تشهد العاصمة السعودية الرياض هذه الأيام فعاليات معرض الرياض الدولي للكتاب، وهي مناسبة واحتفالية سنوية سعودية تطوف حول الكتاب وصناعة النشر، يحف بها مناشطُ أخرى ومنافع للناس، أو قُل عقول الناس وجيوبهم أيضاً.
جوهر هذه الاحتفالية هو الكتاب، والكتاب هو غذاء العقل وترياق الروح، فهو خازن الأسرار الأولى، والناقل الأمين لأحاديث الغابرين، والحافظ الصادق لكلام الحاضرين.
للمرة الأولى تتولى وزارة الثقافة السعودية وهيئة الأدب والنشر والترجمة تنظيم هذه الفعالية الكبرى، بعدما كانت هذه المهمة طيلة السنوات الماضية من شأن وزارة الإعلام.
تغير موقع المعرض القديم إلى موقعه الجديد "واجهة الرياض" وهو فخيم عظيم شكلاً ومضموناً.
نرجو النجاح لهم، والبدايات مشجعة، والمهم تحقيق الأهداف الكبرى لهذه التظاهرة الثقافية، وهي تعزيز الشغف بالقراءة وتشجيع المؤلفين، وصنع سوق مربحة وراشدة وواعدة لصناعة النشر.
تزامن مع المعرض إطلاق "المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام" مشروعها الجديد للنشر، باسم "رف" للنشر، دشنت أعمالها في معرض الرياض الدولي، على أن يكون هدف الدار الجديدة أن تغدو دار النشر الأكثر تقدماً في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
لا غرو أن تطلق دار النشر هذه المجموعةُ الإعلامية العربية الكبرى، التي تصدر صحيفة "الشرق الأوسط" وغيرها، فهي السبّاقة في صناعة النشر بشكلها القديم والجديد.
حسب التفاصيل، فإن دار النشر الجديدة "رف" ستستخدم نماذج أعمال مبتكرة، وتتبنى أشكالاً رقمية وتقنيات نشر متقدمة، بما في ذلك الطباعة عند الطلب، والكتب الإلكترونية، والكتب الصوتية.
ومن المتوقع، حسب حواشي الخبر المنشور بهذه الصحيفة، أن يبلغ معدل النمو السنوي لسوق النشر العالمية 3 في المائة على مدى السنوات الخمس المقبلة، وهي صناعة عالمية تقدر قيمتها حالياً بـ92.68 مليار دولار أمريكي، ومن المتوقع أن تصل إلى 104.21 مليار دولار في 2025.
تحقق الكتب الإلكترونية نسبة نمو تقترب من 12 في المائة سنوياً، كما تسجل الكتب الصوتية نسبة النمو الأعلى، بـقيمة 24.4 في المائة، ما يمثل فرصاً تجارية واعدة أمام المجموعة.
هكذا قال الخبر، والذي يهمني فيه، هو أن النقاش الأجوف حول وسائل النشر، الصحافة الورقية أو الكتاب الورقي، كله نقاش مضلل عقيم وضار، فلا عاقل يتحدث عن "تقديس الورق"، بل حديثنا هو تعظيم الصناعة نفسها، وأصولها ومعاييرها ومهنيتها... نتحدث عن "احترام" الصنعة، وليس دروشة الصرعة.
اصنع لي كتاباً "حقيقياً" وصحيفة حقيقية، ولا يهمني بعد ذلك بأي وسيلة نشر، ورق أو بردية أو بلاستيك أو فضاء افتراضي.
أما التوجه نحو الكتاب المسموع، فهو مسعى ضروري وحميد في هذا العصر، الذي أصبح فيه المرء لاهثاً راكضاً لا يجد أو لا توجد لنفسه فرصة التركيز على صفحات الكتاب، وتشغيل بصره وبصيرته... ولذلك حديث مختلف.
نقلا عن الشرق الأوسط
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة