قيود وقمع وابتزاز.. حيل الحوثي تطوق عنق المنظمات الأممية الدولية
حيل حوثية تتزايد لتطويق عنق المنظمات الأممية الدولية التي باتت أمام موجة جديدة أكثر تطرفا من حملات القمع الممنهجة.
في أحدث ضرباتها للنشاط الإنساني، حظرت مليشيات الحوثي سفر جميع العاملين الأجانب في المنظمات الأممية والدولية الموجودة في صنعاء، وذلك بعد أيام فقط من منع هذه الوكالات من إجراء أي توظيف داخلي إلا بإذن مسبق منها بهدف السيطرة على جميع جوانب عملها.
وعلى مدى الأيام الماضية، أغلقت مليشيات الحوثي مكتب المفوضية السامية بصنعاء ومكتب الوكالة الألمانية للتعاون الدولي GIZ، كما اجتمعت مع موظفي المنظمات وناشطي المجتمع المدني بشكل منفصل في إب وصعدة والحديدة وحجة وريمة وصنعاء ورسمت لها "خطوطا حمراء" يمنع تجاوزها، منها عدم تنفيذ أي أنشطة أو مشاريع من دون رقابتها المباشرة.
وقال موظف في منظمة دولية بصنعاء لـ"العين الإخبارية" إن الجماعة المدعومة إيرانيا "أبلغت جميع موظفي الهيئات الأممية والمنظمات الدولية الأخرى في مناطق سيطرتها أنها ستعقد معها اجتماعًا موسعا (متوقع غدا الأربعاء) لمناقشة الجوانب الإغاثية والتوظيف والسفر وغيرها من قيود مشددة ستفرضها.
وتأتي تحركات مليشيات الحوثي المكثفة استباقا لحراك أممي ومنظمات دولية عبر قنوات دبلوماسية إقليمية للحصول على ضمانات أمنية لعاملي المجال الإنساني بمناطق الانقلاب وذلك خشية قمع المليشيات.
وكانت مليشيات الحوثي قد اعتقلت الشهرين الماضيين أكثر من 70 موظفا وموظفة في المنظمات الدولية والأممية التي تعمل بتصريح رسمي في شمال البلاد في إطار حملة قمع غير عادية على المجتمع المدني في اليمن.
وشكلت هذه الاختطافات بتهم التجسس والتخابر لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل والقمع والابتزاز والتضييق اعتداء غير مسبوق كَسَر الأعراف المجتمعية ومساحة المشاركة السياسية المعهودة في الثقافة اليمنية، وفقا لمراقبين.
تسخير للدعم الإنساني
وتعد الأفعال الحوثية بحق المنظمات الدولية والأممية والمجتمع المدني، انتهاكا صارخا للقوانين والمعاهدات الدولية، والتي من شأنها تعميق الأزمة الإنسانية في البلاد.
ووفقا لخبراء يمنيين فإن اعتداءات المليشيات ضد هذه المنظمات، تأتي في ظل سعي الحوثيين لتصميم هياكل المنظمات بما يتوافق مع مشروعها الطائفي، عبر إحلال عناصرهم فيها بدلًا عن الموظفين المعتقلين.
كما تستهدف مليشيات الحوثي السيطرة على كل جانب من جوانب العمل الإنساني ابتداء من "تحديد قوائم المستفيدين، وتوفير التصاريح لأي تحركات لموظفي منظمات الإغاثة، وتحديد الكيانات المحلية المؤهلة للعمل كمقاولين، أو شركاء تنفيذ محليين، أو طرف ثالث"، طبقا لذات المصدر.
ويسعى الحوثيون إلى اتخاذ وكالات الإغاثة أداة لتعزيز حرب الاستنزاف الاقتصادية ضد الحكومة اليمنية، بهدف مفاقمة الفقر المدقع الذي يصيب جميع مناطق البلاد.
وهو ما أكده وزير الإعلام اليمني معمر الأرياني بأن الهجمات الحوثية تستهدف الضغط على تلك المنظمات، وإحكام السيطرة عليها وتسخير أنشطتها لخدمة أهداف المليشيات عبر فرض أتباعها وقوائم المستفيدين من المساعدات الإنسانية، وتمويل أنشطتها الإجرامية.
وحث المسؤول اليمني المجتمع الدولي والأمم المتحدة، على مغادرة مربع الصمت تجاه الانتهاكات الحوثية واتخاذ إجراءات قوية ورادعة تتناسب مع الجرائم التي ترتكبها بحق هذه الوكالات الإنسانية.
حرف البوصلة الإغاثية
وتعمدت مليشيات الحوثي طيلة 10 أعوام ممارسة الاستقواء والابتزاز ضد الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، ونجحت في رهانها نظرًا لغض مسؤولي هذه الوكالات الطرف تماماً عن عواقب انتهاكات هذه الجماعة.
ووفقا لرئيس مؤسسة مسار للتنمية وحقوق الإنسان باليمن، ذي يزن السوائي، فإن الصمت الأممي ومكاتب هذه المنظمات فاقم تدخلات مليشيات الحوثي التي تعد "سلوكا غير مشروع وغير مقبول في أعمال المنظمات الأممية والإنسانية".
وقال السوائي خلال حديثه لـ"العين الإخبارية" إن الاعتداءات الحوثية لا تعوق قدرة المنظمات والوكالات على تقديم المساعدة الضرورية والإنسانية لأبناء الشعب اليمني وإنما حرف بوصلة العملية الإنسانية والتنموية برمتها لهذه الوكالات لصالح أهدافها العسكرية والطائفية.
وأكد السوائي، أن توظيف المعونات عسكريا يتعارض مع الأهداف العليا للمانحين الدوليين للبلاد ويشكل تهديدًا خطيرًا على مستقبل المنظمات الإنسانية ويعد انتهاكًا صارخًا وتدخلًا غير مشروع ويؤثر سلبًا على جودة الخدمات الإنسانية والإغاثية المقدمة للمواطنين.
ودعا الناشط اليمني المجتمع الدولي لتفعيل آليات الضغط الأقصى على الحوثيين وردع هذه الإجراءات بحق المنظمات الإنسانية واحترام مبادئ العمل الإنساني والسماح لهذه الوكالات بتقديم المساعدات الإنسانية دون أي قيود أو شروط تعسفية.
وكانت الحكومة اليمنية خاطبت مؤخرا الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن وحثت الأمم المتحدة للاضطلاع بدورها الإنساني في حماية العاملين اليمنيين فيها وبذل كل ما هو ممكن لإطلاق سراح المختطفين، ابتداء من "الإنذار بتعليق أعمال المنظمات في مناطق سيطرة المليشيات، والتدرج في ذلك في حالة عدم استجابة الميليشيات بالتعليق الكلي أو شبه الكلي".
كما طالبت بتدابير فعالة منها ضرورة "تعليق سفر منسق الشؤون الإنسانية وممثلي المنظمات الأممية والموظفين الرئيسيين إلى صنعاء" و"العمل على بدء نقل وظائف المنظمات الإدارية والفنية الرئيسية إلى عدن لتخفيف ضغط المليشيات على المنظمات الأممية".