حين تحدثت الصخور.. نقش نادر يكشف أصول الملوك الأوائل بمصر

اكتشف باحثون نقشا صخريا محفوظا بشكل استثنائي في منطقة قرب أسوان، يُعتقد أنه يصوّر أحد أفراد النخبة السياسية خلال عصر ما قبل الأسرات.
ويسلط الاكتشاف الضوء على واحدة من أكثر المراحل غموضًا في تاريخ الدولة المصرية، وهي مرحلة توحيد السلطة السياسية وتشكّل أول دولة مركزية بقيادة الملك نارمر نحو عام 3100 قبل الميلاد.
ويقول د. دوريان فانهيول، الباحث في متحف "مالغري تو" ومؤلف الدراسة المنشورة في مجلة" العصور القديمة " إن "تشكّل الدولة في مصر القديمة والعمليات التي قادت إليه لا تزال صعبة الفهم، لكن فنون النقوش الصخرية في وادي النيل السفلي يمكن أن تسهم في فكّ رموز السلطة المبكرة".
ويُظهر النقش قاربا مزخرفًا يُسحب بواسطة خمسة أشخاص، ويقف على متنه شخص يستخدم مجدافًا لدفعه، بينما يجلس آخر في بناء يُعتقد أنه هودج، ما قد يشير إلى مكانة اجتماعية عالية. ويضيف فانهيول: "القوارب تُعد من أكثر الرموز تكرارافي الفن المصري، وكانت لها معانٍ رمزية وسياسية معقدة في عصور ما قبل الدولة الفرعونية".
وبالمقارنة مع نقوش قوارب أخرى من الفترات السابقة، يرجّح الباحث أن يعود هذا النقش إلى المرحلة الانتقالية بين عصري ما قبل الأسرات وبداية الأسرة الأولى، أي الحقبة التي سبقت بناء الأهرامات بقرون. ويظهر في النقش ملامح مميزة مثل الذقن الطويلة للشخص الجالس، والتي قد ترمز إلى اللحية الملكية الاصطناعية المعروفة في مصر القديمة.
هذا ما يدعم الفرضية بأن النقش يُظهر أحد أفراد النخبة الحاكمة أو حتى شخصية ملكية في فجر الأسرة الأولى، ويشير إلى أن النقوش الصخرية كانت أداة سياسية تُستخدم لترسيخ السلطة ووسيلة مرئية للتأثير على المشهد الطبيعي.
ويؤكد الباحث أن هذا الكشف يمثل "إضافة مهمة إلى مجموعة النقوش التي تساعدنا على فهم دور الفن الصخري في اللحظات الحاسمة التي سبقت نشوء الدولة المصرية".
ويحذّر د. فانهيول من أن هذه المواقع التاريخية مهددة بالزوال نتيجة أنشطة التعدين والمحاجر التي تغير طبيعة وادي النيل ومحيطه الصحراوي بشكل لا رجعة فيه، مؤكدًا على "ضرورة تنفيذ بعثات إنقاذ عاجلة لتوثيق هذا التراث الفريد قبل فوات الأوان".