سيناريوهات محتملة.. ماذا يحدث داخل "الإخوان"؟
أكد مركز بحثي مصري أن تنظيم الإخوان الإرهابي يعاني في الوقت الراهن من جملة تحديات هيكلية تعصف بقواعده التنظيمية والسياسية.
وتحت عنوان "ماذا يحدث داخل تنظيم الإخوان؟"، استعرضت ورقة بحثية للباحثة في وحدة الإرهاب بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية بالقاهرة تقى النجار، ملامح المشهد المتشابك داخل الجماعة، وسيناريوهاته المستقبلية.
وخلصت الدراسة إلى أن تنظيم الإخوان يمر بأزمات متعددة وتحديات مركبة على صعيد البنية التنظيمية، وتراجع الجاذبية الأيديولوجية، وفقدان الحاضنة الشعبية.
وقالت الباحثة تقى النجار، في حديث خاص لـ"العين الإخبارية" إن "أكثر الأزمات حدة داخل التنظيم تتعلق بالصراع السياسي بين أجنحته والتي تعصف بتماسكه التنظيمي وهياكله المؤسسية".
وأشارت إلى أن خطورة تلك الصراعات تكمن في خروج كيانات جديدة من رحم التنظيم تعمل على اختراق المجتمعات وتقدم نفسها بصورة غير حقيقية مفادها الاعتدال واعتماد العمل السياسي البعيد عن التطرف والإرهاب.
صراع جيلي
فيما ذكرت ورقتها البحثية أن ثمة محددات حاكمة لوضع تنظيم الإخوان في التوقيت الراهن، يتعلق بعضها بمحددات داخلية، ويرتبط البعض الآخر بأوضاع خارجية.
وأوضحت الورقة: "بدا واضحا أن هناك أزمة قيادة داخل التنظيم نتيجة لعدم وجود شخصية توافقية متفق عليها من قبل الجميع"، مضيفة "برغم تنصيب إبراهيم منير قائمًا بأعمال المرشد العام في الوقت الحالي، إلا أن التنظيم يعاني حالة من عدم التوافق على شخصية قائده، منذ إعلان القبض على “محمود عزت” القائم بأعمال المرشد العام بمصر في أغسطس/ آب 2020"
كما يشهد تنظيم الإخوان حالة من الصراع الجيلي، وفق الباحثة التي أوضحت "تسبب الاختلاف التنظيمي حول أولويات العمل وإدارة الأزمة السياسية في تحجيم دور الشباب بالتنظيم، خوفًا من أي تطور يفقد القيادات السيطرة على التنظيم في ظل التوازنات السياسية التي تحكم مسار التنظيم مع الدول المستضيفة لها بالخارج".
وأكدت "النجار" تصاعد حالة انعدام الثقة داخل التنظيم، قائلة: "هناك حالة من الاتهامات المتبادلة بين الجبهتين، إذ تتهم جبهة منير، جبهة الأمين العام السابق محمود حسين بالتورط في مخالفات مالية وإدارية، وتسجيلها لعقارات وممتلكات وأموال خاصة بالتنظيم بأسماء أعضائها. بينما تتهم جبهة حسين الأولى بالرغبة في السيطرة على مقاليد الحكم واستبعاد كل من يختلف معها".
انهيار حاد
كما يعاني تنظيم الإخوان من تراجع التأثير داخل المجتمعات التي شهدت صعوده، وظهر ذلك بشكل واضح مع سقوط حكم الجماعة في مصر في أعقاب ثورة 30 يونيو/ حزيران 2013، وتقويض نفوذ حركة النهضة في تونس نتيجة لفقدانها حاضنتها الشعبية بفعل ممارساتها الإقصائية.
كما ظهر في الخسارة المدوية التي مُني بها حزب العدالة والتنمية الإخواني في المغرب بعدما حصد 12 مقعدًا في الانتخابات التشريعية مقارنة بـ125 مقعدًا في انتخابات عام 2016، ناهيك عن المصير المحتمل الذي ينتظره “إخوان” ليبيا وسط حالة الانقسام الداخلي والرفض الشعبي لهم، وفق ورقة النجار البحثية.
ونوهت الباحثة في ورقتها إلى أن تنظيم الإخوان يواجه تضييقا أوروبيا بعد أن شرعت العديد من الدول الأوروبية في مراجعة مواقفها السياسية المتعلقة به، وتطورت تلك المواقف من مرحلة المراقبة للتنظيم ومطالبته بنبذ التطرف، إلى مرحلة مناقشة حظره وتصنيفه كمنظمة إرهابية، وذلك بعد أن انكشفت ازدواجيته الأخلاقية، واستغلاله الديمقراطية الأوروبية لتنفيذ أجندته داخل أوروبا وخارجها لتحقيق أهدافه سياسية.
٣ سيناريوهات
وتطرقت الباحثة تقى النجار إلى 3 سيناريوهات محتملة للأزمة الحالية داخل تنظيم الإخوان، المتمثلة في الصراع بين جبهتي منير وحسين.
ويتمثل السيناريو الأول: احتمالية استقرار الأوضاع لصالح إبراهيم منير، ولا سيما مع تجديد مجلس الشورى العام لجماعة الإخوان المسلمين المصريين بالخارج ،البيعة له كقائم بأعمال المرشد، واعتبار ما نشر على منصات “الإخوان” الدعائية مغايرًا للحقيقة، ناهيك عن اعتراض عدد من قيادات التنظيم على ما حدث من قبل جبهة حسين.
ورأت في هذا الصدد أن هناك حاجة من قبل التنظيم إلى توحيد صفوفه الداخلية والالتفاف حول قيادة حتى لو كانت شكلية بهدف تجاوز التحديات الهيكلية التي يتعرض لها مؤخرًا، سواء على صعيد الصراع الجيلي، أو على صعيد انعدام الثقة، أو على صعيد تراجع التأثير.
السيناريو الثاني، وفقا للنجار، مرتبط بالسيناريو الأول، ويُشير إلى احتمالية أن يشهد التنظيم حالة من الانشقاق في أعقاب الصراع الدائر بين الجبهتين، ممثلة في انشاق جبهة حسين خاصة مع إعلان عدد من قيادات الإخوان دعمها لقرارات منير الأخيرة، وبالتالي بروز كيانات جديدة تحمل أسماء مختلفة.
ويحمل السيناريو الثالث احتمالية الإطاحة بمنير سواء عبر نجاح جبهة حسين في تشكيل تيار كبير داعم لها يقوم بعزله أو عبر تعرضه للتصفية الجسدية، لاسيما وأنه طلب من قيادات التنظيم الدولي تكثيف تأمينه وزيادة أفراد حراسته الشخصية وحراسة منزله خشية تصفيته في أعقاب قراراته الأخيرة، بعد أن وصلته معلومات تؤكد وجود خطر يهدد حياته في ظل صراعه القوي مع مجموعة "إسطنبول"، وفق النجار.
وإثر الصراعات التي تضرب تنظيم الإخوان، لم تستبعد الورقة البحثية خروج كيانات جديدة من رحم التنظيم تعمل على اختراق المجتمعات، وتقدم نفسها بصورة غير حقيقية مفادها الاعتدال واعتماد العمل السياسي البعيد عن التطرف والإرهاب.