كوستاريكا المتجددة.. المياه نبض الطاقة النظيفة
تُعد كوستاريكا دولة رائدة بمجال الطاقة النظيفة، وخاصة في الطاقة الكهرومائية -مصدر الطاقة السائد في البلاد.
وتعرف كوستاريكا نفسها وبفخر كواحدة من أكبر الدول الرائدة في مجال الطاقة وهذا ليس من فراغ، حيث أن عاصمتها سان خوسيه كانت بعد نيويورك وباريس ثالث مدينة مضاءة بنور كهربائي.
وتسعى الدولة التي تقع في أقصى غرب الكرة الأرضية (بأمريكا الوسطى) بشكل مرن ومضطرد لتكون نموذجًا محوريًّا في تبني مشاريع ذات زخم ملموس في مجال الطاقة المتجددة. ففي الوقت الذي تعصف الأزمات والصراعات الجيوسياسية والجيو اقتصادية بالنظام الدولي الراهن من كل حدب وصوب، نجد في المقابل لمحة إيجابية تبشر بمستقبل أفضل من خلال جهود كوستاريكا الحثيثة في تطويع موارد الطبيعة بما يخدم متطلبات مصلحتها الوطنية الداخلية.
في عام 2020، زودت الشركة الوطنية للطاقة والضوء في كوستاريكا (CNFL)، البلاد، بنحو 99.78% من إنتاج الطاقة بأكملها.
وفي عام 2018، تم اشتقاق 98% من طاقة كوستاريكا الكهربائية من مصادرها المتجددة، وجاء حوالي 72% منها من الطاقة الكهرومائية و15% من الطاقة الحرارية الأرضية.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2021، وافقت كوستاريكا على مشروع قانون لتشجيع توليد موارد الطاقة الموزعة من المصادر المتجددة.
وأصبحت حياة سكان كوستاريكا تنبض بالطاقة النظيفة من إنتاج الكهرباء المتجددة الخاصة بهم، إلى حد أن البلاد تبيع الطاقة الفائضة لديها.
وتقوم معظم الشركات التي تبيع أنظمة الطاقة الشمسية بتجميع الألواح الشمسية الآسيوية مع بعض المكونات المصنوعة في الولايات المتحدة.
لكن واقع الطاقة المتجددة في كوستاريكا يشهد اهتزازاً يرتبط بمعدل هطول الأمطار، فما هي الأسباب وكيف استعدت كوستاريكا لهذا؟
واقع الطاقة المتجددة 2024
يتوقع معهد الكهرباء في كوستاريكا (ICE) انخفاضًا تاريخيًا في إنتاج الطاقة المتجددة، وسيبلغ هذا الانخفاض 10% تقريبا في توليد الطاقة المتجددة
ونقلت صحيفة "ذا تيكو تايم" عن الرئيس التنفيذي للمؤسسة ماركو أكونيا، أن هذا الوضع من شأنه أن يولد اعتماداً أكبر على النفط. ومن الممكن أن يتسبب الجفاف ونقص هطول الأمطار الناتج عن ظاهرة النينيو في أكبر انخفاض في السنوات الأخيرة.
ويحتكر المعهد الكوستاريكي للكهرباء (ICE) توزيع الكهرباء وتوليدها في كوستاريكا، لكن هناك بعض الاستثناءات، حيث يتم ترخيص المؤسسات العامة الأخرى والشركات الخاصة (القانون رقم 7200) والتعاونيات بموجب القانون لتوليد وبيع الكهرباء.
وشهدت كوستاريكا انخفاضا في توليد الطاقة المتجددة من إلى 99% إلى 98% بين عامي 2015 و2022، إلى 94.91% في عام 2023، ووفقا للمركز الوطني للتحكم في الكهرباء، قد يكون توليد الطاقة المتجددة أقل خلال العام الحالي.
وقال أكونيا: "نحن ننتظر هطول المزيد من الأمطار، لكن التوقعات تشير إلى أننا سنختتم عام 2024 بنسبة 90% من توليد الطاقة المتجددة و10% من الطاقة الحرارية".
الطاقة الكهرومائية
تكمن المشكلة الرئيسية للبلاد في اعتمادها على توليد الطاقة الكهرومائية، وفقًا لـ (ICE) حيث يبلغ هذا المعدل 70% تقريبًا.
ويشير أكونيا في هذا السياق إلى أن مستويات الخزانات قد وصلت إلى أدنى مستوياتها التاريخية، مما أجبرهم على الاعتماد بشكل أكبر على المحطات الحرارية.
وعلى الرغم من هطول الأمطار، قد لا يكون هناك ما يكفي من المياه في الأنهار لتوليد هذا النوع من الطاقة، لذلك يتم استخدام الوقود بدلا منها.
أما الاعتماد على النفط لا يشكل تحديات بيئية فحسب، بل يشكل أيضاً عقبات اقتصادية، فعلى سبيل المثال كلف شركة (ICE) استئجار المحطات الحرارية وحده، بهدف المساهمة بقدرة 150 ميغاواط في نظام الطاقة، نفقات قدرها 82 مليون دولار.
بالإضافة إلى ذلك، يجب أن يؤخذ في الاعتبار الإنفاق على وقود الديزل لهذه المحطات، والزيادة الناتجة في التكاليف كبيرة.
الطاقة الشمسية والبدائل الأخرى
أعلنت شركة الكهرباء في كوستاريكا (ICE) عن زيادة الاستثمار في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في السنوات المقبلة.
ووفقاً للرئيس التنفيذي للشركة يعد هذا جزءاً من خطة التوسع التي ينبغي تنفيذها بحلول عام 2026. وفي الوقت الحالي، يمثل توليد الطاقة الشمسية أقل من 1% من مصفوفة الطاقة في كوستاريكا.
وتتوقع خطة التوسعة إنتاج أكثر من 400 ميغاواط من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح مجتمعة، أي 12% من القدرة المركبة الحالية، باستثمارات تبلغ 540 مليون دولار، سيساهم القطاع الخاص بمعظمها.
ورغم ذلك، تراهن شركة (ICE) أيضًا على بناء محطة جديدة للطاقة الكهرومائية، معلنة عن مشروع بقيمة 291 مليون دولار سيتم إطلاقه في عام 2030.
ويؤكد مسؤولو الشركة أنه لا يمكن الاعتماد على نوع واحد فقط من الطاقة.
فعلى سبيل المثال، في الليل، تكون محطات الطاقة الشمسية غير منتجة، وفي تلك الأوقات تحتاج البلاد إلى احتياطيات توفرها محطات الطاقة الحرارية الأرضية أو الطاقة الكهرومائية أو الحرارية.
ولكي تكون هناك طاقة دائمًا، تحتاج كوستاريكا إلى مصادر طاقة متسقة؛ و"لهذا السبب لا يمكننا التخلي عن الطاقة الكهرومائية"، بحسب أكونيا.
مشهد تنافسي
تتمتع الشركات الأمريكية بحضور قوي في كوستاريكا من خلال بيع منتجاتها من خلال الموزعين المحليين أو المشاريع المشتركة.
بينما يتمثل المنافسون الرئيسيون للشركات الأمريكية في مجال الطاقة الشمسية في كوستاريكا، في العلامات التجارية الصينية.
ومعظم الشركات التي تبيع أنظمة الطاقة الشمسية هي شركات محلية تقوم بتجميع الألواح الشمسية الآسيوية مع بعض المكونات المصنوعة في الولايات المتحدة، حيث يعد مجال المنافسة الرئيسي للشركات الأمريكية هو البطاريات التراكمية المستخدمة في معدات الطاقة الشمسية.
aXA6IDMuMTQuMTM1LjgyIA== جزيرة ام اند امز