على خط المواجهة مع داعش تمدد نفوذ حزب الله الإرهابي، سياسياً وعسكرياً، ليجعل من المهمة الصعبة لمكافحته أمراً يكاد يكون مستحيلاً
شكلت التطورات الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط في العقد الأخير خريطة توازنات وصراع نفوذ وفراغات سياسية ودول فاشلة، كأثرٍ رئيسي للفوضى الخلاقة الناتجة عن "الربيع العربي"، تلك الظروف التي عززت حضور المنظمات الإرهابية وتدخلات دولٍ ذات أطماع أيديولوجية، وصعود الخطابات الإسلامية التي تسلقت على كتف الفقراء وما قابلها من خطابات شعبوية ذات نفس عنصري ورؤية طبقية.
وفي حين تشتت الجهود لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من هذا الخراب، ظهر لنا سرطان أسود باسم داعش، هذا السرطان الذي تم اجتثاثه ميدانياً من آخر معاقله في الباغوز، إلا أن الحرب ضده لم تنتهِ بعد، فلربما يعود في مكان آخر وبشكل آخر كحال الأورام الخبيثة التي يجب تلقيح شبابنا المسلم فكرياً ضد هذه الأفكار المسمومة.
وعلى خط المواجهة مع داعش تمدد نفوذ حزب الله الإرهابي، سياسياً وعسكرياً، ليجعل من المهمة الصعبة لمكافحته أمراً يكاد يكون مستحيلاً، فالحزب بسط نفوذه على الأراضي السورية فضلاً عن ضاحيته الجنوبية وسياسياً، كما يشكل الحزب وحلفاؤه عصب النخبة السياسية في لبنان المُختطف.
أما من الناحية الاجتماعية فهو مسيطر على عقول وقلوب أتباعه باستخدامه لأيديولوجيا الولي الفقيه المستوردة من إيران وخطابات ملغمة بالنفس الطائفي حتى وإن حاول حسن نصر الله ونوابه تغليفها بشعارات أخرى وبالخدمات الاجتماعية والصحية التي يقدمها لأتباعه.
ولإسقاط حزب الله وجب على المجتمع الدولي الضغط على شرعية المكون السياسي للحزب وعدم الاكتفاء بالجناح العسكري، ويكون ذلك برفض التعامل مع الحزب وحلفائه وعدم استقبال وزرائه، وتعميم عملية إدراج الجناح السياسي للحزب في قائمة الإرهاب، كما يجب دعم حكومة سعد الحريري
ولرسم استراتيجيات فاعلة - وليست استراتيجية واحدة - لمكافحة تنظيم حزب الله الإرهابي المصنف على قوائم الإرهاب لعديد من الدول العربية والأجنبية آخرها بريطانيا، فيجب الاعتراف أولاً وعدم إنكار مدى التطور التنظيمي الذي بلغه منذ نشأته مطلع الثمانينيات وحتى الآن، وذلك يتطلب الرجوع إلى الأرشيف السياسي والعسكري لحزب الله ومراقبة أساليب عمله وتكتيكاته العسكرية ونوعية تسليحه ودرجة انضباط جناحه العسكري الذي ولد من رحم الحرس الثوري الإيراني.
ولإسقاط حزب الله وجب على المجتمع الدولي الضغط على شرعية المكون السياسي للحزب أيضاً، ويكون ذلك برفض التعامل مع الحزب وحلفائه وعدم استقبال وزرائه، وتعميم عملية إدراج الجناح السياسي للحزب في قائمة الإرهاب.
كما يجب دعم حكومة سعد الحريري وإنشاء مبادرات تحسن من جودة الخدمات التي تقدمها الحكومة اللبنانية للمواطن اللبناني كي لا يرى من مؤسسات حزب الله بديلاً لما يحتاجه في حياته اليومية.
وعلى الصعيد الاقتصادي: فيحب تفكيك شبكات التمويل المحلية والدولية وتجميد أرصدتها والوصول إلى شبكات التهريب والجريمة المنظمة ومصانع المخدرات التي يديرها الحزب والتي تقدم له الملايين من الأموال سنوياً، وذلك بالتوازي مع العقوبات الاقتصادية على إيران، الشريان الرئيسي لمرتبات عناصر الحزب والخدمات الاجتماعية التي يقدمها، والتي أثبتت نجاحاً محدوداً في ظل التكاليف الباهظة للحزب في مشاركته العسكرية في سوريا.
وبالحديث عن سوريا، فإن الضربات العسكرية التي تتلقاها أرتال وذخائر حزب الله والقوات الإيرانية تصيبهم في مقتل، ومع عدم إهمال القوة الناعمة التي يبنيها حزب الله في سوريا، فإن أي اتفاق سياسي يضمن إقصاء إيران وحزب الله من سوريا يعني ضربة موجعة لأحلام وطموحات هذا الحزب.
وبالأخير يجب التسليط الإعلامي على الابتزاز السياسي الذي يمارسه حزب الله في لبنان ونشرها وتقديمها للعالم، فالساحات الأجنبية مليئة بالمواقع الإيرانية والمواقع التابعة لحزب الله، والتي تبث الأكاذيب بمختلف اللغات وبدرجة عالية من الاحترافية والإخراج.
وأبسط الطرق وأكثرها فاعلية لمواجهة هذه الدعاية هو تقديم ترجمة لبرنامج DNA للإعلامي اللبناني نديم قطيش وفريق عمله البارع إلى مختلف اللغات الرئيسية ليعرف العالم الجرائم والتناقضات والمكائد التي يمارسها حزب الله.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة