الإمام المجدد.. علماء يحددون الشروط وظروف الظهور (خاص)
شهدت الأوساط الفقهية نقاشاً واسعاً حول دعوة الداعية الإسلامي السعودي صالح المغامسي لـ"إقامة مذهب إسلامي جديد".
اختلف العلماء حول الدعوة، لكن بعضهم ألمح إلى حديث "إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها". ورأى هؤلاء ضرورة البحث عن "الإمام المجدد" وعدم الانشغال بالمذاهب.
"الإمام المجدد" فكرة ثابتة لدى جميع المذاهب الإسلامية، التي تقر بصحة الحديث النبوي، لكنها تختلف على تسمية أشخاص المجددين.
"العين الإخبارية" تواصلت مع عدد من العلماء ذوي الصلة بقضية "الإمام المجدد"، والذين لديهم أبحاث ومقالات وكتب تعرضت لهذه القضية، وسألتهم عن رؤيتهم فيما يخص هذه المسألة.
شروط ثلاثة حاكمة
يقول الدكتور عبدالحليم العزمي، الأمين العام والمتحدث الرسمي للاتحاد العالمي للطرق الصوفية، إن هناك شروطاً حاكمة في الإمام المجدد، لا بد أن تتحقق حتى نقول إنه مجدد هذا العصر، أو أي من العصور السابقة، فـ"المجدد أشبه الناس برسول الله خُلقًا وأدبًا، وأعلم الناس بهديه وسنته أدبًا ومعاملة".
يضيف العزمي لـ"العين الإخبارية" أن أول هذه الشروط أن يكون المجدد أعلم أهل زمانه، ويتحقق ذلك بأن تجتمع معه علوم الرسالة الخمسة التي لن تجتمع مع أحد غيره من علماء عصره.
ويوضح العزمي أن هذه العلوم أوضحها الله تعالى في قوله: "كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِّنكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ" [البقرة: 151]، معلقًا: "من هذه الآية يتبين أن العلوم الخمسة هي: علم تلاوة الآيات، وعلم تزكية النفوس، وعلم الكتاب، وعلم الحكمة، والعلم اللدني".
وأما عن الشرط الثاني فيقول العزمي إنه لا بد أن يكون الإمام من أهل بيت النبي الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، حتى يضمن المسلمون أن يكون صادقا أمينا في نقل المنهج النبوي لأهل عصره.
وعن الشرط الثالث، يوضح العزمي ضرورة أن يكون لديه كمال في الخَلق والخُلق، بعني ألا يكون هناك عيب في خَلقه يشغل الناس عن علمه، وأن يكون لديه سعة في الأخلاق ليستوعب الجميع، حتى المعاندين والمعارضين، حتى يقنعهم ويهديهم للحق.
لكل عصر علاج
وقال الداعية الإسلامي طلعت مسلم إن "الإمامة مثل النبوة من المناصب الإلهية التي تحتاج الإقامة من الله، وليست الإمامة بالاختيار أو الانتخاب من الناس، فليس لهم إذا شاءوا أن ينصبوا أحدا نصبوه، وإذا شاءوا أن يعينوا إمامًا لهم عينوه، ومتى شاءوا أن يتركوا تعيينه تركوه".
واتفق مسلم لـ"العين الإخبارية" مع العزمي في الشروط الثلاثة، وقال إنه لا يطلق على أي أحد أنه إمام مجدد إلا إذا توافرت فيه هذه الشروط.
وعن سبب عدم اتفاق المسلمين على اسم بعينه في كل عصر كإمام مجدد، يقول مسلم: "الأزمة أن الناس تبحث عن إمام يوافق أهواءهم، فكل جماعة يتفق هواها مع شخص يقولون هذا هو المجدد دون التيقن من تحقق الشروط".
ويؤكد مسلم أن المسلمين لو علموا الإمام المجدد الحقيقي لعصرهم لتغيرت حياتهم للأفضل، لأنه معه مفاتيح الحلول لأمراض وأزمات العصر، مضيفا "لكل عصر أمراض، ولكل عصر علاجات، هذه العلاجات مع الإمام المجدد، ومن يستعين بعلاجات العصور السابقة ويستخدمها الآن كمن يستخدم دواء منتهي الصلاحية، فعلينا البحث عن المجدد وتجديد خطابنا الديني بعلومه ومعارفه".
قضية قديمة متجددة
ويقول الداعية الإسلامي السيد شبل إن قضية الإمام المجدد قضية قديمة متجددة في كل العصور، مؤكدًا كلام مسلم أن الإمام اختيار إلهي، كدأب الله في اختيار الرسل والأنبياء.
وأكد شبل لـ"العين الإخبارية" أن قضية التجديد في كل عصر تصطدم بالطائفية والمذهبية والأهواء، وكما رفض إبليس وجود آدم "مجدد عصره"، ورفض الكفار الأنبياء الذين جاؤوهم بالتجديد وتمسكوا بما وجدوا عليه آباءهم، فإن الناس ترفض الأفكار التجديدية التي يأتي بها المجددون.
وأضاف شبل أن خيرية الأمة تتحقق بنصائح وتعاليم الإمام المجدد، لأن الإمام المجدد يسير على منهج النبوة، فيحيي ما اندثر من علوم السلف الصالح، ويكون أعلم أهل زمانه، وله منهج علمي وآثار علمية واضحة، حتى لا يدعي التجديد أي شخص آخر ليس أهلاً له.
وتابع: "لعظم مقام الإمام المجدد في الأمم ادعاها الكثير وأهداها البعض لمن هو ليس لها أهلا، ولذلك تأتي أهمية الشروط حتى لا يدعيها من ليس أهلا لها".
ويختم شبل الحكمة من وجود إمام مجدد بقوله: "المنهج الإلهي كان يُحفظ في الأمم السابقة بميراث النبي لنبي، مثل وراثة النبي يعقوب للنبي إسحاق، والنبي سليمان للنبي داود، ولأن رسول الله كان خاتم الأنبياء والمرسلين فإن الله يحفظ المنهج الإلهي ببعثه إماما مجددا في كل عصر".
aXA6IDMuMTM5LjIzOS4xNTcg جزيرة ام اند امز