فك شفرة القاعدة الدستورية.. إجهاض لمناورات إخوان ليبيا
صفعة يوجهها برلمان ليبيا للإخوان بإقرار التعديل الـ13 للإعلان الدستوري ما يمنحه صبغة النفاذ في خطوة تجهض مناورات التنظيم.
فبعد أسبوعين من مماطلة وتعطيل ما يعرف بمجلس الدولة الإخواني الذي يفرض نفسه كسلطة أمر واقع في معادلة حل الأزمة الليبية، اتخذ مجلس النواب الليبي اليوم الخميس خطوة قطع خلالها الطريق على الإخوان للعبث بمصير البلاد.
وتمثلت الخطوة في إعلان البرلمان، عبر الناطق باسمه عبد الله بليحق، نفاذ خطوة المجلس التي اتخذها قبل أسبوعين والمتمثلة في إقرار التعديل الـ13 للإعلان الدستوري الليبي (دستور مؤقت وضع عام 2011 عقب الإطاحة بنظام معمر القذافي).
وبذلك يصبح رسميا "قاعدة دستورية" ستجري على أساسها انتخابات تحل أزمة البلاد السياسية التي تجاوز عمرها العام.
وفي حين أعلن مجلس النواب الليبي في 7 فبراير/ شباط الحالي إقرار التعديل الـ"13" للإعلان الدستوري، أرسل إلى مجلس الدولة الاستشاري نسخة من التعديل على أن يقول كلمته فيها، إلا أن الأخير ظل يماطل منذ ذلك الوقت في الرد.
مناورات استمرت رغم مناشدات مجلس النواب من أجل "تحقيق مصلحة الوطن ومراعاة كل الظروف السياسية والاقتصادية للمجتمع"، وفق خطاب وجهه للمجلس الإخواني رئيس البرلمان المستشار عقيلة صالح.
وبعد استمرار مجلس الدولة في المماطلة وتعطيل مسار حل الأزمة الليبية عبر المخرج الذي أوجده مجلس النواب، نشر مجلس النواب اليوم التعديل الـ13 للإعلان الدستوري في الجريدة الرسمية، وهو ما يعني أنه "أصبح نافذا " وفق تصريح عبد الله بليحق.
وجرى ذلك في ظل إعلان مجلس الدولة اليوم تأجيل جلسة مناقشة التعديل الدستوري إلى يوم الأحد المقبل، متحججا بعدم تحقق النصاب القانوني بسبب منع محتجين لأعضاء المجلس من دخول مقره في العاصمة طرابلس.
قطع الطريق على الإخوان
في قراءة للمستجدات، يرى المحلل السياسي الليبي يوسف الفزاني أن "ما جرى اليوم يشكل نقطة مفصلية بعمر الأزمة الليبية".
ويقول الفزاني، في حديث لـ"العين الإخبارية"، إن "تجاوز البرلمان لمجلس الدولة يمثل صفعة لإخوان ليبيا الذين اعتادوا على المماطلة وتعطيل الحل خاصة إذا جاء عبر مجلس النواب الذي يعتبره أعضاء التنظيم بمجلس الدولة شريكا في القرار وليس سلطة عليا في البلاد".
ويضيف أن "مجلس النواب تجاوز مجلس الدولة ولم ينتظر رده بخصوص التعديل الذي أقره لعلمه بأن مجلس الدولة سيرد بالرفض".
رفض عبر عنه في وقت سابق أعضاء من مجلس الدولة وجميعهم ينتمون لتيار الإخوان، وبينهم نعيمة الحامي، وفق المحلل السياسي.
وخلص الخبير إلى أن مجلس الدولة أكد أنه "خاضع لتحكم تنظيم الإخوان الذي يسيره كما شاء، إلا أن مجلس النواب اليوم وضع له حدا بإعلانه نفاذ التعديل الثالث عشر للإعلان الدستوري، وبهذا يظهر للعيان أن مجلس الدولة هو المعرقل لحل الأزمة الليبية".
ليس الأول
تعطيل قال عنه الفزاني إنه "ليس الأول بل إن جميع القرارات التي اتخذها مجلس النواب في وقت سابق بهدف حل الأزمة عطلها مجلس الدولة بل ورفضها واختلق الأزمات ضدها".
وتابع: "لا ننسى أن ما تعيشه ليبيا اليوم أساسا من أزمة سياسية كان بسبب تعطيل الإخوان للحل وهو ما تمثل في تراجع مجلس الدولة عن اتفاقه مع مجلس النواب قبل عامين والذي أجرى وفقه مجلس النواب التعديل الـ12 السابق على الإعلان الدستوري وكلف بموجب ذلك حكومة فتحي باشاغا".
وآنذاك، يقول الفزاني، "تراجع الإخوان عن اتفاقهم مع مجلس النواب بل ورفضوه بعد إقراره رسميا لتبدأ منذ ذلك الوقت الأزمة الحالية والمتمثلة في الصراع بين حكومة فتحي باشاغا التي كلفها مجلس النواب بناء على اتفاق سابق مع مجلس الدولة وبين حكومة عبد الحميد الدبيبة التي انتهت ولايتها ولا تزال متمسكة بالسلطة".
نص التعديل
يتطابق التعديل الـ13 للإعلان الدستوري الذي أقره مجلس النواب ونشره اليوم في العدد الرابع من الجريدة الرسمية مع ما كشف عنه لـ"العين الإخبارية " في وقت سابق عضو مجلس النواب الليبي عبد المنعم العرفي.
وينص التعديل على تحديد صلاحيات رئيس الدولة المقبل خاصة ما يتعلق بإعلان حالة الحرب والسلم إضافة لصلاحيات رئيس مجلس الوزراء.
كما حدد تشكيل سلطة تشريعية تحت مسمى (مجلس الأمة) وتضم غرفتين تشريعيتين هما مجلسا النواب والشيوخ، الأول مقره بنغازي (شرق) والثاني مقره طرابلس (غرب).
ويحدد التعديل أيضا الاختصاصات التشريعية للمجلسين وطريقة وشروط الترشح والانتخابات الخاصة بهما، مشيرا إلى أن التعديل ينص أيضا على أن عدد أعضاء مجلس الشيوخ سيكون بالمناصفة بين أقاليم ليبيا الثلاثة برقة (شرق) وطرابلس (غرب) وفزان (جنوب).
أما مجلس النواب فينص التعديل على أن يكون عدد نوابه 200 عضوا ينتخبون بحسب الكثافة السكانية أي التوزيع الجغرافي للمدن والمناطق بحيث يضمن التمثيل العادل لكل الليبيين.
وبحسب التعديل، فإن السلطة التنفيذية يرأسها رئيس منتخب مباشرة من الشعب يكلف بدوره رئيسا للوزراء وله الحق في إقالته.
ومنذ مطلع العام الماضي، تشهد ليبيا أزمة سياسية خانقة تتمثل في صراع بين حكومتين، الأولى برئاسة فتحي باشاغا التي كلفها مجلس النواب والثانية حكومة الوحدة الوطنية منتهية الولاية برئاسة عبدالحميد الدبيبة الذي يرفض تسليم السلطة إلا لحكومة تأتي عبر برلمان جديد يختاره الشعب من خلال انتخابات مقبلة، وفق قوله.
ولحل الأزمة، أطلقت الأمم المتحدة مبادرة تقضي بتشكيل لجنة مشتركة من مجلس النواب وما يعرف بـ(مجلس الدولة) للتوافق حول قاعدة دستورية تقود البلاد إلى انتخابات في أقرب وقت ممكن.
وبعد مباحثات جرت في العاصمة المصرية القاهرة من 19 يونيو/حزيران الماضي إلى 13 أبريل/نيسان الماضي، على ثلاث جولات، لم تفلح اللجنة في تحقيق الهدف والتوافق حول بعض بنود القاعدة الدستورية والمتمثلة في شروط الترشح للانتخابات الرئاسية.
ويعود التعثر إلى إصرار ممثلي الإخوان في لجنة المسار الدستوري التابعة لمجلس الدولة على إقصاء مزدوجي الجنسية والعسكريين من الترشح للانتخابات الرئاسية، وهو ما قابله إصرار مجلس النواب على إتاحة الفرصة لجميع الليبيين على أن يقول الشعب قراره فيمن يقودهم عبر صناديق الاقتراع.
aXA6IDMuMTQwLjE4Ni4xODkg جزيرة ام اند امز