«التضارب» الأمريكي في رفح.. بين «فوضى» بلينكن و«ممكن» بايدن
تمر أيام الحرب الثقال، وتتبدد الآمال في حل يوقف نزيف الدماء، في ظل مفاوضات متعثرة وإصرار إسرائيلي على التوغل لآخر شبر بغزة، لكن ما يزيد المأساة نفسها ما يمكن وصفه بـ«تضارب مواقف الإدارة الأمريكية» حليف تل أبيب وورقة الضغط الأبرز، الذي لن يفضي في النهاية.
فالرئيس الأمريكي جو بايدن ووزير خارجيته أنتوني بلينكن بديا يتحدثان في شكل «متضارب»، فالأول ربط بشكل رسمي وقف إطلاق النار في القطاع بإطلاق حماس سراح الرهائن رغم رفضه اجتياح رفح، في حين عكست تصريحات بلينكن موقفا أكثر تشددا، إذ حذر إسرائيل من استمرار إطلاق النار والتوغل في رفح، مؤكدا أن الهجوم قد تنجم عنه "الفوضى" مع احتمال عودة حماس.
- إسرائيل تفتتح معبرا شمال غزة.. و«أوتشا» تحذر من الانهيار
- ماذا فعلت حرب غزة في جنود إسرائيل؟ إحصائية جديدة للقتلى والمصابين
بلينكن يحذر
وحذر بلينكن، الأحد، من أن هجوما إسرائيليا واسعا على رفح سيزرع "الفوضى" دون القضاء على حماس، مقرا أن عدد المدنيين الذين قضوا في الحرب أكثر من عدد القتلى في صفوف الحركة الفلسطينية.
واعتبر بلينكن في مقابلة مع محطة "إن بي سي" التلفزيونية الأمريكية أن "الخطة الحالية التي تدرسها إسرائيل في رفح قد تلحق أضرارا هائلة في صفوف المدنيين دون حل المشكلة، وسيبقى آلاف العناصر المسلحين من حماس حتى مع حصول هجوم في رفح".
وأكد "رأينا حماس تعود إلى مناطق حررتها إسرائيل في الشمال حتى في خان يونس"، المدينة الجنوبية القريبة من رفح.
وأضاف بلينكن "ناقشنا معهم طريقة أفضل بكثير للتوصل إلى نتيجة دائمة".
وردا على سؤال حول معرفة الولايات المتحدة بشأن عدد المدنيين القتلى في قطاع، أقر بلينكن بأنه «أكبر من عدد قتلى حركة حماس».
بايدن يشترط
ورغم موقفه الرافض لاجتياح رفح، فإن الرئيس بايدن أعلن أنّ وقف إطلاق النار ممكن "غداً" في الحرب إذا أفرجت الحركة الفلسطينية عن الرهائن الذين تحتجزهم في قطاع غزة، وهو ما يوحي بإعطاء الضوء الأخضر لإسرائيل ودعم موقفها لاستمرار الحرب.
وخلال حفل، الجمعة، لجمع التبرّعات أقيم خارج سياتل في منزل مدير تنفيذي سابق في شركة مايكروسوفت، قال بايدن إنّه "إذا أطلقت حماس سراح الرهائن فسيكون هناك وقف لإطلاق النار غداً".
وأضاف: "قالت إسرائيل إن الأمر يعود إلى حماس، إذا أرادوا أن يفعلوا ذلك، يمكننا إنهاء الأمر غدا. ووقف إطلاق النار سيبدأ غدا".
وكان بايدن حذر إسرائيل من أنه سيتوقف عن تزويدها قذائف مدفعية وأسلحة أخرى إذا هاجمت قواتها مدينة رفح، في جنوب قطاع غزة.
حماس ترد
من جانبها، اعتبرت حركة حماس، الأحد، أن "تصريحات الرئيس الأمريكي جو بايدن التي رهن بها وقف إطلاق النار في غزة بإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين في القطاع تراجعاً عن نتائج الجولة الأخيرة من المفاوضات".
وقالت الحركة، في بيان: "تابعنا باستهجان التصريحات التي أدلى بها الرئيس الأمريكي، والتي رهنت وقف إطلاق النار في غزة بإطلاق حماس سراح المحتجزين في القطاع. وإذ ندين هذا الموقف فإننا نعتبره تراجعاً عن نتائج الجولة الأخيرة من المفاوضات، التي أفضت إلى موافقة الحركة على المُقتَرَح الذي تقدّم به الوسطاء في مصر وقطر، بعلم واطلاع الوسيط الأمريكي".
وأوضحت حماس في بيانها أنها "أبدت في كل مراحل مباحثات وقف العدوان المرونة اللازمة للمضي باتجاه إنجاز اتفاق"، بحسب قولها.
وأردفت أن "هذا الموقف للرئيس بايدن يؤكّد من جديد الانحياز الأمريكي واستمراره في منح الغطاء السياسي والدعم العسكري لحرب الإبادة التي تشنّ ضد شعبنا، وإتاحة المزيد من الوقت لجيش الاحتلال الإرهابي لاستكمال عمليات التدمير والقتل والإبادة في القطاع".
واتهمت حماس في بيانها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وحكومته بـ"المسارعة إلى الانقلاب على المفاوضات".
«جحيم رفح»
وعلى الأرض، استمر فلسطينيون أنهكتهم الحرب، الأحد، في التدفق نحو المناطق الساحلية في مدينة رفح الجنوبية هربا من القصف العنيف على مناطقها الشرقية التي طلبت إسرائيل من سكانها إخلاءها، ويصف أحدهم الوضع منذ ثلاثة أيام في المدينة بـ"الجحيم".
وأفاد الجيش الإسرائيلي بأنّ نحو 300 ألف منهم غادروا الأحياء الشرقية للمدينة بعد عدّة أوامر إجلاء أصدرتها الدولة العبرية.
وخلال الأيام الأخيرة، تعرضت المناطق الشرقية في المدينة لقصف شديد بعدما دخلتها الدبابات والقوات البرية الإسرائيلية لتنفيذ "ضربات محددة".
ومع نزوح أهالي شمال قطاع غزة نحو الجنوب هربا من القتال في الحرب المستمرة منذ أكثر من سبعة أشهر، بات عدد سكان رفح 1,4 مليون نسمة بحسب الأمم المتحدة.
واندلعت الحرب في السابع من أكتوبر/تشرين الأول بعدما نفذت حماس هجوما غير مسبوق في جنوب إسرائيل أسفر عن مقتل أكثر من 1170 شخصا معظمهم مدنيون، حسب تعداد لفرانس برس يستند إلى بيانات إسرائيلية رسمية.
وخطف أكثر من 250 شخصا ما زال 128 منهم محتجزين في غزة توفي 36 منهم، وفق مسؤولين إسرائيليين.
وردّاً على الهجوم، تعهدت إسرائيل "القضاء" على حماس، وتنفذ مذاك حملة قصف مدمرة وعمليات برية في قطاع غزة تسبّبت بسقوط 35034 قتيلا غالبيتهم مدنيون، وفق وزارة الصحة التابعة لحماس.
aXA6IDE4LjIxOC43MS4yMSA= جزيرة ام اند امز