نهاية قصة صنع الله.. رفض الطعن على إدارة نفط ليبيا
نقطة نهاية يضعها القضاء الليبي أمام محاولات رئيس المؤسسة الوطنية للنفط المقال مصطفى صنع الله للعودة لمنصب غادره مجبرا قبل أشهر.
فبعد أكثر من 8 أعوام قضاها صنع الله بصورة غير قانونية على رأس قطاع النفط الليبي الذي يمول أكثر من 95 % من ميزانية الدولة، تمت الإطاحة به من منصبه وتشكيل مجلس إدارة آخر.
مقاومة وسقوط
ورغم أن صنع الله قاوم قرار الإقالة واستعان بعدد من المسلحين الموالين له للتمسك بمنصبه، كما حاول الاستقواء بالدعم الدولي لذلك بعد أعوام قضاها يعمل تحت هذا الغطاء، إلا أنه أخيرا أجبر على المغادرة مع تسلم المجلس الجديد للإدارة رسميا.
وفي محاولة أخيرة للعودة لمنصبه، لجأ صنع الله للقضاء بهدف العودة لمنصبه وتعطيل مجلس الإدارة الجديد عن ممارسة مهامه، واستمرت القضية في المحاكم منذ ذلك الحين إلى اليوم.
واليوم الخميس، قضت الدائرة الإدارية بمحكمة استئناف جنوب طرابلس برفض طعن صنع الله ضد قرار تسمية مجلس جديد للمؤسسة الوطنية للنفط، ليطوى بذلك ملف صنع الله إلى الأبد، والأزمات التي لطالما تسبب فيها إبان توليه للقطاع الذي كان يتصرف فيه كإرث خاص له.
ملاحقة ضرورية
الحقوقي الليبي محمد اللافي يرى أن صنع الله الذي يحاول العودة لقطاع النفط الليبي، ينبغي أن يلاحق قضائيا، إذا ما طبقت العدالة، جزاء عما ارتكبه من جرائمه بحق الشعب الليبي.
ويقول اللافي، في تصريح لـ"العين الإخبارية"، إن صنع الله جاء للمنصب بشكل غير قانوني واستمر فيه لـ8 أعوام بقوة الأمر الواقع والاستقواء بالخارج ويريد العودة إلى منصبه بالقانون وهو أمر مستحيل.
وأشار إلى أن "التقارير الرقابية بحق صنع الله كافية في حد ذاتها للإطاحة به من منصبه لو كان ما زال فيه، فكيف مع صدور القرار بهذا الشكل القانوني وتشكيل مجلس آخر حصل على الدعم الشعبي ولم يجد صنع الله أي ليبي واحد يقف معه ويؤيده للعودة إلى منصبه".
من جانبه، يقول الخبير السياسي والاقتصادي الليبي سالم الغزال، إن قطاع النفط الليبي شهد مؤخرا انتعاشة اقتصادية مزهرة بعد الإطاحة بصنع الله وتشكيل مجلس إدارة جديد للمؤسسة الوطنية للنفط.
واعتبر الغزال، في حديث لـ"العين الإخبارية"، أن "ما تقدم يشكل خطوة للأمام يجب البناء عليها وعدم التراجع للوراء بغض النظر عن الشق القانوني الذي حسمته المحكمة اليوم".
ولفت إلى أن فرحات بن قدارة رئيس مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط نجح في إدارة القطاع إلى الآن بسبب عقليته الاقتصادية والمالية باعتباره مصرفيا سابقا وتولى محافظ مصرف ليبيا المركزي قبل 2011.
وبحسب الخبير، فإن قطاع النفط عاش 8 أعوام من الطوارئ إبان تولي صنع الله، حيث عانى يوميا من إغلاقات ولم يتم أي صيانة حقيقية لخطوط النقل والموانئ وهو ما تدهور معه القطاع وترك إرثا ثقيلا حمله بن قداره على كتفه وتحاول ليبيا إصلاح ما تم إفساده خلال تلك الفترة.
وشدد على أن "قصة سقوط صنع الله يجب أن تكون ملحمة ليبية وتعطي إشارات مهمة حول مستقبل العملية السياسية"، محذرا أن "من يستقوي بالأجنبي ويعمل لصالحه على حساب مصلحة بلده لن يدوم طويلا وسرعان ما سيسقط".
واختتم بالقول إن صنع الله لم يجد من يقف بجانبه بعد سقوطه لا في الداخل ولا الخارج كون الداخل الليبي يدرك حجم الفساد الذي مارسه خلال هذه الأعوام، والخارج أدرك أنه لا يمكن الرهان عليه وأن الدفاع عنه دفاع عن فساد سيضع من يفعله في عداء مباشر مع الشعب الليبي.
فساد بالجملة
مع الإطاحة بصنع الله من منصبه، بدأ يتكشف حجم الفساد الذي ضرب قطاع النفط الليبي لسنوات منذ تقلده لمنصبه، بداية من تعيينه بشكل غير قانوني من قبل وكيل وزارة مكلف بمهام تسييريه ليس من صلاحياته تعيين رئيس إدارة مؤسسة سيادية.
وصولا إلى الفساد الذي ضرب القطاع والذي كشفت بعض فصوله تقارير الأجهزة الرقابية التي طالما تهرب منها إلى دعم الإرهاب، والاستقواء بالأجنبي، وغيرها من الجرائم التي سبق ونشرت "العين الإخبارية" تفاصيلها في تقارير سابقة.
وكشفت التقارير الرقابية أن صنع الله، وفقا لآخر تقرير لديوان المحاسبة عام 2022، لم يعد مذكرات تسـوية المصرف لعـدد من الحسابات المصرفية بالحساب الختامي بالمخالفة لنص المادة "42" من اللائحة المالية للمؤسسة.
وأشارت إلى أن مصروفات المؤسسة في الربع الأول من العام فقط بلغت نحو 3 مليارات و781 مليونا و583 آلاف دينار ليبي من أصل 3 مليارات و172 مليونا كانت مقررة كميزانية للمؤسسة طوال العام رغم توقف الإنتاج مرارا والذي يفترض معه انخفاض المصاريف التشغيلية.
وشكل خبر الإطاحة بصنع الله بمثابة إشارة البدء لانفراجة في أزمة ليبيا الاقتصادية، حيث استبشر بها الليبيون، مع عودة الإنتاج تدريجيا في التعافي منذ 21 يوليو/تموز الماضي، ليتخطى في ما بعد حاجز المليون و200 ألف برميل يوميا.