منذ تأسيس مجلس التعاون الخليجي عام 1981 وهو يحرص على صياغة قواعد أمنية وسياسية واقتصادية واجتماعية متناغمة.
وقد نشأت من هذا المجلس لجان تنسيق اقتصادية وأمنية وسياسية وعسكرية وثقافية، ليكون التفاعل بين دوله على المستويات كافة، واليوم بعد أربعة عقود على تأسيس هذا المجلس، فإن التحديات الأمنية والاقتصادية والسياسية تتضاعف بعمر السنين التي مرت على تأسيسه، وفي الوقت الذي يشهد فيه الإقليم اختلالات أمنية وسياسية، ظلّ مجلس التعاون الخليجي الكيان الأكثر صلابة في المنطقة.
جاءت القمة الخليجية الأخيرة في الرياض وسط كمّ هائل من المتغيرات والأحداث التي فرضت نفسها على المنطقة والعالم، وذلك ما يجعل مجلس التعاون الخليجي في سباق مع الزمن ليعيد التموضع إقليمياً وعالمياً، ويعيد ربما رسم خارطة تحالفاته وفقاً للتوازنات المستجدة وبما يمثله المجلس ودوله من ثقل اقتصادي وأمني وسياسي وتنموي إقليمياً ودولياً، وأيضا لما له من تأثير مباشر وغير مباشر في كثير من الملفات الإقليمية وبما تمليه مصلحة دول المجلس وشعوبها.
يمكن القول إن مجلس التعاون الخليجي يشهد اليوم حالة توافق غير مسبوقة إزاء ملفات التعاون الخليجي-الخليجي، وكذلك حيال القضايا الإقليمية والدولية الملحّة، عبر تعزيز التنسيق الجماعي وحماية مصالح المنطقة، وقمة الرياض اكتسبت بالتأكيد أهمية مضاعفة لكونها جاءت تثبيتاً لمخرجات قمة العُلا التي شكلت منعطفاً مهماً لتاريخ المجلس، كما أن قرارات القمة تمثل خطوة واسعة نحو استكمال مقومات الوحدة الاقتصادية والمنظومتين الدفاعية والأمنية المشتركة، ما يعد تطوراً مهماً نحو تنفيذ رؤية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود لتعزيز العمل الخليجي المشترك، والتي أقرها المجلس الأعلى في دورته الـ36 في 2015، وأيضاً ما تضمنه بيان القمة الختامي من توافق تام على دعم الحلول السياسية وفق مبادئ احترام المرجعيات المسلّم بها والشرعية الدولية وقراراتها للأزمات المفتوحة في الإقليم من اليمن إلى ليبيا مروراً بسوريا والعراق ولبنان، وضرورة معالجة الملف النووي الإيراني، خاصة الشق المتعلق بسياسة زعزعة الاستقرار التي تصرّ طهران على انتهاجها.
تقوية العلاقات بين دول مجلس التعاون الخليجي وتعزيز العمل الخليجي المشترك، يمثل اليوم خياراً ملحاً في هذه المرحلة الدقيقة التي تشهدها المنطقة، فالتحديات متعددة وخطيرة، والتقلبات الدولية باتت مقلقة.
كل هذه العوامل تستدعي تعزيز التلاحم الخليجي وتقوية الأواصر سياسياً واقتصادياً وعلى كافة الأصعدة، ليكون مجلس التعاون الخليجي قوة أكثر تأثيرا في العالم، ورقماً صعباً لا يمكن تجاهله أو القفز فوق مصالحه، أو تمرير أي اتفاقيات وتفاهمات لا تراعي مصالح دوله وتأخذها بعين الاعتبار.
خلاصة القول: خليجنا أقوى ما دام واحداً يتخذ مساراً واحداً يحقق مصالح شعوبه ويحمي أمنه واستقراره ورخاءه.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة