الطاقة المتجددة في 2025.. حصاد مثمر حول العالم
نما قطاع الطاقة المتجددة بصورة غير مسبوقة في 2025.
شهد العام 2025 نموًا ملحوظًا ومتزايدًا في الاستثمارات العالمية للطاقة المتجددة، وذلك على الرغم من التحديات الاقتصادية والسياسية والحروب والنزاعات التي حصلت خلال العام؛ وحققت الاستثمارات في الطاقة المتجددة مستويات قياسية؛ وازداد الطلب على الطاقة الشمسية وطاقة الرياح. وساهم هذا الإقبال على مصادر الطاقة المتجددة في دعم الكثير من الفئات السكانية والمشاريع الصغيرة، وكذلك في خفض الانبعاثات الدفيئة المسببة لتفاقم أزمة المناخ.
نمو عالمي غير مسبوق
خلال النصف الأول من العام 2025، زاد معدل نمو إنتاج الطاقة الشمسية بنحو 31%، وهو ما يُعادل 306 تيراواط/الساعة، بينما زاد معدل نمو إنتاج طاقة الرياح بنحو 7.7%؛ أي 97 تيراواط/الساعة. وقد ساهم هذا النمو في رفع حصة الطاقة الشمسية في مزيج الطاقة الكهربائية العالمي من 6.9% إلى 8.8%. من جانب آخر، أدى هذا الارتفاع غير المسبوق في نمو الطاقة الشمسية وطاقة الرياح إلى تجاوز بعض مصادر الطاقة الأخرى مثل الفحم لأول مرة.
ويبدو أنّ هذا النمو كان مقترنًا بتطوير تقنيات جديدة في الطاقة المتجددة. وفي هذا الصدد، يشرح الدكتور "جواد الخراز"، منسق مبادرة تيراميد لـ"العين الإخبارية" التطورات الحاصلة في قطاع الطاقة المتجددة؛ قائلًا: "ركز التقدم في تقنيات الطاقة المتجددة هذا العام بصورة كبيرة على تحسين كفاءة التقنيات القائمة وتوسيع نطاق تطبيقها، بهدف تعزيز الإنتاج الضخم وخفض التكلفة؛ خاصة الصين التي تنتج 80% من الخلايا الشمسية و70% من توربينات الرياح عالميًا".
وهناك العديد من التقنيات الواعدة في هذا المجال، يذكر منها الخراز: الخلايا الشمسية التكميلية، والتي تعمل على زيادة كفاءة الخلايا الشمسية التقليدية عبر امتصاص طيف أوسع من الضوء، وتوربينات الرياح العائمة، وتقنيات تخزين الطاقة المتقدمة، والنظم اللامركزية.
خفض الانبعاثات
ويجدر بالذكر أنّ الطلب العالمي على الكهرباء قد ارتفع بنسبة 2.6% خلال النصف الأول من 2025. وقابل ذلك انخفاض طفيف في الانبعاثات بمقدار 12 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون. ويعود هذا إلى أنّ الدول الأعلى انبعاثًا للغازات الدفيئة مثل الولايات المتحدة الأمريكية والصين والهند قد نما فيها توليد الطاقة النظيفة؛ ما أحدث فرقًا ملحوظًا.
من جانبه، يرى الخراز أنّه "مع تبني مزيد من الدول للطاقة الشمسية وطاقة الرياح كخيار اقتصادي، يتسارع التحول العالمي من الوقود الأحفوري". ويتابع: "بناءً على بيانات مؤسسة "إمبر"؛ يُقدَّر أن مشاريع الطاقة المتجددة الجديدة في دول المتوسط تفادت ما بين 80 إلى 110 مليون طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون في 2025".
انخفاض التكلفة
شهد العام 2025 انخفاضًا تاريخيًا في أسعار تقنيات طاقة الرياح والطاقة الشمسية والبطاريات، وهذا عزز من انتشارها واستفادة شريحة واسعة من السكان منها، وصارت في المتناول مقارنة بالسنوات السابقة، ويرجع هذا إلى "التوسع الهائل في التصنيع والمنافسة المحلية في الصين، والذي أدى إلى وفورات غير مسبوقة في التكاليف"، بحسب الخراز.
زيادة الاستثمارات
وفقًا لـ"بلومبرغ"؛ فقد وصل الاستثمار العالمي في مشاريع الطاقة المتجددة مستوى قدره 386 مليار دولار في النصف الأول من 2025؛ وهذا ارتفاع بنسبة 10% مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق. وارتفع الاستثمار الأمريكي بنسبة 36% خلال النصف الأول من العام مقارنة بالنصف الثاني من العام السابق، بينما ارتفع الاستثمار في الطاقة المتجددة بدول الاتحاد الأوربي بنسبة 63%. وبلغ الاستثمار العالمي في الطاقة الشمسية خلال النصف الأول من العام 2025 نحو 252 مليار دولار، بينما وصل إلى 126 مليار دولار في طاقة الرياح. ومن المرجح أنّ هذا الفرق في استثمارات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح يرجع إلى استحواذ مشاريع الطاقة الشمسية الصغيرة على معظم التمويل المتاح خلال تلك الفترة الزمنية.
ويوضح الدكتور "جواد الخراز" في حواره مع "العين الإخبارية" أنّه "لم يعد الدافع الوحيد لتلك الاستثمارات هو السياسات الخضراء، بل المنافسة الاقتصادية الصارمة؛ حيث أصبحت تكلفة الكهرباء من المصادر الجديدة في معظم الأسواق أقل من تكلفتها من محطات الفحم والغاز الجديدة".
في مؤتمرات المناخ
شهد العام 2025 حدثين رئيسيين في محادثات المناخ، وهما: قمة أفريقيا الثانية للمناخ (ACS2)، ومؤتمر الأطراف المعني بتغير المناخ في دورته الثلاثين (COP30)، وكانت الطاقة المتجددة من أبرز الموضوعات المطروحة على أجندة كل منهما:
1- قمة أفريقيا الثانية للمناخ (ACS2)
وقد انعقدت في أديس أبابا في إثيوبيا في الفترة ما بين 8 إلى 10 سبتمبر/أيلول 2025، وأظفرت نتائجها الرئيسية عن تسريع التحول الأخضر في أفريقيا، ودعوات لزيادة الاستثمارات العالمية في الطاقة المتجددة في أفريقيا (من 2% إلى 20% بحلول عام 2030)؛ خاصة وأنّ أفريقيا تتمتع بموارد طبيعية مذهلة لدعم مشاريع الطاقة المتجددة.
2- في COP30
دارت الكثير من المناقشات في كواليس COP30 في بيليم؛ لتعزيز "تعهد مضاعفة الطاقة المتجددة 3 مرات بحلول 2030"، والذي أُطلق في COP28 في إكسبو دبي، كما أُطلقت بعض المبادرات مثل مسرع التنفيذ العالمي للطاقة المتجددة وتعهدات مثل تعهد بيليم لمضاعفة الوقود المستدام 4 مرات بحلول 2035، كل تلك المحاولات لدعم الانتقال التدريجي بعيدًا عن الوقود الأحفوري من أجل الحد من الارتفاع في درجات الحرارة عند 1.5 درجة مئوية بحسب اتفاق باريس.
حقق قطاع الطاقة المتجددة تقدمًا ملحوظًا خلال العام 2025. مع ذلك، ما زال هناك طريقًا طويلًا لتحقيق الانتقال العادل، وإنتاجها بكميات تكفي السكان حول العالم.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTAzIA==
جزيرة ام اند امز