المنشد محمد السوهاجي: نعاني تجاهل الإعلام وعدم وجود إنتاج ديني
المنشد المصري محمد السوهاجي يوضح في حواره مع "العين الإخبارية" الفرق بين الابتهال والإنشاد والمديح.
يري المنشد المصري محمد السوهاجي أن الإنشاد الديني خير وسيلة لتعريف غير المسلمين بهذا الدين العظيم، كما أنه تذكير للمسلمين بأمر دينهم بذكر الأحكام الشرعية في الكلمات.
ينصح "السوهاجي" الشباب بأن يفرقوا جيداً بين الغناء الديني والإنشاد، فليس كل غناء ديني إنشادا، وليس كل من يؤدي بصوت مستعار هو منشد ديني، فلا بد من اهتمام المنشد بمظهره الذي يليق بمناجاة الله ومدح رسوله صلى الله عليه وسلم.
"السوهاجي" تحدث لـ"العين الإخبارية" عن بداياته مع فن الإنشاد، والفرق بين الابتهال والإنشاد والمديح، في سياق الحوار التالي.
ما سبب اهتمامك بفن الإنشاد الديني؟
في البداية كنت قارئاً للقرآن الكريم مثل الوالد رحمه الله وباقي الإخوة، وأواظب على حضور الحفلات القرآنية الكبيرة لكبار القراء، وأذكر تأثري بحفلة للقارئ الطبيب أحمد نعينع، وفضيلة المبتهل الشيخ عبدالتواب البساتيني، وكانت أول مرة في حياتي أستمع للابتهالات الدينية.
استمعت إلى تسجيل لهذا الحفل عدة مرات، إلى أن حفظت ما قاله الشيخ عبدالتواب من كلمات رائعة في مناجاة الله ومدح النبي صلى الله عليه وسلم، وقمت بأداء هذه الابتهالات في الإذاعة المدرسية وعمري ٩ سنوات، ومن وقتها إلى الآن وأنا متعلق بالإنشاد الديني.
هل تعليمك في الأزهر دفعك لمواصلة مشوار فن الإنشاد؟
للأزهر الشريف دور كبير جداً في نشأتي وكل حياتي، فقد التحقت بالتعليم الديني إلى أن تخرجت في الجامعة، ودخلت مسابقات كثيرة خلال دراستي بالأزهر، آخرها مسابقة الإنشاد الديني في الجامعة، وحصلت فيها على المركز الأول عام ٢٠١٢ في عام تخرجي في كلية أصول الدين والدعوة، ويكفيني شرف ارتداء الزي الأزهري منذ الصغر.
هل هناك فرق بين الابتهال والإنشاد والمديح؟
نعم الإنشاد الديني كلمة عامة، تُطلق على جميع ألوان هذا الفن العريق، فالابتهال يراد به كلمات المناجاة والدعاء والتسابيح، وتكون ارتجالاً بدون لحن، مثل ما أؤديه بالإذاعة المصرية في نقل شعائر صلاة الفجر.
والأناشيد جمع أنشودة، وتكون بألحان معينة ورتم معين، حتى وإن لم يصحبها الإيقاع، والتواشيح هي أن يكون للشيخ بطانة، وهي مجموعة من الكورال، يرددون لحناً معيناً، ثم ينتقل الشيخ بين المقامات ارتجالاً، ثم يعود للجملة اللحنية للكورال وهكذا، وهو من أصعب ألوان الإنشاد الديني.
بمن تأثرت من المشايخ والمبتهلين في الإنشاد،وكيف التحقت بالإذاعة؟
تأثرت بالشيخ محمد الهلباوي رحمه الله، والشيخ عبدالتواب البساتيني، وهما من أعلام المبتهلين بالإذاعة المصرية، وجاء دخولي الإذاعة استجابة لدعوة أمي وأمنيتها، وليس نتيجة اهتمام مني أو براعة، لكنها استجابة الله لدعوة أم نحسبها على خير.
وتقدمت للاختبار مبتهلاً بالإذاعة المصرية أمام لجنة اختبار القراء والمبتهلين بالإذاعة، وكان الشيخ أبوالعينين شعيشع رحمه الله نقيب القراء وعضو لجنة الاختبار، وكان أول مرة يصدح صوتي عبر أثير موجات الإذاعة المصرية في شبكة البرنامج العام في الاحتفال بعيد الإعلاميين على الهواء مباشرة في مايو/أيار ٢٠١٢، وبعدها أول ابتهالات فجر بمسجد السيدة زينب رضي الله عنها بالقاهرة.
هل يوجد نوع من الإنشاد خاص بالأطفال؟
نعم توجد أناشيد خفيفة، تغرس في قلوب الأطفال حب النبي صلى الله عليه وسلم وتعليمهم أمور دينهم، وأنشدت كثيراً في حفلات بالمدارس، وشاركت بعض الأطفال معي في المدائح والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.
المتابع لفن الإنشاد يجد عددا قليلا يهتم بذلك رغم الريادة المصرية السابقة.
قلة جمهور ومستمعي الإنشاد الديني نتيجة لقلة اهتمام وسائل الإعلام به إلا في بعض المناسبات الدينية فقط، ونتيجة عدم وجود إنتاج ديني، فكل الإنتاج حالياً قاصر على الإنتاج السينمائي والفني. فأين الإنتاج الديني في مصر؟
هل هناك مواصفات للمنشد الديني؟
مواصفات المنشد أولها الإخلاص، فيجعل كل أعماله خالصة لوجه الله الكريم، ثم يوقن أن القبول مكتسب من الخشوع، ولا يأتي التوفيق إلا من الله، ثانياً إتقان اللغة العربية ومخارج الألفاظ واختيار الكلمات المناسبة ومراجعة الكلمات لغوياً، وأن يكون متقناً لعلم المقامات والنغم، وأن يجتهد لإظهار قدراته بدون تقليد لأحد، لكنه يستمع لكل مدارس الإنشاد الديني قديماً وحديثاً، ولا بد أن يحترم هذا المجال أخلاقياً وسلوكياً.
كيف ترى مستقبل الإنشاد الديني بمصر في ظل التطور التكنولوجي الحالي؟
أرى أن الإنشاد الديني في ازدهار، خاصة في مصر، فلدينا الآن نقابة العاملين بالإنشاد الديني، التي أشرف بعضوية مجلس إدارتها الموقر، بثقة من فضيلة الشيخ محمود التهامي، الذي أسس هذه النقابة، وأسس بعدها مدرسة للإنشاد الديني تقوم بتدريس هذا الفن بأسلوب راق ودراسة أكاديمية بصحبة أساتذة كبار في هذا المجال، وقد خرجت المدرسة عشرات الدفعات.
ما أهم الحفلات الإنشادية التي أحييتها في مصر وخارجها؟
من أهم الحفلات التي شاركت في إحيائها بمصر عام ٢٠٠٥، قرأت القرآن الكريم أمام الرئيس الراحل مبارك في احتفال وزارة الأوقاف المصرية بليلة القدر، بعد حصولي على المركز الأول على العالم في تجويد القرآن الكريم وتلاوته.
وشاركت عام ٢٠١٥ في افتتاح السهرة الأولى لمهرجان منشد الشارقة بدولة الإمارات العربية المتحدة، وشاركت في إحياء ليالي رمضان الماضي بدولة الجزائر الشقيقة بولاية وهران، وشاركت في القافلة المحمدية التي نظمتها وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بدولة الجزائر الشقيقة، لإحياء شهر نصرة النبي صلى الله عليه وسلم.
توجد منافسة بين رواد المجالات المختلفة فهل الأمر نفسه موجود بين وسط المنشدين؟
أرى أن المنافسة في الإنشاد الديني ليس لها وجود، فكل منا يجود بما منّ الله به عليه، ولكن في المسابقات أسميها محاكاة أو تعاون مشترك.
من أين تحصل على قصائد إنشادك؟
أنشدت نهج البردة لأمير الشعراء أحمد شوقي وعمري ١١ عاماً، وأنشدت البردة للإمام البوصيري ضمن ١٠ شرائط كاسيت تجمع بين تلاوات مجودة ومرتلة للقرآن الكريم وإنشاد ومدائح نبوية.
وأحصل على بعض القصائد من التراث الديني، منها كلمات الشيخ القوصي رحمه الله، والشيخ صالح الجعفري وغيرهم، ثم كلمات أستاذي الدكتور علي عبده عبدالراضي، نجل فضيلة القارئ الشيخ عبده عبدالراضي رحمه الله، وكلمات أستاذي الدكتور طلعت المغربي، والمهندس أبوطالب محمود، والأستاذ طارق إسماعيل، والأستاذ محمد علي راشد، وغيرهم ممن أفتخر بكلماتهم الرائعة التي تمس القلب والوجدان قبل الآذان.
كيف تقضي شهر رمضان؟
كنت أقضي شهر رمضان قديماً في السهرات الرمضانية ببعض الدواوين بصعيد مصر لإمامتهم في صلاة التراويح، وتمتد السهرة لسماع القرآن الكريم والإنشاد الديني إلى منتصف الليل في كل يوم.
وكانت هذه السهرات قاصرة على صلاة التراويح وقراءة القرآن الكريم وبفضل الله كنت أول من أدخل فيها الإنشاد الديني والابتهالات والعام الماضي أحييت ليالي شهر رمضان بدولة الجزائر الشقيقة.