تقترب المنطقة من انطلاقة جديدة للعلاقات ما بين الولايات المتحدة ودول الاعتدال العربي المحورية.
وستسعى واشنطن خلال زيارة الرئيس جو بايدن لمنطقة الشرق الأوسط، والتي تتضمن إسرائيل والسعودية، إلى ترميم العلاقات مع الدول المؤثرة في المنطقة.
وستسعى واشنطن أيضًا إلى إقناع الدول المنتجة للنفط والغاز إلى زيادة إنتاجها، ما سيشكل ضغطا على إيران، التي استفادت من تباعد الإدارة الأمريكية في عهد "بايدن" عن العرب خلال الفترة الماضية.
سيشكل التقارب الأمريكي-العربي تحديات عدة لإيران، وعلى رأسها إضعاف شوكة المليشيات الإرهابية، التابعة للحرس الثوري الإيراني، ما سيؤثر على الوجود الإيراني في العراق وسوريا ولبنان واليمن، كما سيضعف اللوبي الإيراني في واشنطن، والذي نشط بسبب فتور العلاقات بين واشنطن ودول الاعتدال العربي، وعلى رأسها السعودية والإمارات.
وعليه، ستشكل الاستدارة الأمريكية للتعاون من جديد مع حلفائها التاريخيين في المنطقة ضررًا كبيرًا على الاستراتيجية الإيرانية التي استفادت من مرحلة البرود.
إعادة العلاقات الأمريكية-العربية إلى مسارها الطبيعي ستفتح الباب لتعاون اقتصادي وعسكري، قد تكون منها صفقات الأسلحة التي عُرقلت مع تولي الرئيس "بايدن" السلطة، ما سيضعف نفوذ إيران في المنطقة، وسيجبرها على إعادة النظر في استراتيجيتها الحالية، المبنية على مبدأ التصعيد والتدخل في شؤون المنطقة ككل.
لقد اختلفت استراتيجيات الولايات المتحدة في التعامل مع الاتفاق النووي، دون تحقيق نتائج ملموسة، أو أخذ مصالح الشركاء الإقليميين في المنطقة بعين الاعتبار لضمان الأمن والاستقرار، فمن جانب انسحب الرئيس السابق دونالد ترامب من الاتفاق واستخدم أسلوب الضغط على إيران، ومن جانب آخر أعاد الرئيس جو بايدن المفاوضات مع الجانب الإيراني، وكاد أن يتنازل عن ضمانات أمنية عدة، كان أبرزها إزالة الحرس الثوري من قائمة الإرهاب الأمريكية، لولا الرفض الإقليمي والاعتراض الداخلي من الجمهوريين والديمقراطيين في الكونجرس.
من المتوقع أن تحاول إيران عرقلة التقارب الأمريكي-العربي، وذلك عبر شغل إدارة "بايدن" بالملفات الداخلية من خلال اللوبي الإيراني واستغلال الإعلام المعادي لدول الاعتدال العربي، كما قد تحرك أدواتها في المنطقة لإلهاء واشنطن في ملفات أمنية في العراق، أو التصعيد ما بين "حزب الله" الإرهابي وإسرائيل حول الحدود البحرية.
من جهة أخرى، تتسم جهود إحياء الاتفاق النووي بالضبابية، ما قد يُستغل من قِبل إيران للاستمرار في تخصيب اليورانيوم فوق الحد المسموح، ويبدو أن الإدارة الأمريكية حاولت العودة للاتفاق النووي، ولكنها اصطدمت بإصرار إيراني على الخروج باتفاق فني دون تقديم ضمانات أمنية.
وعليه، تحاول واشنطن الإبقاء على أقل تقدير من المناخ الضبابي، واحتواء الموقف مع الحفاظ على التهدئة في المنطقة، والعمل على مبدأ خفض التصعيد، في الوقت الذي برزت فيه سياسة "الواقعية العربية"، والتي عملت دبلوماسيا بشكل فعال لتشكيل تكتلات إقليمية لمواجهة تحديات المنطقة، ونجحت في إجبار واشنطن على تغيير منهجها مع حلفائها العرب، والتركيز على مد الجسور الدبلوماسية نحو مستقبل أفضل لشعوب المنطقة كافة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة