اجتماع رامشتاين.. أوروبا تعيد ضبط البوصلة نحو أوكرانيا ورسالة أمريكية
رغم فشل اجتماع رامشتاين في إيصال رسالة دعم مباشرة لأوكرانيا، إلا أن دولا غربية وأوروبية، باتت تفتش عن طرق أخرى لمؤازرة كييف.
وفشل اجتماع عقد يوم الجمعة، في قاعدة رامشتاين الجوية الأمريكية، شاركت فيه نحو خمسين دولة، في الاتفاق على تسليم أوكرانيا دبابات ثقيلة على الرغم من مطالباتها المتكررة، لكنهم أعلنوا تسليمها كميات كبيرة من الأسلحة إلى كييف.
ورغم مضي ثلاثة أيام على ذلك الاجتماع، إلا أن صفحته لم تطو بعد؛ ففي محاولة من الاتحاد الأوروبي لاستدراك ما فاته، حث رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل زعماء دول الاتحاد الأوروبي على المضي قدما في محادثات بشأن استخدام أصول البنك المركزي الروسي المصادرة بقيمة 300 مليار دولار لإعادة إعمار أوكرانيا.
الأصول الروسية
ونقلت صحيفة فايننشيال تايمز اليوم الإثنين عن ميشيل، قوله إنه يريد بحث فكرة إدارة الأصول المجمدة للبنك المركزي الروسي لتحقيق أرباح والتي يمكن تخصيصها بعد ذلك لجهود إعادة الإعمار.
وأشار رئيس المجلس الأوروبي إلى أن "الأمر يتعلق بالعدالة والإنصاف، ويجب أن يتم بما يتماشى مع المبادئ القانونية".
وكان الاتحاد الأوروبي قد جمد 300 مليار يورو (326.73 مليار دولار) من احتياطيات البنك المركزي الروسي في نوفمبر/تشرين الثاني لمعاقبة موسكو على عمليتها العسكرية في أوكرانيا.
لم تكن تلك الخطوة الوحيدة التي خطتها أوروبا لتدارك أزمة رامشتاين، بل إن ألمانيا التي رفضت تسليم أوكرانيا دبابات ليوبارد لتخوفات لديها، بدأ موقفها يتصدع، ببروز شخصيات تعارض موقف المستشار الألماني أولاف شولتز.
تصدع ألماني
إحدى هذه الشخصيات كانت وزيرة الخارجيّة الألمانيّة أنالينا بيربوك والتي قالت إن بلادها مستعدّة للسماح لبولندا بإرسال دبّابات ليوبارد إلى أوكرانيا التي تصر بشدّة على ضرورة تسليمها إيّاها.
وفي تصريحات زادت الضغط على المستشار أولاف شولتز الذي لا يزال متردّدًا في اتّخاذ قرار حيال هذه المسألة، قالت الوزيرة المنتمية إلى حزب الخضر المشارك في الائتلاف الحكومي مع الليبراليّين والديموقراطيّين الاجتماعيّين بزعامة شولتس: "إذا طُرِح السؤال علينا، فلن نُعارض" تسليم هذه الدبّابات الألمانيّة الصنع إلى كييف.
وأضافت الوزيرة خلال مقابلة في باريس عبر قناة "إل سي إي" الفرنسيّة، "في الوقت الحالي، لم يُطرَح السؤال" من جانب بولندا التي يُفترض بها تقديم طلب رسمي إلى برلين.
غير أنّ القرار النهائي في هذه المسألة يعود إلى شولتز الذي رفض حتّى الآن التعليق على مسألة عمليّات التسليم غير المباشرة لهذه الدبّابات. كما أنّه لم يُعلّق على مسألة إرسال دبّابات ليوبارد مباشرةً من المخزون الألماني.
ومن الخارجية الألمانية إلى الليبراليين في البلد الأوروبي، لم يتغير الموقف كثيرًا بشأن تسليم دبابات ليوبارد لأوكرانيا؛ فالليبراليّة ماري-أغنيس ستراك-زيمرمان أعربت عن أسفها لمحادثات رامشتاين، قائلةً: "على الأقلّ كان من العدل منح الشركاء الضوء الأخضر" لتسليم دبّابات ليوبارد موجودة في مخزوناتهم.
رئيسة لجنة الدفاع في البوندستاغ قالت إنّ "التاريخ ينظر إلينا، ولسوء الحظ فشلت ألمانيا للتوّ".
ضغوط متزايدة
من جهتهم، أسف المحافظون بسبب مماطلة المستشار شولتز. وقال يوهان واديفول، عضو حزب الاتّحاد الديموقراطي المسيحي المحافظ، إنّه "يمكن للصناعة الألمانيّة تسليم ما يقرب من 200 دبّابة من طراز ليوبارد 1 على الفور".
ورغم الموقف المناوئ، إلا أن وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس في مقابلة مع قناة "إيه آر دي" الألمانيّة، وقف إلى صف شولتز، قائلا إنّ القرار في هذا الإطار "يعتمد على كثير من العوامل ويتمّ اتّخاذه في المستشاريّة".
وتتعرّض الحكومة الألمانيّة لضغوط متزايدة من أجل تزويد أوكرانيا دبّابات ليوبارد التي يمكن أن يكون لها تأثير كبير على ساحة المعركة ضدّ القوّات الروسيّة.
ولدى سؤاله مجدّدًا عن تسليم دبّابات ليوبارد، خلال مؤتمر صحافي إلى جانب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأحد في باريس، لم يكن شولتز حاسمًا، وكرّر الحاجة إلى العمل بالتشاور مع حلفاء أوكرانيا بشأن قضايا تسليم الأسلحة.
وبحسب محلّلين، أدّت الخشية من تصعيد عسكري مع موسكو، وكذلك إحجام برلين عن تأدية دور قيادي في المعسكر الغربي، إلى التردّد في إرسال هذه الدبّابات التي تطلبها كييف.
وتملك جيوش أوروبية عدّة دبّابات ليوبارد، وهذا ما يشكّل ميزة كبيرة لأنّه يمكن أن يسهّل الحصول على الذخيرة وقطع الغيار وتبسيط الصيانة.
والأحد قال رئيس الوزراء البولندي ماتيوش مورافيتسكي إنّه في انتظار "إعلان صريح" من برلين يتيح تسليم دبابات ليوبارد، معتبرًا أن "موقف ألمانيا غير مقبول". وقال لوكالة الأنباء البولندية "يموت أبرياء يوميًّا".
رسالة أمريكية
ومن الموقف الأوروبي إلى الأمريكي لم يختلف الأمر كثيرًا؛ فمشرعون أمريكيون حضوا إدارة الرئيس جو بايدن على تصدير دبابات (أبرامز إم1) القتالية إلى أوكرانيا، قائلين إن إرسال ولو عدد رمزي إلى كييف سيكون كافيا لتشجيع الحلفاء الأوروبيين على فعل الأمر نفسه.
وقال مايكل مكول، عضو الحزب الجمهوري المنصب حديثا رئيسا للجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب، لبرنامج (ذيس ويك) "هذا الأسبوع" الذي تبثه شبكة (إيه.بي.سي) إن دبابة "واحدة فحسب" من دبابات أبرامز ستكون كافية لتشجيع الحلفاء، وخصوصا ألمانيا، على إرسال دبابات دعما لأوكرانيا في قتالها روسيا.
وأضاف "حتى قول إننا سنقدم دبابات أبرامز سيكون كافيا".
وقال السناتور الديمقراطي كريس كونز لشبكة (إيه.بي.سي) "إن تطلب الأمر إرسالنا بعض دبابات أبرامز لإتاحة الحصول على دبابات ليوبارد من ألمانيا ومن بولندا ومن حلفاء آخرين، فسأدعم ذلك".
وتابع: "أحترم أن قادتنا العسكريين يعتقدون بأن أبرامز (صيانتها) معقدة للغاية و(تشغيلها) مكلفة جدا لتكون بنفس فائدة دبابات ليوبارد، ولكننا نحتاج إلى مواصلة العمل مع حلفائنا المقربين والمضي قدما في تلك الخطوة المستعصية".
وأعلنت بريطانيا في الآونة الأخيرة أنها ستمد أوكرانيا بما إجماليه 14 دبابة (تشالينجر 2)، ولكن الجائزة الحقيقية هي دبابات (ليوبارد 2) الألمانية الثقيلة، التي يرتب حلفاء أوكرانيا لتوريدها.
aXA6IDMuMTQxLjcuMTY1IA== جزيرة ام اند امز