معركة الرقة.. من الاشتباكات العنيفة إلى تكتيك الهجوم الحذر
خطة المعركة تغيرت من الهجوم المستمر إلى الهجوم الحذر، لتطرح التساؤلات عن سبب تغير هذه الاستراتيجية في معركة الرقة.
استراتيجية جديدة في القتال تنتهجها القوات المشاركة في معركة الرقة السورية، فمنذ بدء الاستعدادات بعملية "درع الفرات" لاقتحام مدينة الرقة، حرصت القوات بقيادة قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من التحالف الدولي على اتباع خطة منظمة وتكتيك استراتيجي قبل الدخول للرقة، نظرًا لصعوبة المعركة والحذر من ممارسات داعش الإجرامية بحق المدنيين المحاصرين بالمدينة.
ومنذ بدء المعركة في الـ 6 من يونيو/ حزيران الجاري، توغلت قوات سوريا الدمقراطية داخل الأحياء والقري من النواحي الشرقية والغربية والشمالية الشرقية، معلنة بداية قوية عبر اشتباكات متواصلة خلال الأسبوعين الماضية، ما نتج عن هذه الخطة السيطرة على أكثر من 7 أحياء وعدد من المساحات التي كانت تحت سيطرة داعش، ولكن مع سريان المعركة وبدء الدخول في مناطق تمركز عناصر التنظيم الإرهابي، تغيرت الخطة واختلفت وتيرة الاشتباكات من الهجوم المستمر إلى الهجوم الحذر، ومن الضربات الجوية والبرية المتتالية إلى التحركات البطيئة من 3 محاور رئيسية بالرقة، لتطرح التساؤلات عن سبب تغير هذه الاستراتيجية في معركة الرقة.
وحرصت القوات المشاركة بالمعركة على حياة المدنيين السوريين وتأمين نزوحهم من مناطق الاشتباكات، فضلًا عن الحذر من ممارسات داعش العنيفة الإرهابية بحق هؤلاء المدنيين واستخدامهم كدروع بشرية بالمعركة، وهو ما أجبر القوات المدعومة من التحالف على إبطاء وتيرة الاشتباكات واقتحام قلب مدينة الرقة، مؤكدين على نجاح الخطة الجديدة التي بدأتها بحلول مساء الأحد الماضي، في الحفاظ على أرواح مئات المدنيين.
ليصل مئات المدنيين السوريين إلى المناطق المحررة بالرقة والتي أصبحت تحت سيطرة سوريا الديمقراطية بعد طرد عناصر داعش، كان عليهم عبور الممرات الآمنة والطرق الممهدة التي صنعتها القوات، إلى نقاط تمركز سوريا الديمقراطية في النواحي الشرقية والغربية والشمالية الشرقية، لتشرف القوة المكونة من الأكراد والعرب على إخراج السوريين من داخل الرقة، إلى نقاط قسد شرقا وأحياء الروضة والرميلة، فضلًا عن إيصال آخرين إلى مخيم بن عيسى على أطراف المدينة.
وخلال فترة تواجدهم داخل المدينة عانى السوريون المدنيون من إجرام داعش، خاصة وأن فكر التنظيم الإرهابي واحد، فبعد أن لجأ فلول داعش بالموصل العراقية إلى استخدام الأطفال والنساء كدروع بشرية، قام حلفاؤهم الدواعش بالرقة باستخدام المدنيين أيضًا كدروع بشرية للتحصن بهم ومنع القوات من التقدم وإحراز نجاحات جديدة من ناحية، وللتغطية على تحركاتهم ومحاولاتهم للهروب عبر الحدود السورية التركية والسورية العراقية من ناحية أخرى.
تكتيك لصعوبة المعركة وممارسات داعش
وفي الوقت نفسه، لجأت القوات المكونة من سوريا الديمقراطية وقوات كردية سورية، والجيش النظامي السوري وتركيا والتحالف بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، إلى استراتيجية وتكتيك حذر في سيناريو المعركة، واستبدال السيناريو المتوقع لسير المعركة من وتيرة سريعة واشتباكات حادة ضد داعش إلى هجوم تكتيكي، ظهرت ملامحه في اليوم الأول لاقتحام الناحية الشرقية للرقة بهجومين مزدوجين شرق وآخر بقاعدة عسكرية شمال المدينة، واستكمل بالسيطرة على 3 محاور رئيسية للمدينة، الذي يعد السيطرة عليها بمثابة انتصار كبير للتحالف الدولي على داعش بسوريا.
فـي البداية وبعد أن أعلنت سوريا الديمقراطية انطلاق معركة الرقة، المعركة التي طال انتظارها، خاصة مع بدء استعدادات إطلاقها في نوفمبر/ تشرين الثاني 2016، قامت بالدخول للناحية الشرقية، والسيطرة على قلعة هرقل، ليستمر التوغل بالجزء الشرقي بالسيطرة على حي المشلب وقطعت بعض الطرق الرئيسية التي تربط عناصر داعش بطرق إمداداتها بالرقة عبر التقدم 2 كم شرقا، لتستعيد القوات قرية كسرة جمعة الواقعة جنوب نهر الفرات جنوب الرقة في الـ 9 من الشهر الجاري، مع استمرار الاشتباكات على فترات متباعدة ليحرر الأكراد مناطق قسد وأحياء الروضة والرميلة وتلي البيعة والمقبرة شرقا، وسوق الهال شمال شرق سوريا، بعد توجيه ضربات وغارات جوية لمعاقل داعش في هذه الأجزاء.
ومع استمرار التوغل في ناحية الغرب والجانب الشمال الشرقي، تم تحرير حي الرومانية غربا، وحي المشلب شرقا، فضلًا عن إحراز تقدم بالناحية الشمالية الشرقية، لتستكمل المعركة بالتقدم والسيطرة على حي الصناعة والبدء في السيطرة على أجزاء من سور المدينة القديمة، وأحياء السباهية وجزء من ضاحية الحزرة وجزء من الرفقة 17 التي كانت يسعي داعش لبسط نفوذه عليها.
وفي منتصف الشهر الجاري وقبل اتخاذ استراتيجية التحرك والتقدم الحذر، استعادت القوات بمساعدة طيران التحالف أحياء حطين والبريد والبتاني، وأحياء شرقية، ومعمل السكر، لتبدأ في تطويق المحاور الشرقية والغربية للرقة بعدها.
ونظرًا ليقظة القوات المشاركة، وإدراكهم لصعوبة المعركة مع تصعيد داعش لاستخدام السيارات الملغمة وزرع عبوات ناسفة بالطرق، هدأت وتيرة الاشتباك بالحفاظ على المناطق المحررة وتمشيطها من خلايا داعش النائمة مع محاصرة المسلحين بالطائرات الجوية وبالأسلحة الثقيلة بريًا، مع البدء في التقدم البطيء ناحية جنوب الفرات مع اقتراب القوات من مناطق تمركز داعش، حسب ما أعلنه المصدر السوري لحقوق الإنسان ونشطاء سوريين.