حدث في رمضان.. مولد العلامة الألوسي
في يوم السبت 19 من رمضان عام 1272هـ الموافق 12 مايو 1856م، ولد العلَّامة المحدِّث محمود شكري الألوسي
في يوم السبت 19 من رمضان عام 1272هـ الموافق 12 مايو 1856م، ولد العلَّامة المحدِّث محمود شكري الألوسي، وسُمي الألوسي نسبة لبلدة ألوس، وهي بلدة تقع على نهر الفرات في الأنبار.
هو محمود شكري بن عبد الله بن شهاب الدين الألوسي، أديب ومؤرخ عراقي، وهو أحد علماء أهل السنة في العراق، وهو من المتمسكين بمنهج السلف الصالح ومن أحد الشخصيات البارزة في العالم العربي والإسلامي.
وهو من أحفاد شهاب الدين أبو الثناء الألوسي الكبير، من ذرية الإمام موسى المبرقع بن الإمام محمد الجواد الهاشمي القرشي.
وكانت له مجالس في مساجد بغداد للوعظ والإرشاد، خصوصا جامع الإمام الأعظم الواقع في الأعظمية، حيث استمر إماما وخطيبا في جامع أبو حنيفة لمدة 40 عاما، وكان الشيخ محمود وابن عمهِ الشيخ علي الألوسي من رواد مجلس بيت الشيخلي.
كان الألوسي محبا للعلم منذ صغره؛ فقد حفظ القرآن وهو في الثامنة من عمره، وأخذ إجازات العلم من الكثير من علماء بغداد، وقد قضى حياته بين التدريس والتأليف، وأسهم في إنشاء جريدة "الزوراء" وهي أول جريدة في بغداد، وأسهم في العديد من المقالات والبحوث للعديد من المجلات مثل "المقتبس" و"المشرق" و"المنار" و"مجلة المجمع العلمي العربي".
عُرف الألوسي بحبه للأدب والتفقه مع ميله للتصوف، لكنه أخذ بنزعة عقلانية عالية جعلته أقرب لدعاة السلفية الإصلاحيين في عصره، مثل رشيد رضا ومحمد عبده.
وكره الألوسي ما يفعله الصوفيون من المبالغة والمغالاة في أهل القبور، وما يفعلونه من الخرافات ونذر النذور لهم؛ فقال: "وكرهت ما شاهدته من البدع والأهواء، ونفر قلبي منها كل النفور، حتى إني منذ صغري كنت أنكر على من يغالي في أهل القبور، وينذر لهم النذور، ثم إني ألّفت عدة رسائل في إبطال هذه الخرافات، فعاداني كثير من أبناء هذا الوطن"، واصطدمت نزعته العقلانية ومحاولاته الإصلاحية، ومحاربته الخرافات والبدع، وترويجه لمؤلفات الإمام ابن تيمية بالقوى الصوفية المحلية، أثارت المسؤولين في إسطنبول؛ ولذلك صدر قرار بنفيه إلى ديار بكر، فنُفي بالفعل.
وفي طريقه إلى المنفى مر بالموصل، فبادر أهلها وتوسطوا من أجل إلغاء النفي، وبقي في الموصل، وعندما احتل البريطانيون العراق عام 1917م، حاولوا أن يقربوه إليهم؛ لمكانته ومكانة أسرته عند الناس، فعرضوا عليه منصب الإفتاء العام، فرفض المنصب مفضلاً المبدأ على المنصب.
وكان محمود الألوسي يخط مؤلفاته بخطه، وهو خطاط بارع من أئمة الخط العربي في بغداد، وأخذ إجازة الخط من والدهِ، وفي خطه روعة وجمال وكان يخط على قاعدة ياقوت المستعصمي، ومن آثاره كتب ومخطوطات كثيرة لا تزال في المكتبة القادرية، وقد تخرج على يديه الكثير من الخطاطين.
قام الألوسي بتأليف عدة كتب ورسائل، تتجاوز 50 مؤلفا ما بين مختصر ومطول، ومن أهم مؤلفاته: (ما دل عليه القرآن مما يعضد الهيئة الجديدة)، وكتاب (غاية الأماني في الرد على النبهاني)، كما كان له فضل كبير في نشر مؤلفات ابن تيمية وابن القيم الجوزية.
ويُعَد محمود الألوسي بكل هذا النشاط واحدا من دعائم مدرسة التجديد السلفي، وكانت له صلة أيضا بجمال الدين الأفغاني، صاحب فكرة التجديد في الإسلام. ومن كتبه التاريخية المهمَّة "تاريخ نجد".
توفِّي محمود الألوسي في يوم 4 شوال عام 1342هـ الموافق 8 مايو عام 1924م عن عمر 70 عاما.