الصناعة الفرنسية تواجه تحديات كبيرة رغم جهود الحكومة لتعزيز الاستثمار
تواجه الصناعة الفرنسية مرحلة حرجة، حيث لم تعد عمليات افتتاح المصانع الجديدة كافية لتعويض الإغلاقات المتكررة، ما يثير قلق الخبراء وصناع القرار على حد سواء.
وبينما تسعى الحكومة الفرنسية إلى تعزيز الاستثمارات الصناعية، تظهر فجوة واضحة بين الخطاب السياسي الطموح والواقع الاقتصادي المتردي، ما يستدعي إعادة ترتيب أولويات السياسة الاقتصادية والصناعية بشكل عاجل.
وقالت صحيفة "لوموند" الفرنسية في مقالها الافتتاحي، إن إعادة التصنيع لا يمكن إعلانها بقرار رسمي أو الاقتصار على حملات دعائية، موضحة أن المبادرة الحسنة لتنظيم قمة "Choose France" في باريس، والتي تهدف إلى تحفيز الاستثمارات الفرنسية، تكشف بدقة الفجوة بين الطموح الحكومي والواقع الصناعي.
وأضافت الصحيفة الفرنسية أن القمة، المصممة لتسليط الضوء على "فرنسا الناجحة"، لا تفعل أكثر من أن تبرز التباين المتزايد بين الخطاب الرسمي والوضع الاقتصادي الفعلي.
وكانت القمة نسخة من المبادرة الدولية التي تهدف منذ ثماني سنوات إلى تعزيز جاذبية فرنسا أمام المستثمرين الأجانب، لكنها هذه المرة ركزت حصريًا على الشركات الفرنسية. واعتمدت الطريقة نفسها، وهي تجميع المشاريع التي على وشك التنفيذ لإظهار أرقام كبيرة وجذابة.
ووفقًا لوزير الاقتصاد والمالية الفرنسي رولاند ليسكور، فإن استثمارات الشركات الفرنسية لعام 2025 ستصل إلى 30.4 مليار يورو عبر 151 مشروعًا على الأراضي الفرنسية، مع ملاحظة أن ثلثي هذه المشاريع كانت معلومة مسبقًا.
وبعيدًا عن الأرقام والإعلانات المبهرة، جاءت القمة أيضًا كذريعة للحكومة لمحاولة إعادة التواصل مع البيئة الرأسمالية، التي أبدت صدمة واضحة نتيجة حالة عدم الاستقرار السياسي وتأثيرها السلبي على الاقتصاد.
فرغم صمود معدل النمو بنسبة 0.5% في الناتج المحلي الإجمالي للربع الثالث، إلا أن العديد من المؤشرات الاقتصادية تتحول إلى الأحمر.
وأشارت "لوموند" إلى أن عمليات افتتاح المصانع تتباطأ ولم تعد تعوض الإغلاقات. كما شكل انعقاد قمة "Choose France" في يوم إعلان تصفية ثلاثة من أصل أربعة مواقع لشركة الصلب الفرنسية NovAsco (المعروفة سابقًا باسم Ascometal) مع فقدان مئات الوظائف، مصادفة سيئة للغاية.
وتأتي القمة أيضًا وسط مناقشات ميزانية تركز على زيادة الضرائب على الشركات. ورغم اعتراض الرئيس إيمانويل ماكرون على تفكيك سياسات العرض التي اتبعها لمدة سبع سنوات، إلا أن هذه الزيادة الضريبية في البرلمان المنقسم تعكس جزئيًا عدم التوازن المالي للحكومة. فإعادة توازن الحسابات العامة تتطلب جهدًا مشتركًا لا يمكن للشركات الاستثناء منه.
الأمر كله يتعلق بالاعتدال، فمن الواضح أن الميزان الضريبي انحرف كثيرًا. ويجب استغلال الجزء الثاني من النقاش حول الميزانية لإعادة توازن مساهمة الشركات في الوقت الذي تواجه فيه تحديات اقتصادية صعبة للغاية.
وبين الهجوم الصيني في التصدير، والرسوم الجمركية الأمريكية، والظروف الأوروبية غير المواتية، يصبح النسيج الصناعي الفرنسي في حالة ضعف واضحة.
بالإضافة إلى ذلك، لا يزال قطاع الصناعة الفرنسي في انتظار خطة طاقة متعددة السنوات، وهو مستند استراتيجي لإدارة التحول نحو إنتاج منخفض الكربون. وفي الوقت نفسه، تقرر ألمانيا دعم إنتاجها الكهربائي لتعزيز تنافسية صناعتها.
إعادة التصنيع تتطلب المثابرة والوضوح في التوجهات السياسية، مع توفير الحد الأدنى من الاستقرار الضريبي والتنظيمي.
ورأت "لوموند" أن معظم الأحزاب السياسية اعتبرت إعادة التصنيع ضرورة لاستعادة السيادة وضمان ازدهار البلاد، لكن الأهم الآن هو جعل هذا الهدف يتماشى فعليًا مع القرارات التي تُتخذ في الجمعية الوطنية، وهو أمر ما زلنا بعيدين عنه.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTU4IA== جزيرة ام اند امز