خلافات سد النهضة تطفو على السطح ببيانين مصري وإثيوبي
الجولة الرابعة لمفاوضات سد النهضة اختتمت أعمالها في أديس أبابا الخميس دون التوصل لاتفاق نهائي حول قواعد ملء وتشغيل السد
يبدو أن الخلافات بين مصر وإثيوبيا حول قواعد ملء وتشغيل سد النهضة طفت على السطح بإصدارهما بيانين يؤكد كل منهما تمسكه بوجهة نظره، وذلك بعد يوم من ختام الجولة الرابعة للمفاوضات دون التوصل لاتفاق نهائي.
وقالت الخارجية المصرية، في بيان الجمعة، إن البيان الصادر عن وزارة الخارجية الإثيوبية بشأن الاجتماع الوزاري حول سد النهضة الذي عُقد يومي 8-9 يناير/كانون الثاني الجاري في أديس أبابا قد تضمن "العديد من المغالطات المرفوضة جملة وتفصيلاً."
وأضاف: "بيان الجانب الإثيوبي انطوى على تضليل متعمد وتشويه للحقائق، وقدم صورة منافية تماما لمسار المفاوضات ولمواقف مصر وأطروحاتها الفنية ولواقع ما دار في هذا الاجتماع وفي الاجتماعات الوزارية الثلاثة التي سبقته والتي عقدت على مدار الشهرين الماضيين لمناقشة قواعد ملء وتشغيل سد النهضة."
وأوضح البيان أن هذه الاجتماعات الوزارية الأربعة لم تفض إلى تحقيق تقدم ملموس بسبب "تعنت" إثيوبيا وتبنيها لمواقف مغالى فيها تكشف عن نيتها في فرض الأمر الواقع وبسط سيطرتها على النيل الأزرق وملء وتشغيل سد النهضة دون أدنى مراعاة للمصالح المائية لدول المصب وبالأخص مصر بوصفها دولة المصب الأخيرة.
وأكد أن هذا "التعنت" يخالف التزامات إثيوبيا القانونية وفق المعاهدات والأعراف الدولية، وفي مقدمتها اتفاق إعلان المبادئ المبرم في 23 مارس/آذار 2015، وكذلك اتفاقية ١٩٠٢ التي أبرمتها إثيوبيا بإرادتها الحرة كدولة مستقلة، واتفاقية ١٩٩٣ التي تعهدت فيها بعدم إحداث ضرر لمصالح مصر المائية، إلا أن أديس أبابا تسعى للتحكم في النيل الأزرق كما تفعل في أنهار دولية مشتركة أخرى تتشاطر فيها مع دول شقيقة.
وشدد البيان على أن "هذا المنحى الإثيوبي المؤسف قد تجلى في مواقفها الفنية ومقترحاتها التي قدمتها خلال الاجتماعات الوزارية، والتي تعكس نية إثيوبيا ملء خزان سد النهضة دون قيد أو شرط ودون تطبيق أي قواعد توفر ضمانات حقيقة لدول المصب وتحميها من الأضرار المحتملة لعملية الملء."
كما توضح مصر أن سبب رفض إثيوبيا تصريف الإيراد الطبيعي أثناء عملية تشغيل سد النهضة يرجع إلى نيتها لتوظيف هذا السد والذي يستهدف فقط توليد الكهرباء لإطلاق يدها في القيام بمشروعات مستقبلية واستغلال موارد النيل الأزرق بحرية تامة دون الاكتراث بمصالح مصر المائية وحقوقها التي يكفلها القانون الدولي.
وتابع البيان المصري: "لقد انخرطت القاهرة في هذه المفاوضات بحسن نية وبروح إيجابية تعكس رغبتها الصادقة في التوصل لاتفاق عادل ومتوازن يحقق المصالح المشتركة لمصر ولإثيوبيا".
وأردف بيان الخارجية المصرية: "وقد انعكس هذا في الأفكار والنماذج الفنية التي قدمتها مصر خلال الاجتماعات والتي اتسمت بالمرونة والانفتاح. فبعكس ما ورد في بيان الخارجية الإثيوبية الذي زعم أن مصر طلبت ملء سد النهضة في فترة تمتد من 12 إلى 21 سنة، فإن مصر لم تُحدد عددا من السنوات لملء سد النهضة".
وأوضح أن واقع الأمر هو أن الدول الثلاث اتفقت منذ أكثر من عام على ملء السد على مراحل تعتمد سرعة تنفيذها على الإيراد السنوي للنيل الأزرق، حيث أن الطرح المصري يقود إلى ملء سد النهضة في 6 أو 7 سنوات إذا كان إيراد النهر متوسطا أو فوق المتوسط خلال فترة الملء.
وفي حالة حدوث جفاف، فإن الطرح المصري يمكن سد النهضة من توليد 80% من قدرته الإنتاجية من الكهرباء، بما يعني تحمل الجانب الإثيوبي أعباء الجفاف بنسبة ضئيلة.
وأشار البيان إلى أنه خلافا لما تضمنه بيان الخارجية الإثيوبية من "مغالطات" بشأن مفهوم العجز المائي، فإن مصر اقترحت وضع آليات وقواعد للتكيف مع التغيرات الهيدرولوجية في النيل الأزرق وللتعامل مع سنوات الجفاف التي قد تتزامن مع عملية ملء سد النهضة.
وقال البيان المصري إن من بين مقترحات مصر الإبطاء من سرعة الملء وإخراج كميات من المياه المخزنة في سد النهضة للحد من الآثار السلبية لعملية الملء أثناء الجفاف وسد العجز المائي الذي قد تتعرض له دول المصب.
وأضاف أن ذلك يتزامن مع الحفاظ على قدرة سد النهضة في الاستمرار في توليد الكهرباء بمعدلات مرتفعة، إلا أن إثيوبيا تأبى إلا أن تتحمل مصر بمفردها أعباء الجفاف، وهو الأمر الذي يتنافى مع قواعد القانون الدولي ومبادئ العدالة والإنصاف في استخدامات الأنهار الدولية.
وأعربت مصر، في بيان خارجيتها، عن دهشتها من أنه كلما طالبت بضرورة الاتفاق على خطوات فعالة للتعامل مع سنوات الجفاف التي قد تحدث أثناء الملء، تقوم إثيوبيا بالتلويح باستعدادها لملء سد النهضة بشكل أحادي، وهو ما رفضته مصر على مدار المفاوضات باعتباره يمثل مخالفة صريحة لاتفاق إعلان المبادئ لعام ٢٠١٥ ولالتزامات إثيوبيا بموجب قواعد القانون الدولي.
وأكد البيان أن القاهرة ستشارك في الاجتماع المقرر أن يعقده وزير الخزانة الأمريكي ستيف منوتشين مع وزراء الخارجية والمياه لمصر والسودان وإثيوبيا في واشنطن يومي 13 و14 يناير/كانون الثاني الجاري، من منطلق التزامها بالعمل الأمين من أجل التوصل إلى اتفاق عادل ومتوازن وفي إطار سعيها للحفاظ على مصالح الشعب المصري التي لا تقبل التهاون فيها.
في المقابل قالت الخارجية الإثيوبية، في بيان، إن إصرار الجانب المصري على قبول اقتراحه بالكامل حال دون التوصل إلى اتفاق نهائي بشأن قواعد ملء وتشغيل سد النهضة الإثيوبي خلال جولة المفاوضات الأخيرة التي استضافتها أديس أبابا على مدى اليومين الماضيين.
وأضاف البيان أنه على الرغم من أنه كان من المتوقع اختتام الاجتماع بالتوصل إلى تفاهم بشأن القضايا العالقة المتعلقة بملء وتشغيل سد النهضة، بما في ذلك حجم الحد الأدنى لتمرير المياه من السد والتعاون خلال الجفاف والجفاف الممتد، لم يتم التوصل إلى اتفاق بشأن أي من القضايا.
وأوضح أن إثيوبيا اقترحت خطة تعبئة تستند إلى مراحل وتستغرق من 4 إلى 7 سنوات اعتمادا على التدفق الطبيعي للمياه في سد النهضة، كما اقترحت اتخاذ تدابير التخفيف في حالات الجفاف أو الجفاف الممتد أثناء ملء وتشغيل السد.
وأشار إلى أن هذا المقترح يسمح بمنع حدوث أضرار جسيمة على بلدان المصب وأخذت في الاعتبار مقترحات مصر والسودان، ومع ذلك، فإن إصرار الجانب المصري على قبول اقتراحه بالكامل أدى إلى عدم الوصول إلى اتفاق بشأن القضايا العالقة.
وتابع أن المقترح المصري الذي قدم في المفاوضات اقترح فترة ملء السد ما بين 12 - 21 عاما وهو ما يلزم إثيوبيا بتعويض "العجز التراكمي" عن المياه التي تستخدمها لملء السد.
ومع ذلك، بالنظر إلى أن إثيوبيا تطبق استراتيجيات تخفيف الجفاف في جميع مراحل التعبئة، فإن مفهوم "العجز التراكمي" غير موجود.
وذكر البيان أن المقترح المصري يفترض أيضا التدفق الطبيعي لنهر النيل الأزرق، وهو مبدأ غير متعاون ويحرم إثيوبيا من حقها العادل والسيادي في استخدام مواردها الطبيعية.
وأوضح البيان الإثيوبي أن استخدام مياه النيل مسألة بقاء لإثيوبيا، فسوف تواصل جهودها للحفاظ على حقوقها في استخدام المياه لتلبية احتياجات أجيالها الحالية والمستقبلية.
ورفض البيان أي محاولة مباشرة أو غير مباشرة لجعل أديس أبابا تقبل "معاهدات" غير عادلة وغير منصفة أو غيرها من "المعاهدات" التي ليست طرفا فيها وتخصص صفرا من المياه من مساهمتها البالغة 77 مليار متر مكعب.
وبخصوص علاقاتها مع مصر والسودان، قالت الخارجية الإثيوبية إن إثيوبيا ستواصل جهودها على أساس الأخوة وحسن النية والتعاون لجعل سد النهضة مثالاً للتعاون والتنمية المتكاملة.
ولفت البيان إلى أن إثيوبيا تعتقد أن جميع المسائل المتعلقة بملء وتشغيل السد تمت مناقشتها بشكل كاف بناء على الأدلة العلمية وترى أن الاجتماعات الفنية الوزارية أظهرت الفرصة الفعلية للتوصل إلى اتفاق بين البلدان نفسها إذا تصرفت جميع البلدان بحسن نية وروح تعاون.
وكانت أعمال الجولة الرابعة لمفاوضات سد النهضة الإثيوبي اختتمت، الخميس، دون التوصل إلى اتفاق نهائي بشأن قواعد ملء السد وتشغيله ومواجهة الجفاف.
وبدأت الاجتماعات الأربعاء وناقشت سبل ملء وتشغيل سد النهضة الإثيوبي والتي مثّلت عقبة في توصل الدول الـ3 إلى اتفاق نهائي.
ومن المقرر أن تجتمع الدول الـ3 بواشنطن يوم 15 يناير/كانون الثاني الجاري، لتقييم مباحثات الاجتماعات الـ4.
وجاءت اجتماعات أديس أبابا، التي اختتمت الخميس في ضوء ما تم التوصل إليه خلال اجتماع وزراء خارجية الدول الـ3 في العاصمة الأمريكية واشنطن في يوم 6 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
aXA6IDE4LjE4OC4yMDUuOTUg جزيرة ام اند امز