2019.. عام عودة العنصرية إلى ملاعب أوروبا
عام 2019 شهد ظهور العديد من وقائع العنصرية في ملاعب كرة القدم الأوروبية بشكل غير مسبوق في السنوات الأخيرة
شهد عام 2019 ظهور العديد من الأحداث والوقائع المرتبطة بالعنصرية في ملاعب كرة القدم الأوروبية، بشكل غير مسبوق خلال السنوات الأخيرة، حيث إن جماهير المنتخبات والأندية في القارة العجوز حاولت استغلال الملاعب ووسائل التواصل الاجتماعي من أجل استفزاز الفرق المنافسة لفرقها على مدار العام الماضي بشكل مبالغ فيه.
وبدأت العنصرية تعود خلال هذا العام كمرض يعاود الانتشار مجددا في الملاعب الأوروبية بصورة معدية، دون وجود عقاب صريح له، ما استدعى الاتحادات الدولية والأوروبية وبعض المؤسسات واللاعبين أن ينبهوا إلى ضرورة اتخاذ مواقف حاسمة ضد تلك الممارسات.
وتعرض عدد كبير من لاعبي فرق ومنتخبات أوروبا لهتافات عنصرية، وكان من بين ضحايا تلك الحوادث نجوم بحجم رحيم سترلينج، جناح مانشستر سيتي الإنجليزي ومنتخب إنجلترا، وبول بوجبا، نجم منتخب فرنسا وفريق مانشستر يونايتد الإنجليزي، وزميله في الفريق ماركوس راشفورد، وآخرون.
العنصرية في الملاعب الإنجليزية
كانت الملاعب الإنجليزية أكثر من غيرها مرتعا كبيرا للهتافات العنصرية في العام الحالي، حتى بعيدا عن الدوري المحلي، فقد كان منتخب إنجلترا نفسه ضحية للعنصرية.
من بين من تعرضوا لهتافات عنصرية في إنجلترا رينيه هيكتور، لاعبة فريق توتنهام، التي أكدت أن عبارات عنصرية وجهت لها بسبب بشرتها السمراء من إحدى اللاعبات، التي عرف فيما بعد أنها صوفي جونز، لاعبة شيفيلد يونايتد، التي عاقبها الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم في مارس بالإيقاف لـ5 مباريات.
والغريب أن صوفي قررت اعتزال كرة القدم بعد تلك الواقعة، مؤكدة أنها بريئة من تلك الاتهامات، ومتهمة الاتحاد الإنجليزي بأنه منظمة لا تثق بها بسبب تلك العقوبة.
وتعرض رحيم سترلينج، لاعب مانشستر سيتي، لهتافات عنصرية في لقاء ضد تشيلسي في الدوري الإنجليزي، وبول بوجبا لهتافات من جماهير فريقه عندما أهدر ركلة جزاء ضد ولفرهامبتون في الموسم الماضي.
أما المشهد الأبشع في تلك القصة فكان الهتافات العنصرية التي تعرض لها لاعبو منتخب إنجلترا من أصحاب البشرة السمراء خلال مباراة بلغاريا في صوفيا، ضمن التصفيات المؤهلة لكأس أمم أوروبا 2020.
وتوقفت تلك المباراة مرتين بسبب تلك الهتافات، قبل أن يقرر لاعبو إنجلترا استكمالها في النهاية والرد على تلك الهتافات بفوز ساحق بـ6 أهداف دون رد، نصفها من توقيع أصحاب البشرة السمراء.
إيطاليا وهولندا وملاعب أخرى
لم يقتصر تزايد التوجه العنصري في الملاعب الأوروبية في 2019 على إنجلترا، بل إن الطليان طالهم الأمر بشكل واضح أيضا، وفي أكثر من مناسبة.
وكان جمهور فريق كالياري متورطا في حادثتين عنصريتين ضد مويس كين لاعب يوفنتوس، وروميلو لوكاكو مهاجم إنتر ميلان.
وقد استدعت تلك التصرفات أن يعلق عليها جياني إنفانتينو، رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا"، الذي طالب الاتحاد الإيطالي باتخاذ الإجراءات اللازمة للتصدي للعنصرية.
وعوقب نادي لاتسيو في أكتوبر/تشرين الأول الماضي بغرامة مالية بقيمة 20 ألف يورو وعقوبة لعب خلف أبواب مغلقة بدون جمهور من قبل اليويفا، بسبب الإساءات التي حدثت خلال لقاء رين الفرنسي بالدوري الأوروبي، وهي الاتهامات التي ارتبطت بترديد التحية الفاشية في القسم الشمالي من المدرجات، وهو القسم الذي تعرض للعقوبة، مع لعب لقاء سيلتيك الأسكتلندي بدون جمهور.
وتعرض ماريو بالوتيلي، نجم بريشيا، لهتافات عنصرية من جمهور هيلاس فيرونا، ضمن إحدى مباريات الدوري الإيطالي، ليقوم نجم منتخب إيطاليا السابق بركل الكرة في وجه الجماهير ويهدد بمغادرة الملعب.
الصحف تتورط
وإذا كانت العنصرية بين الجماهير تبدو لها أسبابها الواضحة، فإن ما قامت به صحيفة "كوريري ديلو سبورت" الإيطالية هذا الشهر بنشر عنوان حمل طابعا عنصريا عن لقاء روما وإنتر ميلان ضد الثنائي لوكاكو وكريس سمولينج، معنونة تقريرها عن اللقاء بالجمعة السوداء.
وشهدت تلك الواقعة ردود فعل غاضبة من قبل المتابعين ولاعبي الكرة الطليان الذين أدانوا التقرير بشدة خاصة في عنوانه الذي كان خير مثال على أن العنصرية في 2019 قد زادت عن حدها بشكل كبير.
وهدد جيورجينيو فينالدوم، نجم منتخب هولندا وفريق ليفربول، ومدربه في الطواحين رونالدو كومان، بالانسحاب من الملعب حال حدوث هتافات عنصرية، في أعقاب واقعة مؤسفة حدثت في دوري القسم الثاني الهولندي.
وجاءت تصريحات المدير الفني للطواحين على خلفية قيام أحمد ميندز موريرا، لاعب فريق إسكليسور، بمغادرة الملعب، بسبب هجوم جماهير فريق دين بوش عليه، خلال مواجهة الفريقين بدوري القسم الثاني الهولندي، ما أدى لتوقف اللقاء مؤقتا، حيث قام الحكم باصطحاب اللاعبين إلى خارج الملعب.
محاولات التصدي للعنصرية
وكان طبيعيا مع ازدياد التوجه العنصري في ملاعب القارة العجوز أن تزيد أيضا محاولات التصدي لتلك التوجهات، عبر مطالب عديدة بالتصدي بصور مختلفة.
ومن جانبه، نشر رحيم ستيرلينج مقالا في أبريل/نيسان الماضي عبر صحيفة "ديلي ميل" طالب خلاله بضرورة التصدي للعنصرية بشكل حاسم، مقترحا خصم 9 نقاط من الفرق التي تقوم جماهيرها بإطلاق هتافات عنصرية كعقاب يؤلم الجمهور، مع توقيع غرامات على الأشخاص المتورطين.
ومن جانبها، قامت رابطة الأندية الإنجليزية المحترفة والاتحاد الإنجليزي لكرة القدم بحملة عبر مواقع التواصل الاجتماعي للحث على الإبلاغ عن المتورطين في حالات عنصرية.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، طالب النيجيري الألماني ليون بالجون، لاعب فريق برايتون الإنجليزي، برد فعل جماعي من لاعبي كرة القدم ضد العنصرية.
أما الفيفا واليويفا فقد طالبا بردة فعل أكثر حدة مع العنصرية، فمن جانبه طالب ألكسندر سيفيرين، رئيس الاتحاد الأوروبي، بوقف المباريات حال تكرار الهتافات، وهو ما تم بالفعل لاحقا، بينما طالب نظيره في الاتحاد الدولي إنفانتينو بعقوبات شديدة على المتهمين في تلك التصرفات الإجرامية.
أما المشهد الأكثر روعة في التصدي للعنصرية فكان من فينالدوم وفرينكي دي يونج، ثنائي منتخب هولندا، اللذين وضعا أيديهما السمراء والبيضاء معا في محاولة سلمية لمحاربة العنصرية.