الجداريات تخلّد بطولات شهداء الثورة في السودان (صور)
تعكس جداريات "شهداء الثورة" في العاصمة السودانية، الخرطوم، إبداعاً شبابياً فجّرته الأحداث الأخيرة.
وبعد أن كانت الجداريات علامة فارقة في مسيرة الثورة السودانية التي أنهت الحكم الإخواني الشمولي قبل 3 سنوات، عادت مرة أخرى مع الحراك الأخير الداعي للسلطة المدنية لتُنعش فن الجداريات بصورة لافتة.
وشهدت الأيام القليلة الماضية نشاطاً مكثفاً لمبادرة "جداريات الشهداء"، التي انطلقت قبل عامين، داخل الخرطوم وخارجها، إذ تفرغ فنانون تشكيليون لتخليد الذين سقطوا خلال الاحتجاجات الأخيرة بلوحات ورسومات على جدران منازلهم والأماكن العامة كالأنفاق والجسور.
وطالما جسّد التشكيليون برسوماتهم كفاح السودانيين ووقفتهم الصلبة ضد النظام السابق، فكان للفتيات "الكنداكات" وقوتهن والضحايا وأيقونات الثورة نصيب كبير في هذه الجداريات التي تزين أرجاء هذا البلد.
ويشير مثقفون إلى أن الثورة السودانية أسهمت في عودة الفن التشكيلي بالبلاد إلى الحياة بعد أن ظل حبيساً طوال ثلاثة عقود ماضية بفضل القمع الثقافي الذي مارسته السلطة السابقة.
وما يزال الوسط الثقافي السوداني يتذكّر واقعة قيام السلطات المحلية في الخرطوم بإزالة أشهر مركز للفن التشكيلي وهو "عزيز جاليري" لصاحبته التشكيلية والإعلامية إيثار عبدالعزيز والتي خاضت معارك قانونية مع الحكومة قبل 4 سنوات في سبيل إعادة مركزها ولكنها لم تفلح.
وحتى اللحظة، تستمر أعمال مبادرتين للرسم التشكيلي الخاص بالتوثيق لثورة ديسمبر، وهما "جداريات شهداء الثورة" و"تلوين وأفق جديد"، بجانب مجهودات فردية من فنانين تشكيليين مهتمين بجمال المظهر العام للمدن.
ويقول أحمد دفع الله، أحد الفاعلين في هذه المبادرات، إنهم شباب وفتيات مبدعون جمعهم هَمّ الثورة وحب الوطن، فآثروا الاستمرار لأكثر من عامين في تخليد شهداء الانتفاضة وأيقوناتها.
وأضاف "دفع الله" لـ"العين الإخبارية": "الفن التشكيلي لعب دوراً بارزاً ما يزال مستمراً في التوثيق لأحد أعظم الثورات الشعبية على مستوى العالم".
وأشار إلى أن بعض الجهات طمست كثيراً من الجداريات خصوصاً تلك الموجودة على مقربة من ساحة الاعتصام وعدد من المواقع بالخرطوم، لكن الحراك الأخير أعاد شغف الرسم الثوري للفنانين التشكيليين.
وعلى مدار ثلاث سنوات، شهد السودان أحداثاً ثورية مثيرة تخللتها مواقف بطولية للمحتجين، جميعها شكلت محوراً للفنانين التشكيليين لتخليدها.
ويحرص بعض الفنانين، ومن بينهم الصادق عبدالله، على السفر إلى مدن سودانية مختلفة من بينها كادوقلي وعطبرة (مهد الثورة السودانية) لرسم جداريات هناك تخلّد شهداء الانتفاضة وغيرها من الملاحم.
ويرى "عبدالله" في حديثه لـ"العين الإخبارية" أن الثورة شكلت فرصة سانحة للفن التشكيلي للتغلغل في وجدان السودانيين، فقبل هذه الانتفاضة لم يكن الاهتمام به كبيراً، وكان مُحارباً من السلطة السابقة.
ويضيف: "أصبح غالبية السودانيين يتعاطون بشكل إيجابي مع الفن التشكيلي الذي كان محل اهتمام شريحة المثقفين فقط، فالجداريات صارت تستهوي الجميع".
aXA6IDE4LjExOC4xOS4xMjMg جزيرة ام اند امز