وعت القيادة الرشيدة في الإمارات مبكراً طبيعة التهديدات التي تمثلها جماعة الإخوان الإرهابية.
هذه الجماعة السرية، التي تستغل الدين وسيلةً لتتبوأ أعلى مناصب السلطة والتمسك بكراسيها بخطاب تجهيلي شمولي يؤمن بإلغاء الآخر وإقصاء المختلف.
ومع وعي الحلفاء والأصدقاء بمخاطر هذا التنظيم، بدأت تتساقط أحجار دومينو الإخوان من موقع إلى آخر على امتداد خارطة العالم العربي والإسلامي، بل وخارجه أيضاً، فلن تكفي الصفحات لتعداد هزائم الإخوان، الذين نشهد اليوم احتراق ورقتهم الأخيرة، وإن كان لا بدّ لنا من أن نردد بزهو بعض مفردات هذه الهزائم الإخوانية، كثورة مصر وسيادة ليبيا وإرادة تونس على وجه الخصوص، فأبناء هذه الدول الشقيقة تصدوا لسلطة الإخوان بمسيراتهم السلمية واحتجاجهم الجارف ضد ممارسات القمع والحرمان من أبسط حقوق الاختلاف والرأي الحر، حتى رأينا جموع الشعوب تنتفض وتملأ الساحات، معلنةً ألا عودة لحكم الإخوان مهما كان الثمن.
ولا يقتصر الأمر اليوم على الهزائم الواضحة لمشروع الإخوان في الدول العربية، بل وصل حدّ اكتشاف تآمرهم ومخططاتهم في دول أوروبية عريقة كالنمسا وألمانيا وفرنسا وغيرها، وفي ذلك مؤشر على الوعي بخطورتهم، التي تمثل تهديدا عالمياً عابراً للحدود، وليس أدل على ذلك من قول أسامة الأزهري، مستشار الشؤون الدينية للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، "إنّ هناك نحو 40 تيارا متطرفا خرجت من تحت عباءة الإخوان".
أبرز هذه الجماعات المتطرفة، كما ذكرها "الأزهري"، تنظيم "65" الذي تزعمه سيد قطب، مُنظّر العنف في جماعة الإخوان، وتنظيم الفنية العسكرية، والقاعدة وداعش، وبوكوحرام، وحركة حسم.
إذاً، هي وصفة خبيثة تلك التي تستعملها التنظيمات الإرهابية التي خرجت من رحم الإخوان، تحيل المسلم المسالم المعتدل إلى أداة قاتلة تضمر الشر والكراهية لكل مخالف في الرأي، وفي هذا أخطر تهديدات عدم اعتناق قيم الوسطية والسلام والتسامح، والانفتاح على الآخر، بل في ذلك مقتل الحضارة العربية والإسلامية التي ألهمت العالم.
وهنا يأتي دور الإمارات العظيم في نشر السلام وتعميمه نموذجاً عالمياً للعلاقات الثنائية بين الدول والأفراد، ساعيةً إلى إطفاء نيران الخلافات بتغليب المصالح المشتركة والحوار، في إطار استراتيجية عالمية تعكس القوة الناعمة للدولة، وتبرز جهودها الخيرة في ترسيخ العلاقات الإنسانية المتوازنة في الإقليم وخارجه، وتطوي صفحة مؤلمة عانت خلالها المنطقة لأكثر من عشر سنوات من التركة الثقيلة لأمثال سيد قطب، وعاشت خلالها شعوبها أفظع المعاناة على وعد أن تتخلص منطقتنا من بقاياهم وشرذمتهم المتناثرة هنا وهناك.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة