بمقتل الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح على يد الحوثيين، فقدت الساحة السياسية اليمنية لاعباً سياسياً أساسياً من لاعبيها الكبار.
بمقتل الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح على يد «الحوثيين»، فَقَدَت الساحة السياسية اليمنية لاعباً سياسياً أساسياً من لاعبيها الكبار رغم عزله من السلطة على يد الجماهير اليمنية، ويكون حزب «الإصلاح» اليمني، الذي هو جزء من تجمع أكبر بنفس المسمى، قد فَقَدَ حليفاً سياسياً مهماً، ربما يجعله أكثر قابلية وميلاً إلى التحالف مع الشرعية في اليمن، والعودة إلى الخط السياسي القويم إذا كان قادته يرغبون فعلاً في العودة إلى جادة الصواب لإنقاذ اليمن مما هو فيه من دمار وحروب وويلات.
لكن حتى الآن الصورة لم تتضح بشكل جلي، رغم أن المعتقد أنه أقرب في المنشأ والأصول فكرياً وأيديولوجياً وعقيدياً، وربما أهدافاً ومسعى، إلى ما تنادي به الشرعية اليمنية، ممثلة حالياً في الرئيس عبدربه منصور هادي.
الآن وبرحيل صالح الأبدي، أصبح «الإصلاح» الذي تقوم شعاراته على أسس دينية سنية مكشوف الظهر أمام «الحوثيين» المرتبطين بعمق بإيران وشعاراتها القائمة على الاثنا عشرية وولاية الفقيه، لذلك فإن حظوظ «الإصلاح» من خلال بقائه كحزب تحت رحمة «الحوثيين» في السلطة أصبحت ضئيلة جداً
تجمع «الإصلاح» في اليمن تم تأسيسه في سبتمبر 1990، وتعود جذوره إلى المعارضة اليمنية التقليدية المحافظة، وقد أسهمت ثلاث قوى سياسية رئيسية في تأسيسه هي القوى القبلية ممثلة في الراحل عبدالله الأحمر شيخ مشايخ قبيلة «حاشد»، وحزب «الإخوان» تحت قيادة عبدالمجيد الزنداني وعبدالوهاب الأنسي وعبدالعزيز ياسين، وفئة من تجار اليمن ممثلين في شخص محمد عبدالوهاب الجباري، وتكمن أهمية «تجمع الإصلاح» في قياداته القوية ونفوذها في المجتمع، والتي كان من بينها عبدالله الأحمر قبل وفاته، حيث كان رئيساً للبرلمان اليمني.
كان «تجمع الإصلاح» قبل تطور الأحداث في اليمن وما آلت إليه حالياً يعتمد في نشاطه السياسي على الخطابة البليغة المليئة بالشعارات السياسية – الدينية، وقد انعكس ذلك بوضوح عند قيام الوحدة بين شطري اليمن، حيث عارض تلك الوحدة قائلاً بأنها كانت وحدة مع «الشيوعيين»، وبأن التوحد مع الحزب الاشتراكي الذي كان يحكم جنوب اليمن هو اتحاد غير إسلامي.
وفي ذلك السياق، وتحت شعارات دينية، قام «الإصلاح» بتنظيم حملات شعواء ضد دستور دولة الوحدة، وضد قانون التعليم وضد القوانين التي تمنع الأفراد المدنيين من حمل السلاح، رغم فشله الذريع في جميع تلك الحملات.
وبعد خلع علي عبدالله صالح من الحكم، استمر «الإصلاح» في تحالفه معه ومع «الحوثيين» ضد السلطة الشرعية التي قامت على أساس من المبادرات التي طرحتها دول مجلس التعاون الخليجي، رغم استمراره في رفع الشعارات القديمة نفسها التي لم تكن تتماشى مع السياسات التي كان ينتهجها علي عبدالله صالح في ممارساته أثناء حكمه لليمن، أو مع تلك التي مارسها الحوثيون بعد اغتصابهم الحكم من السلطة الشرعية بمساعدة ودعم من صالح، وربما أن برنامج الإصلاح السياسي ما زال يقوم على الشعارات التي تنادي بالإصلاح السياسي والمالي والإداري على أسس من تطبيق الشريعة ورفض الليبرالية، وعلى مبادئ الحرية وتقاسم السلطة والثروة بشكل متوازن وعادل كما يقول قادته، وبالإضافة إلى ذلك يطرح الإصلاح شعارات تنادي بالاستفادة القصوى من موارد البلاد الاقتصادية في صالح الشعب اليمني، وتبني سياسات اقتصادية تعتمد على الموارد المحلية وتشجيع الاستثمار الأجنبي ورأس المال الوطني والتخلي عن النظام البنكي الغربي وإحلال نظام مصرفي إسلامي عوضاً عنه، وإعادة تقييم النظام الضريبي، وتبني حرية التجارة ومحاربة الاحتكار وتطوير التعليم وفقاً لمبادئ إسلامية.
لكن الآن وبرحيل صالح الأبدي، أصبح «الإصلاح» الذي تقوم شعاراته على أسس دينية سنية مكشوف الظهر أمام «الحوثيين» المرتبطين بعمق بإيران وشعاراتها القائمة على الاثنا عشرية وولاية الفقيه، لذلك فإن حظوظ «الإصلاح» من خلال بقائه كحزب تحت رحمة «الحوثيين» في السلطة أصبحت ضئيلة جداً، وسمعتهم في الشارع السياسي اليمني في تراجع شديد لأسباب تعود أولاً إلى الإحباط الموجود في الشارع اليمني من ممارسات الأيديولوجيا الراديكالية من قبل «الحوثيين» و«الإصلاح» معاً، وثانياً ارتباط «الإصلاح» بالمغدور صالح لردح طويل من الزمن، وثالثاً أخطاء قادة «الإصلاح» السياسية المتكررة، هذه الأمور جعلت «الإصلاح» الآن فاقداً المصداقية، لكن لكي يستعيدها عليه اغتنام الفرصة الموجودة أمامه الآن، للعودة إلى حضن الشرعية والوقوف في وجه «الحوثيين» إلى جانبها، عوضاً عن التحالف مع «الحوثيين».
نقلا عن "الاتحاد"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة