طوفان الكرامة.. كيف أعاد العالم نظرته إلى الشرعية في ليبيا؟
مرور عام على عملية العسكرية أسقطت وهم الاعتراف الدولي بحكومة السراج وأطلقت قاطرة الانفتاح الدولي على الشرعية الليبية
في الرابع من أبريل/نيسان 2019 أعلن المتحدث باسم الجيش الوطني الليبي اللواء أحمد المسماري أن الجيش تقدم نحو العاصمة طرابلس ووصل إلى المدينة وسيطر على عدة مدن، مضيفا أن العملية العسكرية هدفها استقرار ليبيا وسلامة المواطنين في طرابلس.
وأعلنت القيادة العامة للجيش الوطني الليبي أنها "عاقدة العزم على تنفيذ أوامر الشعب الليبي بتحرير كل شبر من تراب الوطن"، مؤكدة تقدمه "نحو تحرير العاصمة طرابلس".
القيادة العامة دعت جميع مقاتلي "المليشيات المسلحة" في طرابلس من "الذين لا يحملون فكرا متطرفا لترك سلاحهم ومغادرة طرابلس، والعودة إلى مدنهم آمنين".
صاحب العملية التي أطلقها الجيش الليبي صخب إخواني مدعوم بدعاية إعلامية حاولت الترويج لمزاعم أن تحرك الجيش الليبي نحو طرابلس طمعا في السلطة وانقلابا على ما أسمته آلات الإعلام الإخوانية خاصة القطرية "شرعية حكومة السراج المعترف بها دوليا".
وبعد عام من العملية العسكرية، أسقطت "طوفان الكرامة" وهم الاعتراف الدولي بحكومة السراج وأطلقت قاطرة الانفتاح الدولي على الشرعية الليبية الممثلة في مجلس النواب والحكومة المؤقتة، ظهر بوضوح من تبادل اللقاءات والرسائل والوفود الدولية مع قائد الجيش الليبي وممثلي البرلمان الليبي والحكومة المنبثقة عن المجلس.
بعد انطلاق العملية بيوم واحد العام الماضي استقبل القائد العام للجيش الليبي المشير خليفة حفتر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريس، رفقة المبعوث الأممي لدى ليبيا غسان سلامة.
وقد تضمنت المحادثات بطبيعة الحال وقف العمليات القتالية والجلوس إلى المفاوضات وغير ذلك، لكنها كانت مؤشرا قويا على تغير النظرة الدولية للجيش الليبي كممثل شرعي لليبيين وفاعل حقيقي في المعادلة.
وفي التاسع عشر من الشهر نفسه (أبريل 2019) كان هناك اتصال هاتفي مهم يحمل دلالات أهم بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والمشير حفتر التي أزالت الحرج عن أي قوى دولية تريد الاعتراف بالجيش الليبي والحكومة المنبثقة عن البرلمان الشرعي.
وأعلن ترامب دعمه الجيش الوطني الليبي في محاربته للإرهاب، وكانت المكالمة انطلاقة تغيير نظرة المجتمع الدولي كاملا إلى ليبيا وتسجيل نهاية ما كان الإعلام الإخواني دوما يصفه بـ"الشرعية الدولية".
كما استقبل القائد العام للجيش الليبي عشرات المسؤولين رفيعي المستوى من دول العالم، على رأسهم وزراء خارجية الجزائر واليونان وإيطاليا وألمانيا وفرنسا ورئيس المخابرات العامة المصرية وسفير الولايات المتحدة ومدير دائرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في وزارة الخارجية الفرنسية والسفير الألماني والمدير الإقليمي لوزارة الشؤون الخارجية الألماني في لقاءات عديدة منفصلة في مكتبه بمقر القيادة العامة في الرجمة ببنغازي.
ووجهت كل من فرنسا واليونان وألمانيا وإيطاليا دعوات رسمية لحفتر للزيارة، حيث التقى زعماء هذه البلاد.
كما نال مجلس النواب الليبي نصيبه من الانفتاح الدولي باعتباره الممثل القانوني لليبيين، فالتقى رئيس مجلس النواب عقيلة صالح عددا من المسؤولين العرب والدوليين لتوضيح الموقف في ليبيا، ويؤكد شرعية معركة الجيش الليبي.
فالتقى صالح عددا من الزعماء العرب أبرزهم في 13 يونيو الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، وفي الـ7 من أغسطس في جوهانسبرج التقى رئيسة الاتحاد البرلماني الدولي غابرييلا كويفاس بارون.
كما وجهت لصالح دعوات لزيارة عدة دول كان أهمها في الـ8 من أغسطس الماضي، حيث التقى رئيس أفريقيا الوسطى فوستين تواديرا بحضور سفير ليبيا المنشق عن حكومة السراج حسين محمد محمود.
تمر الأيام وتوقع حكومة السراج ما وصفه الليبيون بالجريمة في حق وطنهم بتوقيع اتفاقية بحرية ودفاعية مشبوهة مع تركيا، فأرسل صالح عدة رسائل للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية بأن هذه الاتفاقية غير شرعية داعيا لسحب الاعتراف بحكومة السراج.
كما قام صالح عقبها بجولة في المنطقة التقى خلالها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود 2 ديسمبر، ورئيس مجلس الشورى السعودي الدكتور عبدالله بن محمد آل الشيخ ضمن زيارة رسمية للمملكة العربية السعودية.
وزادت أخطاء السراج مع زيادة الدعم لمجلس النواب الليبي، حيث وجهت اليونان دعوة رسمية لصالح زيارتها وفي الـ12 من ديسمبر التقى صالح نظيره اليوناني، وفي الـ14 من ديسمبر التقى رئيس مجلس النواب المصري علي عبدالعال على هامش مشاركته بفعاليات منتدى شباب العالم المنعقد بشرم الشيخ.
كما استقبلت عواصم العالم وفود مجلس النواب الليبي مثل النائب أحمد الشارف الذي التقى رئيس النيجر مبعوثا من رئيس مجلس النواب في الـ29 من نوفمبر، بالإضافة إلى عدد من الشركات العاملة في مجال الصحة في العاصمة الفرنسية باريس.
أما الحكومة الليبية المؤقتة، الجناح الآخر للشرعية في ليبيا، فكانت الأحداث في صالحها، ففي حين كانت الزيارات والعلاقات مع الخارج شبه معدومة وتقتصر على العلاقات غير الدبلوماسية إلا أنه في الـ28 من نوفمبر قام الدكتور عبدالهادي إبراهيم الحويج، وزير الخارجية والتعاون الدولي بالحكومة الليبية المؤقتة، بزيارة لمقر الجمعية الوطنية الفرنسية (البرلمان الفرنسي).
كما أتيحت له الفرصة لإلقاء محاضرة في جامعة باريس للأعمال في حرم الجامعة حول (التحديات التي تواجه الدولة الليبية ودول الجوار ومناقشة قضايا الهجرة، الاقتصاد، الجماعات الإرهابية) على طلبة الجامعة وكلية العلوم السياسية والاقتصادية وأعضاء هيئة التدريس وباحثين في الشأن السياسي والاقتصادي.
ولكن مع تغير الأحداث زال الغبار الدولي عن الحكومة، وكان لروسيا دور أكبر في هذا الانفتاح، ففي سوتشي 23 أكتوبر 2019م التقى الحويج ميخائيل بوغدانوف المبعوث الخاص للرئيس الروسي للشرق الأوسط وأفريقيا.
كما سهلت له الدعوة الروسية للمشاركة في أعمال القمة (الروسية - الأفريقية) الالتقاء بمسؤولين أفارقة على رأسهم رئيس جمهورية جنوب أفريقيا سيريل راما فوزا.
وفي بروكسل 15 أكتوبر 2019 وزير الخارجية والتعاون الدولي بالحكومة الليبية المؤقتة الدكتور عبدالهادي الحويج التقى رئيس البرلمان الأوروبي وسلمه رسالة من المستشار عقيلة صالح رئيس مجلس النواب الليبي.
وكان تتويج هذه الجهود لحكومة البرلمان إعادة العلاقات الثنائية مع سوريا وافتتاح السفارة الليبية في دمشق، إضافة إلى عدد من الدول التي انشقت سفاراتها عن حكومة السراج.
aXA6IDEzLjU4LjM4LjE4NCA= جزيرة ام اند امز