لعبة اللاجئين.. هدف لـ"طالبان" على طريقة "التسلل التركي"
بعيدا عما يواجهه اللاجئون من ويلات قبل طرق أبواب أوروبا، لا تتوانى بعض الدول عن استخدامهم كورقة ضغط على القارة العجوز لتحقيق مصالحها.
وقبل أيام وقف الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في العاصمة المجرية معيدا تذكير الأوروبيين بموقف بلاده الرافض لفتح بوابات حدوده البحرية أمام عبور موجات مليونية من اللاجئين إلى جنوب أوروبا.
ورقة لم تقدم مصر على استغلالها ضد أوروبا بداعٍ إنساني، بخلاف دول أخرى سارعت إلى الاستفادة منها على حساب معاناة اللاجئين.
وبدا السيسي متباهيا بـ"الموقف المصري الإنساني" في استضافة أكثر من 5 ملايين لاجئ من جنسيات عدة في مساكن لا تختلف عن حياة المصريين بعيدا عن المعسكرات والخيام.
لكن ما تتمسك به مصر، تلعب به دول أخرى سياسيا لتحقيق مزيد من المكاسب على الأرض، وكان آخرها الحكام الجدد في أفغانستان.
حركة طالبان وجهت تحذيرا مباشرا للمبعوثين الأمريكيين والأوروبيين، قبل أيام من أن استمرار محاولات الضغط عليهم من خلال العقوبات سيقوض الأمن في أفغانستان.
وتقويض الأمن على الأراضي الأفغانية يعني إمكانية وجود موجات من اللاجئين الباحثين عن طوق نجاة أوروبي أو أمريكي.
القائم بأعمال وزير الخارجية أمير خان متقي تحدث صراحة لدبلوماسيين غربيين في محادثات بالدوحة، قائلا: إن "إضعاف الحكومة الأفغانية ليس في مصلحة أحد لأن آثاره السلبية ستؤثر بشكل مباشر على العالم في قطاع الأمن والهجرة الاقتصادية من البلاد".
وفي أغسطس/آب الماضي، نجحت حركة طالبان في الإطاحة بالحكومة الأفغانية ودخول كابول لاستعادة الحكم بعد صراع استمر عقدين من الزمان.
لكن الجهود المبذولة لتحقيق الاستقرار في البلاد، التي لا تزال تواجه هجمات من تنظيم "داعش - خراسان" المتطرف، تقوضت بسبب العقوبات الدولية.
ويعاني الحكم الجدد في أفغانستان من نفاد السيولة النقدية في البنوك، في وقت لا يتقاضى الموظفون المدنيون رواتبهم.
ولطالما شعرت الدول الأوروبية على وجه الخصوص بالقلق من أنه في حالة انهيار الاقتصاد الأفغاني، فإن أعدادًا كبيرة من المهاجرين ستنطلق إلى القارة، مما يزيد الضغط على الدول المجاورة وفي النهاية على حدود الاتحاد الأوروبي.
ورقة اللاجئين التي لوحت بها طالبان، أعادت للأذهان بشكل صارخ موقف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي لم يجد حرجا في إغراق الحدود الأوروبية بمئات الآلاف من اللاجئين.
ورغم ما يعانيه اللاجئين السوريين والأفغان في تركيا من "بؤس وعنصرية وترحيل والاستغلال والرفض"، لا يجد أردوغان حرجا في استقبال اللاجئين لاستخدامهم كورقة للمناورة حيال عدة ملفات إقليمية يستفز بها العالم.
فأردوغان رغم أنه يعرب مرارا للاتحاد الأوروبي وأمريكا بأن بلاده لا تستطيع التعامل مع تدفق اللاجئين من أفغانستان بعد سيطرة حركة طالبان على الحكم، يتطلع إلى الحصول على مليارات اليوروهات من الاتحاد الأوروبي وأمريكا مرة أخرى مثلما حدث مع سياسة "الباب المفتوح" التي انتهجها مع اللاجئين السوريين، بحسب صحيفة "أحوال" التركية.
وفي تركيا، يُترك اللاجئون لتدبر أمورهم بأنفسهم، وفقًا لاستنتاج مرير نشرته شبكة محللي أفغانستان في تقرير نهاية العام الماضي.
وعلى الأراضي التركية، يتم منح العديد من اللاجئين الأفغان وضعًا مؤقتًا كـ "لاجئين دوليين"، إلا أن هذا الوضع الانتقالي لا يضمن التحول إلى مناصب مستقرة أو محددة قانونًا، مثل وضع اللاجئ أو المواطن.
ويتعرض بشكلٍ يومي عشرات اللاجئين السورييّن الذين وصلوا الأراضي التركيّة حديثاً للترحيل إلى سوريا، في الوقت الذي زادت فيه تركيا من رقابتها للطرق الرئيسية الواصلة بين الولايات التركيّة الجنوبية القريبة من الحدود مع سوريا.
وكان وزير الداخلية التركي، سليمان صويلو، قد قال، منذ أيام: "إن عدد اللاجئين السورييّن الذين عادوا إلى بلادهم ارتفع إلى 462 ألف سوري".
وهناك ما لا يقل عن ثلاثة ملايين و710 آلاف و532 لاجئاً سورياً يقيمون في تركيا، حسب الإحصاءات الرسميّة.
ولا تتوقف تركيا عن ابتزاز بعض الدول الأوروبية بورقة اللاجئين وتحاول حاليا تطويق سواحل أوروبا الجنوبية بوجودها في غرب ليبيا واستخدام سواحلها المنفلتة لتصدير الإرهابيين والمرتزقة.
ووقعت تركيا والاتحاد الأوروبي في مارس/آذار 2016 اتفاقا لكبح الهجرة تضمن بنودا تفصيلية حول إعادة لاجئين ترفض طلبات لجوئهم، إلى الأراضي التركية.
وكبح الاتفاق الذي حصل بموجبه الجانب التركي على تعهدات مالية ضخمة (نحو 6 مليارات أورو) وامتيازات سياسية منها إلغاء تأشيرة دخول الأتراك إلى منطقة شينغن وإعادة تنشيط محادثات انضمام تركيا للاتحاد.
لكن الرئيس التركي هدد مرارا بإطلاق طوفان من المهاجرين باتجاه الاتحاد الأوروبي وذلك في خضم توترات بين الجانبين أو كل ما تعرضت أنقرة لانتقادات أوروبية تتعلق بحقوق الإنسان وقمع الحريات.
aXA6IDE4LjExOC4xOTMuMjIzIA==
جزيرة ام اند امز