إطلاق سراح قيادات القذافي.. هل تشهد ليبيا استقرارا سياسيا؟
شهدت ليبيا خلال الفترة الماضية خطوات مهمة على طريق المصالحة الوطنية، خاصة مع إطلاق سراح بعض رموز النظام السابق.
وخلال الأسبوع الجاري، تم إطلاق سراح أحد أبرز رموز النظام السابق عبدالله منصور رئيس جهاز الأمن الداخلي السابق، بعد سنوات قضاها في السجون الليبية رغم صدور أحكام قضائية ببراءته.
ومن المتوقع أن تشهد الأيام القادمة إفراجا عن بعض رموز النظام السابق وقيادات من عهد الزعيم الراحل معمر القذافي في إطار المصالحة الوطنية.
ويرى خبراء سياسيون وحقوقيون ليبيون أن خطوة الإفراج هي خطوة مهمة قد تدفع باتجاه الاستقرار بضغوط دولية.
ويؤكد الخبراء الحاجة إلى عدم الانتقائية والتمييز في عمليات الإفراج، وأن تشمل مثل هذه الخطوة جميع من تنطبق عليه الشروط، فيما تعددت آراء الخبراء حول مردود هذه الخطوة على العملية السياسية.
التمييز في القانون
ويرى رئيس المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا أحمد حمزة أن إطلاق سراح بعض قيادات ورموز النظام السابق في إطار المصالحة الوطنية خطوة محمودة خاصة من انتهت مدة محكوميته أو الصادر بحقه أوامر إفراج من النيابة العامة أو الإفراج الصحي أو أحكام قضائية بالبراءة أو من لم يعرض على القضاء حتى الآن.
وتابع في حديث لـ"العين الإخبارية" أن الإفراج عن هؤلاء الشخصيات يسهم في تسوية ملفات حساسة وملفات سياسية واجتماعية أخرى، وأنه من المنتظر الإفراج عن كثيرين آخرين، مضيفا "حال حدوث ذلك سيسهم في ملف المصالحة، لكن القرار سياسي وليس قانونيا بحتا".
ومضى قائلا إن الإشكالية تبرز في التمييز الذي تنتهجه وزارة العدل الليبية منذ سنوات فيما يخص قرارات العفو الصحي عن المسجونين خاصة السياسيين، حيث تتركز على عدد بسيط من هؤلاء ولم تشمل كل من يستحق من المسجونين الذين قد يكون لديهم ظروف صحية تجيز لهم هذا الإفراج الصحي.
وأشار إلى ضعف الرعاية الصحية التي يتلقاها المسجونون في بعض مراكز الاحتجاز في ليبيا، وأن الانتقائية التي تقوم بها وزارة العدل في ملف الإفراجات أصبحت كبيرة جدا وهو ما يتعارض مع صريح القانون، متابعا "يجب الإفراج عن كافة المسجونين الذين تنطبق عليهم الشرور والنصوص القانونية".
ويؤكد حمزة أن المجلس الأعلى للقضاء الليبي شكل لجنة لمراجعة جميع قرارات الإفراج الصحي التي صدرت.
وتابع "من المتوقع أن يصل إلى نتائج مهمة وسيتخذ قرارات وتوصيات مهمة تسهم في الحد من الانتقائية والتمييز والفساد في القرار السياسي لوزارة العدل الليبية، مضيفا "قد نرى العديد من حالات الإفراج التي كانت مؤجلة فيما سبق".
ضغوط دولية
ومن جانبه يرى الخبير السياسي الليبي عز الدين عقيل أن التمييز في الإفراج عن بعض الرموز دون آخرين وتسليم آخرين يرجع لأن ذلك يجب أن يحصل على موافقة واشنطن ولندن مسبقا.
وتابع في حديث لـ"العين الإخبارية" أن الولايات المتحدة خاصة جهاز المخابرات المركزية الأمريكي، على اتصال دائم بالسلطات الليبية فيما يخص الموقوفين ومن يعتزمون إطلاق سراحهم.
وأشار إلى أن ملف الإفراجات غير مرتبط مباشرة بالمصالحة الليبية حيث لم تكن الخطوة وفقا لقرار ليبي بحت ولا نتيجة لحوار مجتمعي.
وأضاف أن بعض المسجونين صدرت أحكام قضائية بإطلاق سراحهم ومع ذلك ما زالوا مسجونين، وأن الانتقائية ترجع لارتباط هذه الخطوة بالمصالح الأجنبية في الملف الليبي.
وفيما يخص احتمالية إطلاق سجناء آخرين من رموز النظام السابق، يرى الخبير الليبي أن السجناء الباقين من رموز النظام السابق لا علاقة لهم بالعمليات في الخارج مثل أحمد إبراهيم أو منصور ضو وهم معتقلون لحسابات خاصة بمليشيات مصراتة نفسها وأمر إخراجهم يرتبط بمصالح هذه المليشيات، باستثناء عبدالله السنوسي.
وأردف عقيل أن عبدالله السنوسي رئيس المخابرات الليبية السابق من الصعب إطلاق سراحه تحت أي مسمى خاصة أنه مطلوب للجنائية الدولية.
استقرار مرحلي
فيما يرى الخبير السياسي والحقوقي الليبي عبدالله محمد العقوري أن المصالحة الوطنية تسير للأمام بدفع كبير من المجتمع الدولي الباحث عن الاستقرار في ليبيا لتحقيق مصالحه الخاصة.
وتابع في حديث لـ"العين الإخبارية" أن الإفراجات المختلفة وإن كانت غير نابعة عن قرار ليبي بحت، إلا أنها ستسهم في خفض الاحتقان بين الأطراف المختلفة.
وأشار إلى أن كثيرا من المسجونين سواء الذين أفرج عنهم أو لا، يستحقون قانونيا الإفراج ولكنهم حرموا من هذا الحق إلى أن تمت تسويات دولية لملفات كانت عالقة، مضيفا "هذا قد يسهم في نوع من الاستقرار كخطوة رئيسية باتجاه إجراء الانتخابات".
وأضاف أن أكبر متضرر من هذه الإفراجات هم تنظيم الإخوان باعتبار أنه يتم تسليط الضوء على جرائمه بالسجون وسحب أوراق الضغط التي كانت لديه وتتمثل في شخصيات سياسية محبوسة، ومن الممكن أيضا أن يفقدوا جزءا كبيرا من السلطة حال أجريت الانتخابات في الفترة المقبلة.
واختتم بأن الانتخابات حال أجريت في هذه الظروف، ستشهد إقبالا كبيرا من كافة الفئات والمكونات وقد يشارك فيها عناصر النظام السابق لأول مرة بعد أن كانوا يرفضون أو يتم إقصاؤهم من الانتخابات التي أجريت عامي 2012 و2014، وهو مؤشر جيد قد يسهم في نوع من الاستقرار إثر مشاركة الجميع في السلطة.
aXA6IDMuMTQ3LjUxLjc1IA== جزيرة ام اند امز