تحليل صادم.. تغير المناخ وراء زوال الدولة الحديثة بمصر الفرعونية
يعود تاريخ الدولة الحديثة في مصر القديمة إلى الفترة من 1550 إلى 1070 قبل الميلاد تقريبًا، وهي الفترة الأكثر توثيقًا في تاريخ مصر القديمة.
وقد حكم بعض أشهر الفراعنة خلال هذه الفترة، بما في ذلك حتشبسوت وتوت عنخ آمون ورمسيس الأكبر.
وأشرف حكام العصر الذهبي هؤلاء على ما يقرب من 500 عام من الاستقرار السياسي والازدهار الاقتصادي والتوسع الإمبراطوري في مصر القديمة.
وتعتبر الدولة الحديثة العصر الذهبي لمصر، وكانت فترة من النجاح الاقتصادي والتوسع والتقدم في التكنولوجيا والفن والعمارة.
ويعود تاريخ بعض أروع المعالم الأثرية في مصر القديمة إلى هذه الحقبة، ولسوء الحظ، سقطت هذه الإمبراطورية العظيمة ، كما حدث مع العديد من الحضارات خلال العصر البرونزي المتأخر.
وقد ساهمت عدة عوامل في سقوط الدولة الحديثة بتاريخ مصر القديم، لكن الباحثين يعتقدون الآن أن فترة طويلة من الجفاف الناجم عن تغير المناخ كانت المحفز الرئيسي لهذا السقوط.
ووفق موقع "ذا كوليكتور"، بعد ما يقرب من 500 عام من النمو والازدهار غير المسبوقين عم فترة استمرار الدولة الحديثة، بدأت علامات المتاعب تظهر على السطح أثناء حكم آخر ملوكها رمسيس الثالث (1186-1155 قبل الميلاد).
وباعتباره آخر فراعنة الدولة الحديثة، حارب رمسيس الثالث للحفاظ على الإمبراطورية سليمة، وهزم شعوب البحر الغزاة والحيثيين، ولكن من المؤسف أن عوامل أخرى طويلة الأمد كانت تخلق صعوبات، أبرزها تغير المناخ.
لقد عرف الباحثون منذ فترة طويلة أن بلاد الشام ـ فلسطين والأردن ولبنان وسوريا في العصر الحديث ـ عانت من جفاف طويل الأمد خلال أواخر العصر البرونزي، والذي تزامن مع انحدار الدولة الحديثة في مصر.
ولم يكن مدى الإجهاد البيئي الذي عانت منه مصر القديمة معروفاً حتى تمكن العلماء من تحليل الرواسب المستردة من المواقع الأثرية القديمة.
ولحسن الحظ، كان ممكنا للباحثون إعادة بناء المناخات والنظم البيئية التاريخية باستخدام حبوب اللقاح المستردة من نوى الرواسب التي تم جمعها في المواقع الأثرية.
ويشير تحليل حبوب اللقاح والتأريخ بالكربون المشع إلى أن تغير المناخ ربما كان له يد في زوال الدولة الحديثة الحديثة بمصر القديمة.
وكشف هذا الاختبار عن انخفاض مفاجئ في حبوب اللقاح من أشجار الزيتون والأشجار المتوسطية مثل البلوط والصنوبر.
وقد فسر الخبراء هذه المعلومات على أنها علامة على الجفاف الشديد والمطول بين عامي 1250 و1100 قبل الميلاد.
ويُعتقد أنه بحلول الوقت الذي انكسر فيه الجفاف، لم تتمكن المملكة الحديثة من التعافي بسبب الانقسامات السياسية والاضطرابات الاجتماعية والتهديدات من الغزاة الأجانب، التي كانت المسمار الأخير في نعش هذه الدولة بعد أنهكها الجفاف.
كما كشف تحليل حبوب اللقاح أن المصريين حاولوا التكيف مع تغير المناخ.
ويعتقد الباحثون أن الحكام توقعوا فشل المحاصيل في المناطق القاحلة وأمروا بزيادة إنتاج الحبوب في المناطق ذات الوصول الأكبر إلى المياه.
ويشير تحليل الحمض النووي من بقايا الماشية إلى أن المزارعين قاموا بتهجين قطعانهم مع الزيبو، وهو نوع فرعي من الماشية أكثر مقاومة للحرارة.
ويعتقد علماء الآثار أن هذه الجهود ربما ساعدت في إطالة عمر الإمبراطورية المصرية لبضعة عقود، ولكن لسوء الحظ، لم تكن هذه التكيفات الزراعية كافية لازدهار المملكة.