أحسب أن مسار الحياة ليس في ثباتها وتوقفها بقدر ما هي في تحركها وتغيرها وتجددها
يرى الكاتب عاصم الدسوقي في مجلة روزاليوسف: أن كل مشتغل بالسياسة أيًّا كانت وجهته يبحث عن مرجعية يستند إليها لتوضيح افكاره لكن أخطر المرجعيات في السياسة تلك التي تأتي من المعتقد الديني. ويعتبر تيار الإسلام السياسي نموذجاً لاشكاليّة تسييس الدين تحت شعار «القرآن دستورنا» أو «الإسلام هو الحل» وفي تعظيم أنصار هذا التيار للمرجعّية الدينية تراهم يقطعون الطريق على من ينادي بالعلمانيّة ويرمونهم بالكفر والالحاد مع أن العلمانّية قريبة من الحكمة الاسلامية التي تقول «أنتم أدرى بشؤون دنياكم» و«أهل مكة ادرى بشعابها» وبناءً على هذا الهجوم تمّ صياغة مصطلح «الدولة المدنية» التي هي دولة المواطنة ودولة القانون الذي تم صياغته من واقع الاعراف السائدة في المجتمع ولأن الاعراف نسبّية وتتغيّر مع الزمن فيتغير القانون الحاكم ليتواكب مع المتغير الجديد (!)
وأحسب أن مسار الحياة ليس في ثباتها وتوقفها بقدر ما هي في تحركها وتغيرها وتجددها وان فقدت قدرته على التنفس في التغير والتبدّل توقفت وماتت. إنها كالإنسان ومن الانسان اذا توقف عن التنفس توقف عن الحياة في حركتها وتنفسها ومات (!) وهو ما ينطبق على المجتمع أيّ مجتمع اذا توقف عن حركة الحياة في الحداثة والتحديث وادار ظهره عن ثقافة التطور والتجدد والتقدم لمجتمعات الشعوب على وجه الارض تهاوى في الانغلاق على نفسه وتعثرت سيرورة التطور عنده واصبح من المجتمعات الميتة والمخنوقة التنفس خارج حضارات مجتمعات الدنيا (!)
إن إيقاف حركة نصوص الحياة المادية والمعنوية بما فيها نصوص العقيدة الدينية يعني إيقاف حركة التاريخ والجغرافيا ما يعني إيقاف مبادئ التطور والرقي للحداثة والتحديث في المجتمع وخنق انفاسه في التقدم الاجتماعي والثقافي والاقتصادي والسياسي وفي التاريخ ساهمت المخابرات البريطانية في تأسيس حركة الاخوان المسلمين في مصر وقد لعب الشيخ وهبة في الأخذ بيد الشيخ حسن البنّا في هذا الموضوع وأتى به إلى مؤسس الدولة السعودية الملك الداهية عبدالعزيز بطلب إقامة مركز لحركة الإخوان المسلمين ويقول الوطني المعروف الاستاذ محمد الهوشان في حوار مع مجلة اليمامة السعودية في إحدى القصص التي سمعها عن الملك عبدالعزيز أثناء زيارة مؤسس جماعة الاخوان المسلمين الى السعودية فيقول:
«اراد حسن البنا من قدومه للحج ذلك العام ان يطلب من الملك عبدالعزيز بان يسمح له بانشاء فرع للاخوان في المملكة فقال له الملك الداهية: ألم تعلم أني وجميع شعبي من الاخوان المسلمين وان جميع المملكة فرع من جماعة الاخوان وهل لا ترضى بي رئيسا لهذا الفرع واضاف الهوشان قائلا هكذا تغلّب دهاء الملك على طموح الاخوان» ويُذكر انه ولا أخواني واحد استطاع ان يعيش في المملكة في حياة الملك الداهية عبدالعزيز وفي الستينات عندما طارد جمال عبدالناصر الاخوان كانوا يفرون جماعات ووحدانا الى المملكة وان الكثير منهم انتظموا في قطاع التعليم وقد لعبوا دوراً خطيرا في بث التطرف والارهاب في صفوف الناشئة وقد قال وزير الداخلية السابق نايف بن عبدالعزيز أن كل جرائم الارهاب والتطرف مصدره الاخوان المسلمين (!) أن فصل الدين عن السياسة وسياسة الدولة والأخذ بمنهجــيّة العلمانيّة في الدولة المدنية القائمة على القانون هو الواقع السياسي الموضوعي العملي الوحيد في ضرب الاسلام السياسي والقضاء على الإرهاب قضاء مبرمًا وإزالته كليًا من الوجود (!)
* نقلا عن الأيام
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة