شهر رمضان شهر الخير والبركة، وهو شهر التنافس على الطاعات، والاجتهاد في أنواع العبادات، فضائله لا تحصى.
وهو خير الشهور وأفضلها، ولذلك فإن المسلم إذا أقبل عليه رمضان اجتهد في حسن اغتنامه، بأداء ما أوجبه الله عليه من الفرائض، وما سنَّه له من النوافل، والإكثار من تلاوة القرآن الكريم، وبالتصدق والإنفاق وأنواع البر والإحسان، ليزيد من رصيد حسناته في هذا الشهر المبارك، وقد وصف النبي صلى الله عليه وسلم شهر رمضان بالبركة وبيَّن فضائله فقال: "أتاكم شهر رمضان، شهر مبارك، فرض الله عليكم صيامه، تفتح فيه أبواب الجنة، وتغلق فيه أبواب الجحيم، وتغل فيه مردة الشياطين، وفيه ليلة هي خير من ألف شهر من حرم خيرها فقد حرم".
وقد زارنا رمضان هذا العام ونحن نواجه أزمة صحية عالمية، وهي أزمة كورونا، التي هددت ولا تزال الصحة العالمية في كل مكان، وراح ضحيتها الملايين من البشر، وقد قطعت دولتنا شوطا كبيرا في التصدي له ومكافحته، عبر وسائل الوقاية والتطعيم وغير ذلك، وهو ما يحتم علينا مواصلة كفاحنا ضد هذا الوباء، بالتحلي بالوعي الرشيد والمسؤولية الحكيمة، ليكون شهر رمضان شهر بركة وأمان.
ومن فضل الله علينا في هذا الموسم الرمضاني أن يسر لنا فتح المساجد لنؤدي فيها الصلوات الخمس والجمع وصلاة التراويح، بعد أن حُرمنا من ذلك العام الماضي، بسبب جائحة كورونا، فعلينا أن نحافظ على هذه النعمة ونحرص على استدامتها، باتباع الإجراءات الوقائية في المساجد، وهي إجراءات سهلة ميسورة، تكفل سلامتنا وسلامة مجتمعنا، ومن ذلك كذلك اجتناب المصابين بهذا المرض أو المشتبه بإصابتهم للمساجد والتجمعات، والتزامهم بإجراءات الحجر، وأداء الصلوات في مكانهم، فإنهم مأجورون على ذلك، مثابون عليه، وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن حضور المساجد لمن يؤذي المصلين برائحة طعام أكله كالثوم فكيف بمن يهدد حياتهم بالوباء الذي يضرهم في أبدانهم ويهدد أرواحهم؟!
ومن أسباب نيل البركة في شهر رمضان التواصل مع الأرحام، وإصلاح ذات البين، وإزالة الحفوة، ونشر المودة والرحمة، وذلك عن طريق الأجهزة الذكية، التي وفرت لنا بحمد الله سبل التواصل المكتوب والمسموع والمرئي مع من نحب من أقارب وأرحام وأصدقاء، بكل سهولة ويسر، دون أن نتسبب في أذيتهم بالتواصل الحضوري معهم، فمن الإجراءات التي يتعين علينا الالتزام بها في هذه الفترة البعد عن التجمعات العائلية، لئلا نكون سببا في أذية أحبابنا بنقل الوباء إليهم، وبالإضرار بمجتمعنا بتوسيع نطاق العدوى، فنكسب الآثام، ونشيع الحزن والألم والندم، وإن من تمام البر بالأرحام الحرص على سلامتهم وأمانهم، والتواصل معهم إلكترونيا، والدعاء لهم، وتقديم يد العون إليهم بالسبل المأمونة.
إن أبواب البركة في رمضان كثيرة لا تنحصر، سواء على نطاق العبادات المتنوعة أو على نطاق التعاون مع أسرنا على البر والتقوى أو على نطاق التواصل الإلكتروني ونشر الكلمة الطيبة أو على نطاق أعمال البر والإحسان عبر التطبيقات الذكية أو على نطاق القيام بحق وطننا ومجتمعنا بالالتزام بالإجراءات الوقائية ضد جائحة كورونا.
نسأل الله تعالى أن يجعل شهرنا شهر بركة وأمان، وأن يوفقنا فيه لصالح الأقوال والأعمال، وأن يتقبلها منا، وأن يرفع هذا الوباء عاجلا غير آجل، بفضله وكرمه.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة