"عنصرية وكراهية وترحيل".. معاناة اللاجئين تتفاقم في تركيا
"بؤس وعنصرية وترحيل".. كلمات تلخص أوضاع اللاجئين الأفغان والسوريين بتركيا، حيث يتعرضون للاستغلال والرفض الذي يغلب عليه كراهية الأجانب.
لكن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ورغم التناقض في الشارع التركي حيال استقبال اللاجئين من عدمه، يستخدم تلك الورقة للمناورة حيال عدة ملفات إقليمية يستفز بها العالم.
- الجارديان: احتجاز وترحيل قسري لمئات اللاجئين السوريين بإسطنبول
- "إبادة اللاجئين".. هجمات "عنصرية" تضرب السوريين في تركيا
فأردوغان رغم أنه يعرب مرارا للاتحاد الأوروبي وأمريكا بأن بلاده لا تستطيع التعامل مع تدفق اللاجئين من أفغانستان بعد سيطرة حركة طالبان على الحكم، يتطلع إلى الحصول على مليارات اليوروهات من الاتحاد الأوروبي وأمريكا مرة أخرى مثلما حدث مع سياسة "الباب المفتوح" التي انتهجها مع اللاجئين السوريين، بحسب صحيفة "أحوال" التركية.
كراهية اللاجئين الأفغان
وبالنسبة للفارين من أتون الحرب في أفغانستان، فأنقرة تفعل كل ما في وسعها لقمع المهاجرين الأفغان، فالحدود مع إيران- بلد العبور - مدججة بحراسات على مدار الساعة من خلال قوات الأمن ونقاط التفتيش الحدودية التي تستخدم الكاميرات الحرارية ونظارات الرؤية الليلية وأجهزة الاستشعار الأخرى، وفقا لوسائل إعلام تركية.
كما تم نشر الجيش التركي على طول الحدود أيضًا، مع استمرار بناء جدار حدودي يبلغ طوله بالفعل 180 كيلومترًا.
ووفقا لعالم الاجتماع والناشط والكاتب وخبير الهجرة التركي فيلي ساشيليك، أصبحت العنصرية وكراهية الأجانب جزءًا لا يتجزأ من حياة اللاجئين في تركيا.
ويضيف أن المواطنين الأتراك يعتبرون أنفسهم "أصحاب العقارات الذين لا يرغبون في تأجير عائلات اللاجئين أو السكان المحليين الذين لا يريدون اللاجئ كجار".
وتابع: "بسبب الخطاب العنصري بالداخل التركي أصبح الأفغان الآن الهدف الرئيسي لكراهية الأجانب التركية. لن أتفاجأ إذا تم ارتكاب جريمة كراهية عنصرية ضدهم قريباً".
وفي تركيا، يُترك اللاجئون لتدبر أمورهم بأنفسهم، وفقًا لاستنتاج مرير نشرته شبكة محللي أفغانستان في تقرير نهاية العام الماضي.
الصحفي الأفغاني مجتبى نادري على دراية تامة بمصير اللاجئين الأفغان، ويقول إنه في "إسطنبول لكنه لا يجرؤ على مغادرة مخبئه خوفًا من السلطات التركية".
لا يستطيع نادري العمل كصحفي، لأنه في البلد بشكل غير قانوني، وأخبرني أنه بمجرد أن تلاحظه الشرطة التركية، ستطالبه بوثائقه.
ويقول لصحيفة "أحوال التركية" إنه "أخاطر بشكل كبير عندما أخرج". وضعه بعيد كل البعد عن كونه فريدًا. يشعر بالارتباك الذي يشعر به جميع المهاجرين.
ويضيف أنّ "القواعد التركية مربكة للغاية.. فمعظم الأفغان قد أنفقوا بالفعل كل أموالهم بحلول الوقت الذي وصلوا فيه إلى تركيا".
وتابع: "لأن تركيا بالتأكيد ليست دولة مضيافة للاجئين الأفغان، يأمل العديد من الأفغان في الهروب إلى أوروبا أو أمريكا"، مؤكدا أن الحكومة التركية "تعاملنا نحن المهاجرين بطريقة مروعة.. لا نشجع على البقاء هنا".
وفي تركيا، يتم منح العديد من اللاجئين الأفغان وضعًا مؤقتًا كـ "لاجئين دوليين"، إلا أن هذا الوضع الانتقالي لا يضمن التحول إلى مناصب مستقرة أو محددة قانونًا، مثل وضع اللاجئ أو المواطن.
ويشرح لاجئ أفغاني آخر يعمل بشكل غير قانوني في مزرعة تركية كيف يتم استغلاله: "بعد شهور من العمل في هذه المزرعة، لم أتلق راتبي بعد من المالك، لأنني أخشى أن تعتقلني الشرطة وتعيدني إلى أفغانستان، لا يمكنني طلب المساعدة للحصول على مستحقاتي".
معاناة السوريين تتواصل
من الكراهية والاستعباد في المزارع وصل إلى الاستغلال والقمع ومهاجمة الممتلكات الخاصة، يعيش اللاجئين السوريين في تركيا.
ففي أحدث سلسلة من المعاناة كانت في أغسطس/آب الماضي، حين هدد أهالي بلدة تركية في أنقرة بـ"إبادة اللاجئين".
وروت صحيفة "زمان" التركية، حينها، ملابسات "الهجوم العنيف" على ممتلكات اللاجئين السوريين في أنقرة.
وأوضحت أن "مجموعة من الأتراك هاجمت، منازل وسيارات تعود لسوريين في بلدة "ألتينداغ" بالعاصمة أنقرة، بعد أنباء عن مشادة وقعت "بين سوريين وشخصين تتراوح أعمارهما بين 16 و18 عاما في إحدى الحدائق العامة ساعات المساء".
وتجمع أهالي البلدة وشنوا هجوما عنصريا على جميع منازل وسيارات السوريين الموجودين بالمنطقة، فيما "تدخلت قوات مكافحة الشغب التركية على الفور لفض الاشتباك".
تلك الأحداث وغيرها تدفع معظم اللاجئين السوريين في تركيا إلى تفضيل الرحيل عنها
وفي أحدث تقرير أعده "حزب الشعب الجمهوري" التركي المعارض، خلال شهر سبتمبر/ أيلول الماضي، كشف عن أن "معظم اللاجئين السوريين لا يرون أي مستقبل لهم في تركيا، ويفضلون المغادرة إلى البلدان الغربية إن سمحت الظروف لهم بذلك".
وقالت ممثلة الحزب في البرلمان التركي جامزه أكوش إلجيزدي: "التقرير الذي أعددناه يشير إلى أن السوريين يريدون الذهاب إلى الدول الغربية.. ووفقا لعامل سوري، إذا فتحت تركيا حدودها، فإن 90 % من السوريين هنا سيتجهون إلى الغرب".
ويتعرض بشكلٍ يومي عشرات اللاجئين السورييّن الذين وصلوا الأراضي التركيّة حديثاً للترحيل إلى سوريا، في الوقت الذي زادت فيه تركيا من رقابتها للطرق الرئيسية الواصلة بين الولايات التركيّة الجنوبية القريبة من الحدود مع سوريا.
وكان وزير الداخلية التركي، سليمان صويلو، قد قال، منذ أيام: "إن عدد اللاجئين السورييّن الذين عادوا إلى بلادهم ارتفع إلى 462 ألف سوري".
وهناك ما لا يقل عن ثلاثة ملايين و710 آلاف و532 لاجئاً سورياً يقيمون في تركيا، حسب الإحصاءات الرسميّة.
ولا تتوقف تركيا عن ابتزاز بعض الدول الأوروبية بورقة اللاجئين وتحاول حاليا تطويق سواحل أوروبا الجنوبية بوجودها في غرب ليبيا واستخدام سواحلها المنفلتة لتصدير الإرهابيين والمرتزقة.
ووقعت تركيا والاتحاد الأوروبي في مارس/آذار 2016 اتفاقا لكبح الهجرة تضمن بنودا تفصيلية حول إعادة لاجئين ترفض طلبات لجوئهم، إلى الأراضي التركية.
وكبح الاتفاق الذي حصل بموجبه الجانب التركي على تعهدات مالية ضخمة (نحو 6 مليارات أورو) وامتيازات سياسية منها إلغاء تأشيرة دخول الأتراك إلى منطقة شينغن وإعادة تنشيط محادثات انضمام تركيا للاتحاد.
لكن الرئيس التركي هدد مرارا بإطلاق طوفان من المهاجرين باتجاه الاتحاد الأوروبي وذلك في خضم توترات بين الجانبين أو كل ما تعرضت أنقرة لانتقادات أوروبية تتعلق بحقوق الإنسان وقمع الحريات.
aXA6IDE4LjExNy4xNTYuMTcwIA== جزيرة ام اند امز