من أزمة الطاقة إلى الركود.. ريشي سوناك يرث اقتصاد مأزوما
تركة ثقيلة يرثها رئيس الوزراء البريطاني الجديد ريشي سوناك، من اقتصاد في طريقه للركود حتى قبل الاضطرابات الأخيرة التي أثارتها مقترحات رئيسة الوزراء المستقيلة ليز تراس.
وتراكمت المؤشرات السلبية للاقتصاد البريطاني، بين فوائد على الدين وانهيار مبيعات التجزئة وتراجع الثقة.
بلغت قيمة الفوائد على الدين البريطاني 7.7 مليار جنيه استرليني في سبتمبر/أيلول، بزيادة 2.5 مليار عن العام السابق، وهو أعلى مبلغ يتم تسديده منذ بدء إصدار هذه البيانات الشهرية عام 1997.
واستقالت تراس، بعدما أثارت ميزانية قدمتها حول تخفيضات ضريبية ممولة من ديون، اضطرابات في الأسواق ساهمت في تراجع قيمة الجنيه الاسترليني.
وأظهرت بيانات نُشرت الاثنين تفاقما في التباطؤ الاقتصادي في أكتوبر/تشرين الأول، مع انخفاض إنتاج القطاع الخاص إلى أدنى مستوياته منذ 21 شهرًا.
وقال كبير الاقتصاديين التجاريين في S&P Global Market Intelligence كريس وليامسون "أظهرت بيانات مؤشر مديري المشتريات لشهر أكتوبر/تشرين الأول إن وتيرة التراجع الاقتصادي تزداد بعد الاضطرابات السياسية والمالية الأخيرة في الأسواق".
وأضاف "تسبب ازدياد عدم اليقين السياسي والاقتصادي بتراجع النشاط الاقتصادي إلى مستوى غير مسبوق منذ الأزمة المالية العالمية في العام 2009، مع استثناء أشهر جائحة كوفيد-19".
ولفت وليامسون إلى أن البيانات المقبلة قد تُظهر أن بريطانيا في حالة ركود بالفعل.
واستقر مؤشر مديري المشتريات المركب S&P Global/CIPS في المملكة المتحدة عند 47,2 في أكتوبر/تشرين الأول، أي أقل من مستوى 49,1 الذي سُجّل في سبتمبر/أيلول.
ويشير كلّ مستوى أدنى من 50 إلى انكماش.
غير أن المملكة المتحدة لا تعاني وحدها ركودا، فهناك أرقام منفصلة صادرة عن ستاندرد اند بورز تشير إلى "ركود وشيك" في ألمانيا التي تُعدّ الاقتصاد الأول في أوروبا.
استقالت ليز تراس الخميس من منصب رئاسة الوزراء بعد 44 يومًا فقط على توليها مهامها. وكانت قد خلفت بوريس جونسون في 6 أيلول/سبتمبر بعد حملة انتخابية لتسلم رئاسة حزب المحافظين استمر أسابيع في مواجهة سوناك.
وسبق أن حذّر سوناك، في الفترة التي تلت استقالة جونسون، من أن التخفيضات الضريبية التي وعدت بها تراس مع ارتفاع الدين الحكومي حين تدخلت الحكومة ماليًا لكبح تفشي كوفيد-19، كانت سياسة خاطئة.
وثبت أنه كان على حق اذ أدت الميزانية التي طرحتها تراس إلى انهيار قيمة الجنيه الاسترليني إلى مستوى قياسي منخفض قريب من التكافؤ مع الدولار وتسببت بارتفاع عائدات السندات الحكومية.
وتقول المحللة المالية لدى شركة "اي جاي بل" AJ Bell البريطانية داني هيوسن "يأمل المستثمرون بشكل واضح أن يؤمن سوناك استقرارًا للاقتصاد وللوضع السياسي رغم أنه من الصعب حاليًا تحديد أيهما المهمة الأصعب".
وتضيف "سيسعد سوناك برؤية (تراجع) أسعار الغاز الأوروبي، بالإضافة إلى تعافي الجنيه الاسترليني وانخفاض تكلفة الاقتراض الحكومي (مع انخفاض العائدات)".
رغم ذلك، مع ارتفاع التضخم في المملكة المتحدة إلى أعلى مستوى له في 40 عامًا إلى أكثر من 10%، يتوقع أن يكشف بنك انكلترا عن زيادة كبيرة أخرى في أسعار الفائدة في اجتماع الأسبوع المقبل.
وستؤدي هذه الزيادة إلى زيادة الضغط على المقترضين، بمن فيهم أصحاب المنازل الذين شهدوا ارتفاعًا في معدلات الرهن العقاري في أعقاب إعلان حكومة تراس ميزانيتها.
ودعت المديرة العامة لغرف التجارة البريطانية شيفون هافيلاند رئيس الوزراء البريطاني الجديد إلى تقديم مساعدة للشركات التي تعاني من فواتير الطاقة الضخمة.
وقالت في بيان صدر بعد تأكيد تسلّم سوناك منصب رئاسة الوزراء الاثنين "أضرّ الغموض السياسي والاقتصادي في الأشهر القليلة الماضية بشكل كبير بثقة الأعمال البريطانية، ويجب أن ينتهي الآن".
وأضافت "يجب أن يحكم رئيس الوزراء الجديد السيطرة على الاقتصاد في الظروف الصعبة المقبلة"، موضحة "هذا يعني وضع خطط واضحة وكاملة التكاليف للتعامل مع القضايا الكبيرة التي تواجه الشركات مثل فواتير الطاقة المرتفعة ونقص اليد العاملة والتضخم المتصاعد وارتفاع أسعار الفائدة".
ملفات ثقيلة
ارتفعت قيمة الجنيه الاسترليني وانخفضت عائدات السندات الاثنين مع اعتبار سوناك عنصرا يجلب الاستقرار إلى الأسواق.
لكن رئيس الوزراء البريطاني الجديد سيواجه قائمة تحديات اقتصادية، خلفتها جائحة كورونا، وتبعات الحرب الروسية الأوكرانية.
أولا، تجاوز معدل التضخم السنوي 10% الشهر الماضي مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية بأسرع وتيرة لها منذ أكثر من 40 عاما، وهي ذات الذروة لأسعار المستهلك عموما.
ثانيا، لم تواكب الأجور ارتفاع الأسعار، مما تسبب في أزمة تكاليف المعيشة والاضطرابات العمالية ومجموعة من الإضرابات في عديد القطاعات التي تطالب بمواءمة الأجور مع التضخم المرتفع.
ثالثا، هناك ركود عميق في الإنفاق الاستهلاكي داخل الأسواق البريطانية، إذ أظهرت بيانات أن الناس يشترون أقل مما كان عليه قبل الوباء.
رابعا، من المقرر أن ترتفع أسعار الفائدة حتى مع ركود الاقتصاد، فلم تنجح 7 زيادات على أسعار الفائدة من جانب بنك إنجلترا منذ ديسمبر/كانون الأول الماضي في استعادة الاستقرار للسياسة النقدية. ريشي سوناك رئيس وزراء بريطانيا الجديد
أول رئيس وزراء من أصل هندي
في وقت سابق الإثنين، أعلنت "لجنة 1922" القيادية في حزب المحافظين أن سوناك سيكون زعيم الحزب الجديد بعد انسحاب منافسته، ليصبح رئيس الوزراء المقبل في بريطانيا.
وفيما تعثرت منافسة سوناك الوحيدة بيني مورديت في حصد تأييد 100 نائب عن حزب المحافظين الحاكم للترشح لمنصب رئيس الوزراء، نجح سوناك في تأمين تأييد 182 نائبا (٥١% من نواب الحزب).
وبتسمية السياسي الشاب رئيسا للوزراء، بات أول شخص من أصول هندية يشغل المنصب الرفيع في تاريخ بريطانيا. كما أنه أول هندوسي متدين يتولى المنصب أيضا.
aXA6IDMuMTYuNDcuODkg جزيرة ام اند امز