إذا كانت الاستقامة المالية والإدارية مستحيلة، فالاستقالة الآن ممكنة بل واجبة
في صلاة الجماعة بالمسجد يهتف الإمام ناصحاً المصلين: "استقيموا يرحمكم الله"، وفي حياتنا السياسية المعاصرة وفي ظل عالم عربي مليء بالمطالب والمظالم والأوجاع الاجتماعية لملايين الكادحين المهمَّشين المحرومين، نقول لبعض أصحاب السلطات: "استقيلوا يرحمكم الله".
إذا كانت الاستقامة المالية والإدارية مستحيلة، فالاستقالة الآن ممكنة بل واجبة.
من النادر في هذا الزمن الصعب أن نجد مسؤولاً يختار - طواعية - احتراماً منه لنفسه أو تكفيراً عن أخطائه وخطاياه أن يتقدم بالاستقالة من المنصب العام تاركاً الفرصة لمن هو أكثر كفاءة ونزاهة لخدمة الناس.
لا أحد يستقيل في عالمنا العربي إلا مرغماً أو مُقالاً من قِبل سلطة أعلى أو تحت ضغط شعبي جماهيري يهتف مطالباً بسقوطه.
المأساة الكبرى أن شعوباً بأكملها تدفع ثمناً باهظاً من الانهيار الاقتصادي والحروب الأهلية الدموية، أو تتعرض للغزو الخارجي، بسبب إصرار سلطة مستبدة ترفض أن تترك مقاعدها مهما كان الثمن.
بعض الساسة يشعرون، بل يؤمنون إيماناً مطلقاً بأن المنصب العام هو إرث خاص لا يتركونه إلا إذا غلبهم ملك الموت، أي من مقعد المنصب إلى القبر!
يجب أن يدرك المسؤول الذي يتولى أي منصب عام أن هذا المنصب هو خدمة عامة، وأنه حينما يتلقَّى راتبه ويحصل على امتيازاته المختلفة فهو في الحقيقة يتقاضاها من مال الشعب.
إذا أدرك الموظف العام أن صاحب عمله هو الناس، وأنه يعمل لدى "مالك وحيد" هو الشعب، فإن أسلوب تعامل بعض المسؤولين سوف يتغير بشكل جذري.
وعلى هؤلاء أن يدركوا أنهم لا يمنّون على المواطنين حينما يحققون مطالبهم، لأن مطالب الجماهير هي في الحقيقة حقوق واجبة.
المأساة الكبرى أن شعوباً بأكملها تدفع ثمناً باهظاً من الانهيار الاقتصادي والحروب الأهلية الدموية أو تتعرض للغزو الخارجي، بسبب إصرار سلطة مستبدة ترفض أن تترك مقاعدها مهما كان الثمن.
حينما تصبح مصلحة المسؤول الشخصية الذاتية أكبر من مصلحة ملايين المواطنين، تصبح حالة العباد والبلاد متفجرة لا محالة.
باختصار.. إذا لم يستطِع المسؤول التحلي بالاستقامة، فليكن خيار الحد الأدنى هو الاستقالة!
نقلاً عن "الوطن المصرية"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة