بوابة "العين" ترصد أسباب التدهور التدريجي الذي شهده داعش خلال الأشهر الماضية وسقوطه في 3 معارك كبيرة
هزائم متتالية في معاقله الرئيسية بمنطقة الشرق الأوسط.. سقوط وتهاوٍ يشهدهما تنظيم داعش الإرهابي خلال المعارك المستمرة في ليبيا وسوريا والعراق.
ويشير الوضع الحالي إلى اقتراب نهاية أسطورة داعش الذي بدأت في الظهور بفرض التنظيم سيطرته على مدينتي الموصل العراقية والرقة السورية، وامتد خطره إلى المدن الليبية، وارتكب عدة جرائم إرهابية بحق مدنيين وعسكريين حول العالم خلال الـ3 سنوات الماضية.
فروق شاسعة بين وضع داعش في مطلع عامي 2015 و2016 ووضعه الحالي خلال 2017، تؤكد أن الانهيار والسقوط التدريجي لداعش أصبح السيناريو الأقرب لمصير هذا التنظيم، في ظل الضربات المتوازية الموجهة ضد عناصره في الموصل والرقة وبنغازي.
وبإعلان الجيش الوطني الليبي السيطرة الكاملة على مدنية بنغازي، ثاني أكبر المدن الليبية، وتحريرها بعد 3 أعوام من الإرهاب، تسقط راية داعش في أحد أهم معاقله الرئيسية بالمنطقة، وآخر معاقله في ليبيا، فضلا عن إحراز قوات سوريا الديمقراطية تقدما كبيرا داخل الرقة، واقتراب القوات العراقية من إعلان الانتصار النهائي وتحرير مدينة الموصل بالكامل.
وترصد بوابة "العين" الإخبارية أسباب التدهور التدريجي الذي يشهده داعش خلال الأشهر الماضية وسقوطه في 3 معارك كبيرة.
تكتيك استراتيجي وقتال مستمر
في الموصل والرقة وبنغازي.. تشابهت الأوضاع والخطط الموضوعة التي اعتمدت على المحاصرة والحرب النفسية والتكتيك الاستراتيجي لمحاربة داعش وطرد عناصره خارج المدن الثلاث.
ففي العراق سبق تقدم القوات العراقية المكونة من الجيش العراقي والشرطة الاتحادية وقوات البيشمركة وقوات التدخل السريع وفصائل للحشد الشعبي داخل البلدة القديمة وتحرير الجامع النوري الكبير غربي الموصل وإعلان هزيمة داعش، تكتيك استراتيجي وخطة واضحة معتمدة على توزيع العناصر المسلحة داخل المدينة، لذا بدأ الهجوم من ناحية شرق الموصل في الـ17 من أكتوبر/ تشرين الأول، لإمكانية استخدام الأسلحة الثقيلة، وانتشار داعش المحدود داخلها.
ومع اتباع استراتيجية الحصار وقطع طرق الإمدادات على التنظيم بالموصل، نجحت القوات العراقية في استعادة أكبر الأحياء والمدن والجسور اليحوية الرابط بين تلعفر والموصل، ليتكبد داعش خسائر خلال 9 أشهر من القتال بشرق وغربي المدنية بخسارة 190 منطقة، 371 قرية، 128 هدفا حيويا، 2604 كم، 30 حيا.
وبالمنهج نفسه والخطة اتبعت قوات سوريا الديمقراطية ووحدة الحماية الشعبية وجيش النظام استراتيجية التقدم ناحية الرقة قبل اقتحامها بالسيطرة على قري وأحياء بأطراف المدينة السورية، مستكملة الهجوم على الرقة بخطة منظمة وتكتيك استراتيجي لإدراك القوات صعوبة المعركة وأهميتها في وقف إرهاب داعش.
توغلت قوات سوريا الديمقراطية داخل الأحياء والقري من النواحي الشرقية والغربية والشمالية الشرقية، محققة نجاحات كبري بتحرير أكثر من 8 أحياء واقتحام سور البلدة القديمة، من خلال الحصار من المحاور الرئيسية الثلاثة، وتوجيه ضربات جوية وبرية بالوقت نفسه، وهي الخطة نفسها التي تتبعها القوات العراقية حاليا في العملية النهائية من تطهير آخر جيوب لداعش بالبلدة القديمة بالموصل.
ولم يختلف الأمر كثيرا داخل بنغازي الليبية، فطوال الشهور الماضية استمرت القوات الليبية القتال ضد عناصر داعش على فترات متباعدة، تاركين وراءهم كل الخلافات بالمشهد السياسي؛ فعلى فترات بدأ الهجوم وتراجع ليتشابه مع معركتي الموصل والرقة في وتيرة الحرب والاشتباك، لتعزز القوات المسلحة من أسلحتها وجنودها قرب أحياء الصابرى وسوق الحوت، بالهجوم عبر محورين رئيسيين، وهي طرق مؤدية لهذه الأحياء.
اعتمدت تلك القوات على الحرب النفسية ونشر القوات بعمليات خاطفة والمحاصرة لباقي داعش داخل المدينة، لتتمكن قوات الجيش الليبي من إعلان تحرير بنغازي من فلول التنظيم الإرهابي، والنصر النهائي لليبيين على العناصر المسلحة.
وفي المعارك الثلاث حرصت قوات التحالف الدولي على تقديم الدعم والمساعدة للقوات المشتركة في حربها ضد التنظيم الإرهابي، فضلا عن أن تزامن المعارك معا أسهم في إرهاق التنظيم الذي كان دائم الادعاء بكثرة مقاتليه المسلحين وقدرته على خوض المعارك.
الحصار الإلكتروني بوابة الهزيمة
التنظيم الذي اعتمد في الأساس على الفضاء الإلكتروني منذ ظهوره في يونيو/حزيران 2014، لتجنيد المقاتلين وكسب أرضية بين الكيانات الإرهابية، وصنع دعاية كبرى عبر " تويتر، وتليجرام، وفيس بوك"، بدأ في فقد هذه الأداة الرئيسية له منذ نهاية 2016.
وبعد أن كان يمتلك داعش 300 ألف حساب عبر تويتر، و46 ألف حساب مؤيد له علنا، بالإضافة لأكثر من 166 ألف حساب مؤيد بشكل سري، وزيادة متوسط التغريدات اليومية لـ7.3 تغريدة لجميع الحسابات، ووصول تغريدات الحساب الواحد لـ2219 تغريدة، لتصل أعداد المتابعين للحساب الواحد بين 1004 و1500 متابع، فقد داعش أدواته الإلكترونية تدريجيا بعد شن الدول الأوروبية وبعض المؤسسات الدولية حربا إلكترونية ضده.
لتنجح الاستخبارات الدولية بغلق أكثر من 235 ألف حساب على تويتر، مع رصد أكثر من 2000 تدوينة بأكثر من 52 منصة إلكترونية، وإغلاق أكثر من 70 قناة لداعش عبر "تليجرام" الذي كان يستخدمه في بث البيانات التي تتبنى عديدا من الهجمات الإرهابية، لتتراجع أعداد متابعي الحساب الواحد لـ300 متابع فقط.
والخسارة الإلكترونية للحسابات أسهمت في خسارة التنظيم معاقله الرئيسية؛ نظرا لغياب طرق الاتصال والتواصل بين التنظيم وعناصره في المعارك، بجانب فقده وسيلة التواصل الأخرى وهي طرق الإمدادات والجسور على أرض الواقع، لذا تعد الخطوة الاستباقية لدول العالم لغلق حسابات تليجرام وتويتر وفيس بوك كانت بوابة وبداية لتلقي التنظيم هزائم متعددة متوازية.
خسائر بشرية.. تنظيم بلا قادة
لم يكن فقدان داعش لطرق تجنيد مقاتلين جدد هو السبب الوحيد وراء الهزيمة، بل كانت الخسائر البشرية والمادية المستمرة عنصرا مهما في تعزيز الهزائم؛ نظرا لانخفاض أعداد المسلحين وعناصر التنظيم الإرهابية المشاركة في المعارك، وغياب القادة الرئيسيين داخل التنظيم، فضلا عن تأثير هذه الخسائر على معنويات بقايا داعش بالمعارك الثلاث.
وخلال العام الحالي، قتل أكثر من 18 ألف داعشي بمعركة الموصل، بجانب اعتقال وأسر المئات من المسلحين، كما تمكنت قوات سوريا الديمقراطية من قتل عشرات المسلحين منذ انطلاق المعركة في الـ6 من الشهر الماضي، وقتل مفتي داعش بسوريا الإرهابي تركي البنعلي، وأبو مصعب المصري وزير الحرب بالتنظيم خلال شهر مايو/أيار الماضي.
كما قتل قادة بداعش داخل الرقة أبو بكر الحكيم، وعبد الله البدراني مفتي التنظيم بالعراق، بالإضافة لفقد التنظيم المسؤول الإداري له بمحافظة نينوي والمسؤول الأمني غربي الموصل في إبريل/نيسان الماضي بغارات جوية للجيش العراقي.
وعلى الحدود العراقية السورية بوادي الفرات قتل إبراهيم الأنصاري مسؤول الدعاية، وأبو حمزة المغربي مسؤول التفخيخ بنينوي، وقادة كتائب وخبراء مفخخات بالموصل، فضلا عن توارد أنباء كثيرة الفترة الماضية بشأن مقتل زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي في غارة روسية بأطراف الرقة السورية.
وفي أشهر قليلة تراجع تسليح داعش وفقد مئات العربات المفخخة والصواريخ والعبوات الناسفة والدراجات النارية والألغام والعبوات الناسفة بـ3 معارك.
قوانين أوروبية.. حصار لداعش
كما تعد الرقابة المشددة التي انطلقت من القوانين الأوروبية أحد الأسباب التي ساعدت على إنجاز المهام القتالية بالمعارك، وتفعيل الدور الاستخباراتي وتشديد الرقابة على الخلايا النائمة داخل جيوب ومناطق وجود التنظيم الإرهابي بسوريا والعراق وليبيا، عنصر في تأكيد الهزيمة بخسائر فادحة.
ومنذ شهرين، خلص اجتماع بالبرلمان الأوروبي إلى قوانين بشأن مواجهة تهديدات داعش للعالم، خاصة القادمة من قبل المقاتلين الأجانب الذين انضموا للتنظيم خلال العامين الماضيين؛ ما جعل الحصار على داعش خارج وداخل المدن الثلاث، بعد تشديد الرقابة على الحدود مع هذه الدول وأوروبا.
ونظرا لأن القوانين شملت السيطرة على تنشئة مقاتلين جدد، وتجريم جميع الأعمال التحضيرية للعمليات الإرهابية، والتعامل بشكل حذر مع فلول داعش الهاربين من الحرب الراغبين في العودة لبلادهم، زاد الخناق على عناصره المسلحة، خاصة أن نحو 30 ألف مقاتل أجنبي كان ضمن التنظيم، وتراجعت أعدادهم بالقتل والاعتقال بالمعارك، والحصار وإلقاء القبض عليهم أثناء عودتهم لبلادهم، حيث يتبقى داخل الموصل فقط 200 داعشي أغلبهم من المقاتلين الأجانب.
aXA6IDUyLjE0LjYuNDEg جزيرة ام اند امز