قصة الطباخ.. قاهر جلاكتيكوس الريال وعظماء أوروبا
قصة الطباخ الذي قهر أجيالا استثنائية في مختلف أندية أوروبا مطلع الألفية الثالثة.. تعرف على التفاصيل
نجحت العديد من أندية كرة القدم على مدار التاريخ في صناعة أجيال من العظماء ضمن فريق واحد، عبر تشكيل كتيبة مدججة بالنجوم البارزين خلال حقبة واحدة.
وبالنظر إلى آخر عقدين، وبالتحديد منذ بداية الألفية الثالثة، فإن مشجعي كرة القدم شهدوا على أجيال من العظماء، صنعتها أندية أوروبية في نفس الوقت.
ومع بداية القرن الـ21، نجح ميلان وريال مدريد وتشيلسي، في صناعة فرق تلمع بأسماء نجومها البارزين، المصنفين ضمن أفضل لاعبي العالم.
لكن تلك الأجيال التي ضمت العظماء، اصطدمت بحائط بشري، متمثل في المدرب الإسباني رافائيل بينيتيز، وهو ما تلقي "العين الرياضية" الضوء على قصته في مواجهة هؤلاء العظماء.
تدمير الجلاكتيكوس
تعهد فلورنتينو بيريز منذ توليه رئاسة نادي ريال مدريد الإسباني عام 2000، بصناعة فريق يضم أعتى نجوم العالم، ضمن مشروع أطلق عليه "الجلاكتيكوس".
بيريز لم يضع وقتا طويلا، بل بدأ فترته الرئاسية بصفقة مدوية من غريمه برشلونة، بجلب أفضل لاعب ضمن صفوفه، البرتغالي لويس فيجو، لينضم إلى كتيبة تضم إيكر كاسياس وراؤول جونزاليس وروبرتو كارلوس.
وبعد فترة وجيزة، أضاف بيريز إليهم صفقة قياسية آنذاك، بضم الفرنسي زين الدين زيدان قادما من يوفنتوس الإيطالي، ليضم في عامين متتاليين أفضل لاعبين في العالم.
وبعد تشكل جزء كبير من مشروع "الجلاكتيكوس" التاريخي، دخل الريال موسم 2000-2001 بكتيبة خارقة، لكنه اصطدم في الوقت ذاته بفالنسيا، الذي يخوض أول مواسمه تحت قيادة بينيتيز.
المدرب الإسباني استطاع مجابهة جيل الريال الاستثنائي، وضم برشلونة أيضا لضحاياه، لينهي الموسم بخطف لقب الدوري الإسباني بـ75 نقطة، بفارق 9 نقاط عن "الملكي" و11 أخرى عن البارسا.
وبعد خسارة الليجا وفي عام 2002، أضاف بيريز إلى كتيبة الخارقين عضوا جديدا، وهو البرازيلي رونالدو نازاريو، بطل كأس العالم وهدافه في العام ذاته، لينجح الميرينجي في تعويض خسارته ويتوج باللقب أمام فريق بينيتيز في موسم 2002-2003.
ومع تعادل كتيبة بينيتيز وتوازن الكفة مع جيل الخارقين، استمر بيريز في إضافة المزيد إلى الفريق، بضم الإنجليزي ديفيد بيكهام من مانشستر يونايتد، ليكتمل مشروع "الجلاكتيكوس" بضم أبرز نجوم العالم.
لكن اجتماع هذا الجيل الاستثنائي تحطم مجددا أمام حائط بينيتيز العنيد، بعدما نجح في قيادة "الخفافيش" لاستعادة لقب الليجا برصيد 77 نقطة، بينما تأخر الريال للمركز الرابع، وحل برشلونة ثانيا بفارق 5 نقاط أقل.
عظماء يوفنتوس
رحلة بينيتيز الاستثنائية مع فالنسيا دفعت ليفربول الإنجليزي للتحرك سريعا للحصول على توقيعه، عسى أن ينجح المدرب الإسباني في قيادة الفريق لإنجازات استثنائية، كما فعل في ملعب "ميستايا" معقل "الخفافيش".
لم يخيب بينيتيز ظن إدارة النادي الإنجليزي، ليقود الفريق في موسم 2004-2005 نحو رحلة استثنائية في دوري أبطال أوروبا، يتذكرها عشاق ليفربول حتى اليوم.
"الريدز" نجحوا بقيادة بينيتيز في العبور إلى ربع نهائي البطولة، ليصطدم رجال المدرب الإسباني بيوفنتوس الإيطالي، الذي كان يملك جيلا في طريقه للهيمنة على الألقاب الأوروبية.
جيل اليوفي التاريخي ضم جيانلويجي بوفون وفابيو كانافارو وليليان تورام وجيانلوكا زامبروتا وبافيل نيدفيد وأليساندرو ديل بييرو وزلاتان إبراهيموفيتش وديفيد تريزيجيه، بالإضافة لأسماء أخرى لامعة.
لكن تلك الكتيبة الاستثنائية سقطت أمام بينيتيز ورجاله، بالخسارة في إنجلترا (1-2)، قبل التعادل سلبيا في تورينو، ليتبخر حلم معانقة اللقب الغائب على يد الرجل الإسباني.
كسر أنف مورينيو
تزامن وصول بينيتيز إلى ليفربول مع توقيع المدرب البرتغالي جوزيه مورينيو لنادي تشيلسي الإنجليزي، ليبدأ الثنائي رحلتهما في إنجلترا معا موسم 2004-2005.
ولفت مورينيو نظر الإعلام مذ يومه الأول في لندن، بعدما خرج في أول مؤتمر صحفي، ليطلق على نفسه لقب "الاستثنائي" أو المميز، لكنه سرعان ما ترجم ذلك على أرض الملعب بحسم لقب الدوري الإنجليزي لصالحه.
مورينيو امتلك حينها جيلا مميزا، يضم بيتر تشيك وجون تيري وريكالدو كارفاليو وكلود ماكيليلي وفرانك لامبارد وآريين روبين وديدييه دروجبا.
ودخل هذا الجيل المميز بقيادة مورينيو في اختبار أوروبي حقيقي بمواجهة ليفربول "بينيتيز" في نصف نهائي دوري الأبطال، لكن "الريدز" نجحوا في كسر أنف المدرب الاستثنائي وطرده خارج البطولة.
سحرة ميلان
اجتياز ليفربول عقبة كتيبة مورينيو لم تكن آخر الصدامات الشاقة في موسمه الأول مع بينيتيز، إذ كان لزاما عليه قهر فريق مليء بالسحرة والنجوم المميزين في المباراة النهائية للمسابقة الأعرق على صعيد القارة الأوروبية.
وصول ليفربول إلى النهائي وضعه في صدام مع ميلان الإيطالي، الذي توج باللقب قبلها بعامين على حساب مواطنه يوفنتوس، وكان يضم كوكبة من العظماء أيضا.
"الروسونيري" ضم حينها الحارس البرازيلي ديدا وباولو مالديني وأليساندرو نيستا وياب ستام وكلارنس سيدورف وأندريا بيرلو وجينارو جاتوزو وريكاردو كاكا وهيرنان كريسبو وشيفتشينكو.
تلك الأسماء المخيفة بدأت بالفعل في التشكيلة الأساسية للمباراة النهائية، وهو ما وضع ليفربول ومدربه في حرج بالغ، وبقي السؤال "كيف سيصمد الريدز أمام هذا الوحش؟".
لم يكن ليفربول يمتلك نجوما بذات القدر والجودة في تشكيلته، لكنه دخل المباراة النهائية وحلمه معانقة المجد بالنجاح في الاختبار الأخير.
اصطدم ليفربول بالحقيقة المرة منذ الدقيقة الأولى، التي شهدت نجاح ميلان في التقدم بهدف مبكر، بعث رسالة للاعبي الريدز بأن ثمة سد منيع يحول بينهم وبين الكأس.
تلك الرسالة أعقبها جيل ميلان الفريد بهدفين متتاليين مع نهاية الشوط الأول، ليذهب "الروسونيري" إلى الاستراحة بالتقدم (3-0) الذي طمأن لاعبيه على اقتراب استعادة الكأس الغالية.
لم يجد بينيتيز نفسه سوى أمام مهمة صعبة، "كيف سينجو بنفسه من تلك المذبحة؟"، لكنه لم يكترث للتأخر بثلاثية، وأخذ يحدث لاعبيه منكسي الرأس عن كيفية العودة، ولسان حالهم "كفاك هراء أيها الرجل!".
لكن بينيتيز قرر التصدي لوحوش ميلان بإقحام لاعب الوسط الألماني ديتمار هامان، وكلفه بمهمة وحيدة.. "لا تسمح لكاكا بتمرير الكرة".
وبالفعل، نجح ليفربول في مباغتة وحوش ميلان مع بداية الشوط الثاني، بهدف تلو آخر، لينجح رجال بينيتيز في التعادل (3-3)، ليسجل الفريق عودة تاريخية، قادته للذهاب إلى ركلات الترجيح، التي ابتسمت له وكافأته على عدم استسلامه.
في النهاية، ضم بينيتيز كتيبة وحوش ميلان إلى قائمة العظماء، الذين سقطوا ضحايا له في فترة وجيزة، ليكتب التاريخ مجددا ويعيد الكأس إلى ليفربول بعد سنوات من الغياب.
الطباخ
تولى رافا تدريب ريال مدريد عام 2015، لكن تلك الرحلة شهدت صدامه المباشر بالإدارة وبعض نجوم الفريق، كما أسهمت النتائج في سرعة رحيله عن النادي بعد بضعة أشهر.
وذهبت شريحة عريضة من جماهير الفريق الملكي، للسخرية من بينيتيز عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لا سيما بعد انتشار صورة له أثناء أكله شطيرة "ساندوتش"، أثناء إحدى المباريات.
ومنذ تلك الصورة، بدأ المشجعون في إطلاق لقب "الطباخ" على بينيتيز، كما تم استغلال إحدى الصور المتداولة لإحدى مباريات الريال، والسخرية من خططه، بسبب سوء انتشار لاعبي الفريق داخل أرض الملعب.
ونسي هؤلاء المشجعين أو ربما لم يعرفوا لصغر سنهم، ما حققه من وصفوه بالطباخ على مدار مسيرته، وكم الأجيال الاستثنائية التي سقطت هيبتها على يديه.