أن لا أوراق إخراج قيد لديها والمعاملات متوقفة فيها. أنا ماض بالاعتصام تعبيرا عن معاناة الناس وقررت الإضراب عن الطعام إلى حين حصولي على مستند قيد".
مختار حيّ المنارة – صور محمد بدوي أكد لـ"العين الإخبارية" أن "سعر إخراج القيد في السوق السوداء يصل إلى 500 ألف ليرة، والذين يبيعونه مجموعة من السماسرة في دائرة النفوس، والأمر لا يقتصر على صور، فالصورة ذاتها في مختلف المناطق اللبنانية"، لكن في الحقيقة هناك من اضطر إلى دفع 50 دولار وأكثر للحصول على إخراج قيد، فقد كتب عدد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي تجربتهم المريرة والمبالغ التي دفعوها للحصول على اخراج قيد فردي.
كذلك أشار رئيس رابطة مخاتير طرابلس فتحي حمزة لـ"العين الاخبارية" إلى أن "الشح في ورق اخراج القيد هو الذي أدى إلى ظهور السوق السوداء" مشدداً على أن "الدولة اللبنانية تعرف جيداً من هم السماسرة ولا تقوم بتوقيفهم"، لافتاً إلى أنه "منذ مدة ونحن على هذا الحال، وقد صدر تعميم عن المديرية العامة للأحوال الشخصية في لبنان اعتبرت خلاله أن أي استخراج قيد افرادي صادر في شهر حزيران سنة 2017 وما بعد قابل للتجديد".
لافتاً إلى أن "قيادة الجيش تولت طباعة إخراجات القيد وهذا الأمر يتطلب مبالغ مالية، وقد تم اخذ الموافقة من وزارة المالية بإعطاء سلفة لقيادة الجيش للمباشرة بطباعتها"، وفيما يتعلق بتسجيل الأطفال حديثي الولادة شرح "يتم تنفيذ الولادة وتسجيلها في الدفتر الرسمي ولا يجب ان ننسى أن إخراجات القيد العائلية متوفرة".
aXA6IDE4LjIxNy4yMzcuMTY5IA== جزيرة ام اند امز